451 452 - ( مالك عن صالح بن كيسان ) بفتح فسكون ، المدني ، ثقة ثبت فقيه تقدم ( عن عبيد الله ) بضم العين ( ابن عبد الله ) بفتحها ( ابن عتبة ) بضمها وسكون المثناة ( ابن مسعود ) أحد الفقهاء ( عن زيد بن خالد الجهني ) بضم الجيم ، وفتح الهاء هكذا يقول صالح لم يختلف عليه فيه ، وخالفه الزهري فرواه عن شيخهما ( عبيد الله ) فقال عن أبي هريرة أخرجه مسلم عقب رواية صالح فصحح الطريق ؛ لأن عبد الله سمع من زيد وأبي هريرة جميعا عدة أحاديث ، منها حديث العسيف وحديث الأمة إذا زنت ، فلعله سمع هذا منهما فحدث به تارة عن هذا ، وتارة عن هذا ، وإنما لم يجمعهما لاختلاف لفظهما ، وقد صرح صالح بسماعه له من عبيد الله عند أبي عوانة قاله الحافظ ( أنه قال : صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) أي : لأجلنا ، واللام بمعنى الباء ؛ أي : صلى بنا وفيه جواز إطلاق ذلك مجازا وإنما الصلاة لله تعالى ( صلاة الصبح بالحديبية ) بالمهملة والتصغير مخففة الياء عند المحققين مشددة عند أكثر المحدثين ، يقال : سميت بشجرة حدباء كانت هناك ، وكان تحتها بيعة الرضوان ( على إثر ) بكسر الهمزة وسكون المثلثة على المشهور وهو ما يعقب الشيء ؛ أي : على عقب ( سماء ) أي : مطر وأطلق عليها سماء لنزولها من جهة السماء ، وكل جهة علو يسمى سماء ( كانت ) السماء ( من الليل ) بالجمع للأكثر ، وفي رواية من الليلة بالإفراد ( فلما انصرف ) من صلاته أو من مكانه ( أقبل على الناس ) بوجهه الوجيه ( فقال ) لهم ( أتدرون ) ولأويسي هل تدرون ؟ ( ماذا قال ربكم ) بلفظ الاستفهام ومعناه التنبيه ، وللنسائي من طريق سفيان ، عن صالح : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352272ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة ؟ ( قالوا : الله ورسوله أعلم ) فيه طرح الإمام المسألة على أصحابه ، وإن كانت لا تدرك إلا بدقة نظر ، واستنبط منه بعض شيوخنا أن للولي المتمكن من النظر في الإشارات أن يأخذ منها عبارات ينسبها إلى الله تعالى ، وكأنه أخذه من استفهام النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابة وحمل الاستفهام على الحقيقة ، لكنهم فهموا خلاف ذلك ؛ ولذا لم يجيبوا إلا بتفويض الأمر إلى الله تعالى ورسوله ؛ قاله الحافظ . ( قال : قال ) ربكم وهذا من الأحاديث [ ص: 654 ] الإلهية وهي تحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذها عن الله تعالى بلا واسطة أو بواسطة ( أصبح من عبادي ) إضافة تعميم بدليل تقسيمه لمؤمن وكافر بخلاف قوله : ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) ( سورة الحجر : الآية 42 ) فإضافة تشريف ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352273مؤمن بي وكافر بي ) كفر إشراك لمقابلته بالإيمان أو كفر نعمة لما في مسلم قال الله : " ما nindex.php?page=hadith&LINKID=10352274أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين " ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352275فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب ) بالإفراد ، وفي رواية : بالكواكب ؛ بالجمع . ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10352276وأما من قال مطرنا بنوء ) بفتح النون وسكون الواو والهمز ؛ أي : بكوكب ( كذا وكذا ) وفي حديث أبي سعيد عند النسائي : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352277مطرنا بنوء المجدح ؛ بكسر الميم وفتح الدال ومهملة ، ويقال : بضم أوله وهو الدبران - بفتح المهملة والموحدة بعدها راء - قيل سمي بذلك لاستدباره الثريا وهو نجم أحمر منير ، قال ابن قتيبة : النوء سقوط نجم في المغرب من النجوم الثمانية وعشرين التي هي منازل القمر ، من ناء إذا سقط .
وقال آخرون : النوء طلوع نجم منها ، من ناء إذا نهض ، ولا خلف بين القولين في الوقت ؛ لأن كل نجم منها إذا طلع في الشرق طلع آخر في المغرب إلى انتهاء الثمانية وعشرين ، وكل من النجوم المذكورة نوء ، غير أن بعضها أحمر وأغزر من غيره ، ونوء الدبران لا يحمد عندهم ، انتهى .
قال ابن العربي : أدخل مالك هذا الحديث في الاستسقاء لوجهين ؛ أحدهما : أن العرب كانت تنتظر السقيا في الأنواء فقطع - صلى الله عليه وسلم - هذه العلاقة بين القلوب والكواكب . الثاني : أن الناس أصابهم القحط في زمان عمر فقال للعباس : كم بقي من أنواء الثريا ؟ فقال العباس : زعموا أنها تعترض في الأفق سبعا فما مرت حتى نزل المطر ، فانظر إلى عمر والعباس وقد ذكرا الثريا ونوءها وتوقعا ذلك في وقتها ، ثم من انتظر المطر من الأنواء على أنها فاعلة له دون الله فهو كافر ، ومن اعتقد أنها فاعلة بما جعل الله فيها فهو كافر ، لأنه لا يصح الخلق والأمر إلا لله كما قال : ( ألا له الخلق والأمر ( سورة الأعراف : الآية 54 ) ومن انتظرها وتوكف المطر منها على أنها عادة أجراها الله تعالى فلا شيء عليه ؛ لأن الله أجرى العوائد في السحاب والرياح والأمطار لمعان تترتب في الخلقة وجاءت على نسق في العادة ، انتهى .
وذكر نحو تفصيله الباجي وزاد أنه مع كونه لا يكفر في الثالث لا يجور إطلاق هذا اللفظ بوجه ، وإن لم يعتقد ما ذكر لورود الشرع بمنعه ولما فيه من إيهام السامع ، وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ، والبخاري أيضا عن إسماعيل ، ومسلم في كتاب الإيمان عن يحيى ، والنسائي من طريق ابن القاسم أربعتهم عن مالك به ، وتابعه سفيان وسليمان بن بلال كلاهما عن صالح عند البخاري .