أي : في فضل الصلاة فيه وأن فيه روضة من الجنة ، ولم يقل : والمسجد الحرام ، لأن حديثي الروضة المذكورين في الباب لا ذكر له فيهما ، والأول وإن دل على فضل الصلاة فيه ، لكن ليس فيه نص في العدة كمسجده - صلى الله عليه وسلم - .
461 463 - ( مالك ، عن زيد بن رباح ) بفتح الراء وتخفيف الموحدة وحاء مهملة المدني الثقة المتوفى سنة إحدى وثلاثين ومائة .
( وعبيد الله ) بضم العين مصغر ( ابن أبي عبد الله ) المدني ، ثقة كلاهما ( عن أبي عبد الله سلمان ) بفتح فسكون ( الأغر ) بفتح الهمزة والغين المعجمة وشد الراء ؛ المدني مولى جهينة ، أصله من أصبهان ، ثقة .
( عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=10352308صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة ) تصلى ( فيما سواه ) قال النووي : ينبغي [ ص: 669 ] أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان في زمانه - صلى الله عليه وسلم - دون ما زيد فيه بعده ؛ لأن التضعيف إنما ورد في مسجده وقد أكده بقوله هذا ، بخلاف مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة ، بل صحح النووي أنه يعم الحرم كذا في الفتح .
( إلا المسجد الحرام ) بالنصب على الاستثناء ، وروي بالجر على أن " إلا " بمعنى غير ، واختلف في معناه ، فقيل : إن الصلاة فيه أفضل من مسجده ، وقيل إن الصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم - تفضله بأقل من ألف .
وقال الباجي : الذي يقتضيه الاستثناء أن المسجد الحرام حكمه خارج عن أحكام سائر المواطن في الفضيلة المذكورة ، ولا يعلم حكمه من هذا الخبر ، فيصح أن تكون الصلاة فيه أفضل من مسجده أو دونه أو مساويه ، وكذا قال ابن بطال ورجح التساوي ؛ لأنه لو كان فاضلا أو مفضولا لم يعلم مقدار ذلك إلا بدليل بخلاف المساواة
قال ابن عبد البر : لفظ " دون " يشمل الواحد فيلزم أن الصلاة في مسجد المدينة أفضل من الصلاة في مسجد مكة بتسعمائة وتسع وتسعين صلاة وهو باطل ، ثم التضعيف المذكور يرجع إلى الثواب ، ولا يتعدى إلى الإجزاء باتفاق العلماء كما نقله النووي وغيره ، فمن عليه صلاتان فصلى في أحد المسجدين صلاة لم تجزه إلا عن واحدة ، وإن أوهم كلام أبي بكر النقاش في تفسيره خلافه فإنه قال : حسبت الصلاة في المسجد الحرام فبلغت صلاة واحدة عمر خمس وخمسين سنة وستة أشهر وعشرين ليلة ، انتهى .
وهذا مع قطع النظر عن التضعيف بالجماعة ، فإنها تزيد سبعا وعشرين درجة ، لكن هل يجتمع أو لا ، محل بحث ؟ واستدل به الجمهور على تضعيف الصلاة فرضا أو نفلا في المسجد ، وخصه [ ص: 670 ] الطحاوي وغيره بالفرائض لقوله - صلى الله عليه وسلم - : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352314أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " ويمكن أن يقال : لا مانع من إبقاء الحديث على عمومه ، فتكون صلاة النافلة في بيت بالمدينة أو مكة تضاعف على صلاتها في البيت بغيرهما ، وكذا في المسجدين وإن كانت في البيوت أفضل مطلقا ، انتهى .
وأخرجه البخاري ، عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك به .
قال أبو سلمة : وأبو عبد الله لم يشك أن أبا هريرة كان يقول عن حديث رسول الله فمنعنا ذلك أن نستثبته حتى إذا توفي أبو هريرة تذاكرنا وتلاومنا أن لا نكون كلمناه في ذلك حتى نسنده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان سمعه منه ، فبينا نحن على ذلك جالسنا عبد الله بن إبراهيم ، فذكرنا ذلك والذي فرطنا فيه ، فقال لنا عبد الله : أشهد أني سمعت أبا هريرة يقول : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352316قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فإني آخر الأنبياء وإن مسجدي آخر المساجد " قال عياض : هذا ظاهر في تفضيل مسجده لهذه العلة .
قال القرطبي : لأن ربط الكلام بفاء التعليل يشعر بأن مسجده إنما فضل على المساجد كلها ؛ لأنه متأخر عنها ، ومنسوب إلى نبي متأخر عن الأنبياء كلهم ، فتدبره فإنه واضح ، انتهى .