وفي ابن المنذر بسند صحيح ، عن الحسن البصري : أول من خطب قبل الصلاة عثمان صلى بالناس ثم خطبهم ؛ أي : على العادة ، فرأى الناس لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك ؛ أي : صار يخطب قبل الصلاة ، وهذه العلة غير التي اعتل بها مروان ؛ لأن عثمان راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة ، وأما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة ، لكن قيل : إنهم في زمنه كانوا يتعمدون ترك سماعهم لما فيها من سب من لا يستحق السب ، والإفراط في مدح بعض الناس ، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه ، ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانا بخلاف مروان ، فواظب عليه ، ولذا نسب إليه ، وروي عن عمر مثل فعل عثمان ، قال عياض ومن تبعه : لا يصح عنه ، وفيه نظر ؛ لأن عبد الرزاق وابن أبي شيبة روياه جميعا عن ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن يوسف بن عبد الله بن سلام ، وهذا إسناد صحيح لكن يعارضه حديث ابن عباس وابن عمر ، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادرا وإلا فما في الصحيحين أصح .
وأخرج الشافعي ، عن عبد الله بن يزيد نحو حديث ابن عباس وزاد : حتى قدم معاوية فقدم الخطبة . وهذا يشير إلى أن مروان إنما فعل ذلك تبعا لمعاوية ؛ لأنه كان أمين المدينة من جهته .
وروى عبد الرزاق عن ابن جريج ، عن الزهري : أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية .
وروى ابن المنذر ، عن ابن سيرين : أول من فعل ذلك زياد بالبصرة .
قال عياض : ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان ؛ لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية ، فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله .