445 446 - ( مالك ، عن زيد بن أسلم ) العدوي مولاهم المدني ( عن عطاء بن يسار ) بتحتية [ ص: 634 ] ومهملة خفيفة ( عن عبد الله بن عباس أنه قال : خسفت ) بفتحات ( الشمس ) زاد القعنبي : على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و ) صلى ( الناس معه ) ، ففيه مشروعية الجماعة فيها ( فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ) فيه أن القراءة كانت سرا ، وكذا قول عائشة في بعض طرق حديثها : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352190فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة ، وقول بعضهم : كان ابن عباس صغيرا ، فمقامه آخر الصفوف فلم يسمع القراءة ، فحزر المدة مردود بقول ابن عباس : قمت إلى جانب النبي - صلى الله عليه وسلم - فما سمعت منه حرفا ، قاله أبو عمر .
( ثم ركع ركوعا طويلا ) وهو الركوع الأول ، ثم سجد سجدتين فأطال فيهما نحو الركوع على ما دلت عليه الأحاديث كما مر ، ( ثم قام قياما طويلا ) بنحو النساء ( وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ) يحتمل أن يريد دون الأول في القيام الأول والركوع الأول ، ويحتمل أن يريد الركوع الذي يليه ، وأي ذلك كان فلا حرج إن شاء الله تعالى ، قاله ابن عبد البر .
وقال الباجي : إنما يريد القيام الذي يليه لأنه أبين ، ولأنه انصرف إلى القيام الأول لم يعلم إن كان تقدير الثاني أكثر منه فإضافته إلى ما يليه أولى .
وقال النووي : اتفقوا على أن القيام الثاني وركوعه فيهما أقصر من القيام الأول وركوعه فيهما ، واختلفوا في القيام الأول من الثانية وركوعه هل هما أقصر من القيام الثاني من الأول وركوعه أو هما سواء ؟ قيل : وسبب هذا الخلاف فهم معنى قوله : وهو دون القيام الأول ، هل المراد به الأول من الثانية أو يرجع إلى الجميع فيكون كل قيام دون ما قبله ؟ ورواية الإسماعيلي تعين الثاني ولفظه الأولى فالأولى أطول ، ويرجحه أيضا أنه لو كان المراد بقوله : " القيام الأول " أول قيام من الأولى لكان القيام الثاني والثالث مسكوتا عن مقدارهما الأول أكثر فائدة ، انتهى .
( ثم رفع ) من الركوع ( فقام قياما طويلا ) نحو المائدة ( وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ) سجدتين ( ثم انصرف ) من الصلاة [ ص: 635 ] ( و ) الحال أنها ( قد تجلت الشمس ) قبل انصرافه من الصلاة ، وذلك بين جلوسه في التشهد والسلام كما في حديث ابن عمر ، وفي الصحيح : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352194ثم جلس ثم جلي عن الشمس ( فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352186إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان ) بفتح الياء وسكون الخاء وكسر السين ويجوز ضم أوله وفتح السين ( لموت أحد ولا لحياته ) بل هما مخلوقان لا تأثير لهما في أنفسهما فضلا ، عن غيرهما ، ففيه بيان ما يخشى اعتقاده على غير الصواب ، ورد على من يزعم أن للكواكب تأثيرا في الأرض لانتفاء ذلك ، عن الشمس والقمر فكيف بما دونهما ؟
( فقال ) - صلى الله عليه وسلم - ( إني رأيت الجنة ) رؤية عين بأن كشف له دونها فرآها على حقيقتها ، وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها ، وهذا أشبه بظاهر الحديث ، ويؤيده حديث أسماء في الصحيح بلفظ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352198دنت مني الجنة حتى لو اجترأت عليها لجئتكم بقطاف من قطافها " ومنهم من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة ، فرأى جميع ما فيها ، ويؤيده حديث أنس في الصحيح : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352199لقد عرضت علي الجنة آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي " ، وفي رواية : " لقد مثلت " ، ولمسلم : " لقد صورت " ، ولا يرد على هذا أن الانطباع إنما هو في الأجسام الصقيلة ؛ لأنه شرط عادي فيجوز أن تنخرق العادة خصوصا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : لكن هذه قصة أخرى وقعت في صلاة الظهر ، ولا مانع أن يرى الجنة والنار مرتين بل مرارا على صور مختلفة ، وأبعد من قال : الرؤية العلم .
قال القرطبي : لا إحالة في بقاء هذه الأمور على ظواهرها لا سيما على مذهب أهل السنة في أن الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا ، فيرجع إلى أن الله خلق لنبيه إدراكا خاصا أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما .
وحكى ابن العربي عن بعض شيوخه أن معناه أن أصحهما في نفس الآكل مثل الذي أكل دائما بحيث لا يغيب عن ذوقه ، وتعقب بأنه رأي فلسفي مبني على أن الدار الآخرة لا حقائق لها ، وإنما هي أمثال .
وبين سعيد بن منصور من وجه آخر ، عن زيد بن أسلم أن هذا التناول المذكور كان حال قيامه الثاني من الركعة الثانية .
قال ابن بطال : لم يأخذ العنقود ؛ لأنه من طعام الجنة ، وهو لا يفنى ، والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى .
وقيل : لأنه لو رآه الناس لكان إيمانهم بالشهادة لا بالغيب ، فيخشى أن ترفع التوبة ، فلا ينفع نفسا إيمانها .
وقيل : لأن الجنة جزاء الأعمال ، والجزاء بها لا يقع إلا في الآخرة .
( قالوا : لم يا رسول الله ؟ قال : لكفرهن ) بـ " لام " هنا وفي " لم " ، وللقعنبي : " بم " بالباء فيهما وأصله : بما يألف ؛ حذفت تخفيفا .
( قيل : يكفرن بالله ) تعالى بهمزة الاستفهام ( قال : ويكفرن العشير ) أي : الزوج ؛ أي : إحسانه ، كذا ليحيى وحده بالواو ولم يزدها غيره ، والمحفوظ عن مالك من رواية سائر الرواة : بلا واو ؛ قاله ابن عبد البر ، وكذا في مسلم من رواية حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم بغير واو ، قال الحافظ : اتفقوا على أن الواو غلط من يحيى ، فإن كان المراد من تغليطه أنه خالف غيره من الرواة فهو كذلك ، وأطلق على الشذوذ غلطا ، وإن كان المراد فساد المعنى فليس كذلك ؛ لأن الجواب طابق السؤال ، وزاد : وذلك أنه أطلق لفظ النساء فعم المؤمنة منهن والكافرة ، فلما قيل : أيكفرن بالله ؟ فأجاب بقوله : ويكفرن . . . . إلخ ، كأنه قال : نعم يقع منهن الكفر بالله وغيره ، لأن منهن من يكفرن بالله ، ومنهن من يكفرن الإحسان .
وقال ابن عبد البر : وجه رواية يحيى أن يكون الجواب لم يقع على وفق سؤال السائل ، لإحاطة العلم بأن من النساء من يكفرن بالله ، فلم يحتج إلى جوابه ؛ لأن المقصود في الحديث خلافه .
قال الكرماني : لم يعد كفر العشير بالباء كما عدي الكفر بالله ، لأن كفر العشير لا يتضمن معنى الاعتراف .
( ويكفرن الإحسان ) كأنه بيان لقوله : يكفرن العشير ؛ لأن المراد كفر إحسانه لا كفر ذاته ، فالجملة مع الواو مبينة للأولى نحو : أعجبني زيد وكرمه ، والمراد بكفر الإحسان تغطيته أو جحده ، ويدل عليه قوله : ( لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ) نصب على الظرفية ( كله ) أي : مدة عمر الرجل أو الزمان مبالغة ( ثم رأت منك شيئا ) قليلا لا يوافق غرضها من أي نوع كان ، فالتنوين للتقليل ( قالت : ما رأيت منك خيرا قط ) بيان للتغطية المذكورة ، و " لو " شرطية لا امتناعية .
قال الكرماني : ويحتمل أنها امتناعية بأن يكون الحكم ثابتا على التعيين ، والمظروف المسكوت عنه أولى من المذكور ، وليس المراد خطاب رجل بعينه بل كل من يتأتى أن يخاطب فهو خاص لفظا عام معنى .
ولا يخلو إسناد منها عن علة كما بينه البيهقي وابن عبد البر ، ونقل صاحب الهدي عن الشافعي وأحمد والبخاري أنهم عدوا الزيادة على ركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة ، فإن أكثر طرق الحديث يمكن رد بعضها إلى بعض ، ويجمعها أن ذلك كان يوم موت إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا اتحدت القصة تعين الأخذ بالراجح ، وجمع بعضهم بين هذه الأحاديث بتعدد الواقعة ، وأن الكسوف وقع مرارا فتجوز هذه الأوجه كلها ، وإلى ذلك نحا إسحاق ، لكن لم تثبت عنده الزيادة على أربع ركوعات ، وقال أبو عمر : قد يكون ذلك اختلاف إباحة وتوسعة ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - صلى الكسوف مرارا ، فحكى كل واحد ما رأى ، وكلهم صادق جعلهم المصطفى كالنجوم من اقتدى بأيهم اهتدى ، انتهى .
وروى حديث الباب البخاري ومسلم عن القعنبي ، ومسلم من طريق إسحاق بن عيسى كلاهما ، عن مالك به .