472 474 - ( مالك عن ابن شهاب ) محمد بن مسلم الزهري ( عن عروة بن الزبير ) ابن العوام ( عن عبد الرحمن بن عبد ) بلا إضافة ( القاري ) بشد الياء ، نسبة إلى القارة ، بطن من خزيمة بن مدركة ، من كبار التابعين ، وعد في الصحابة لكونه أتي به للنبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو صغير ، كما أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة بإسناد لا بأس به ( أنه قال : سمعت عمر بن الخطاب [ ص: 8 ] يقول : سمعت هشام بن حكيم بن حزام ) بكسر المهملة وزاي ، ابن خويلد بن أسد الأسدي ، صحابي ابن صحابي ، ومات قبل أبيه ، ووهم من زعم أنه استشهد بأجنادين ( يقرأ سورة الفرقان ) وغلط من قال سورة الأحزاب ( على غير ما أقرؤها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها ) وفي رواية عقيل عن ابن شهاب الزهري : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352335فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم " ، قال ابن عبد البر : ففي هذه الرواية بيان أن اختلافهما كان في حروف من السورة لا في السورة كلها وهي تفسير لرواية مالك ; لأن سورة واحدة لا تقرأ حروفها كلها على سبعة أوجه ، بل لا يوجد في القرآن كلمة تقرأ على سبعة أوجه إلا قليل من كثير مثل : ( ربنا باعد بين أسفارنا ) ( سورة سبأ : الآية 19 ) و ( وعبد الطاغوت ) ( سورة المائدة : الآية 60 ) و ( إن البقر تشابه علينا ) ( سورة البقرة : الآية 70 ) و ( بعذاب بئيس ) ( سورة الأعراف : الآية 165 ) ونحوه ، ( فكدت أن أعجل عليه ) بفتح الهمزة وسكون العين وفتح الجيم ، وفي رواية " أعجل " بضم الهمزة وفتح العين وكسر الجيم مشددة أي أخاصمه وأظهر بوادر غضبي عليه ، ( ثم أمهلته حتى انصرف ) من الصلاة ففي رواية عقيل : فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم . وأساوره بضم الهمزة وفتح المهملة أي آخذ برأسه أو أواثبه ، فليس المراد انصرف من القراءة كما زعم الكرماني ، ( ثم لببته ) بموحدتين أولاهما مشددة ، وقال عياض : التخفيف أعرف ( بردائه ) : أي أخذت بمجامعه وجعلته في عنقه وجررته به لئلا ينفلت ، مأخوذ من اللبة بفتح اللام ; لأنه يقبض عليها ، وإنما فعل عمر ذلك اعتناء بالقرآن وذبا عنه ومحافظة على لفظه كما سمعه من غير عدول إلى ما تجوزه العرب مع ما كان عليه من الشدة في الأمر بالمعروف .
زاد في رواية عقيل : " فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال : أقرأنيها رسول الله ، فقلت : كذبت ، فإن رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت " . وفيه إطلاق الكذب على غلبة الظن ، فإنه إنما فعل ذلك اجتهادا منه لظنه أن هشاما خالف الصواب ، وساغ له ذلك لرسوخ قدمه في الإسلام وسابقته ، بخلاف هشام فإنه من مسلمة الفتح فخشي أن لا يكون أتقن القراءة ، ولعل عمر لم يكن سمع حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف قبل ذلك ( فجئت به رسول الله ) وفي رواية عقيل : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352336فانطلقت به أقوده إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم " ( فقلت يا رسول الله ، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غير ما أقرأتنيها ) ، وفي رواية عقيل : " على حروف لم تقرئنيها " . ( فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أرسله ) [ ص: 9 ] بهمزة قطع أي أطلقه ; لأنه كان ممسوكا معه ( ثم قال اقرأ ) يا هشام ، ( فقرأ القراءة التي سمعته يقرأ ) بها ( فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هكذا أنزلت ، ثم قال لي : اقرأ ) يا عمر ( فقرأتها ) ، وفي رواية عقيل : " فقرأت القراءة التي أقرأني " ( فقال هكذا أنزلت ) ثم قال ، صلى الله عليه وسلم ، تطييبا لقلب عمر لئلا ينكر تصويب الأمرين المختلفين : ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ) جمع حرف مثل فلس وأفلس ( فاقرءوا ما تيسر منه ) أي المنزل بالسبعة ، ففيه إشارة إلى أن حكمة التعدد للتيسير على القارئ ، ولم يقع في شيء من الطرق تفسير الأحرف التي اختلف فيها عمر وهشام من سورة الفرقان ، نعم اختلف الصحابة فمن دونهم في أحرف كثيرة من هذه السورة كما بينه في التمهيد بما يطول ، ووقع لجماعة من الصحابة نظير ما وقع لعمر مع هشام ، كأبي بن كعب مع ابن مسعود في سورة النحل ، وعمرو بن العاص مع رجل في آية من الفرقان عند أحمد ، وابن مسعود مع رجل في سورة من آل حم ، رواه ابن حبان والحاكم ، وأما حديث سمرة رفعه " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352337أنزل القرآن على ثلاثة أحرف " رواه الحاكم قائلا : تواترت الأخبار بالسبعة إلا في هذا الحديث ، فقال أبو شامة : يحتمل أن بعضه أنزل على ثلاثة أحرف كجذوة والرهب ، أو أراد أنزل ابتداء على ثلاثة أحرف ثم زيد إلى سبعة توسعة على العباد ، والأكثر أنها محصورة في السبعة ، وقيل : ليس المراد حقيقة العدد بل التسهيل والتيسير والشرف والرحمة وخصوصية الفضل لهذه الأمة ، فإن لفظ سبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد كما يطلق السبعون في العشرات والسبعمائة في المئين ولا يراد العدد المعين ، وإلى هذا جنح عياض ومن تبعه ، ورد بحديث ابن عباس في الصحيحين " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352338أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف " . وفي حديث أبي عند مسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352339إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت عليه أن هون على أمتي فأرسل إلي أن أقرأه على سبعة أحرف " . وللنسائي : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352340إن جبريل وميكائيل أتياني فقعد جبريل على يميني وميكائيل على يساري ، فقال جبريل : اقرأ القرآن على حرف ، فقال ميكائيل : استزده حتى بلغ سبعة أحرف " . وفي حديث أبي بكرة عند أحمد : " فنظرت إلى ميكائيل فسكت فعلمت أنه قد انتهت العدة " . فهذا يدل على إرادة حقيقة العدد وانحصاره ، واختلف في ذلك على نحو أربعين قولا أكثرها غير مختار ، قال ابن العربي : لم يأت في ذلك نص ولا أثر . وقال أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي : هذا من المشكل الذي لا يدرى معناه ; لأن الحرف يأتي لمعان للهجاء وللكلمة وللمعنى والجهة ، انتهى .
وأقربها قولان : أحدهما : أن المراد سبع لغات ، وعليه أبو عبيدة وثعلب والزهري وآخرون ، وصححه ابن عطية والبيهقي [ ص: 10 ] وتعقب بأن لغات العرب أكثر من سبعة ، وأجيب بأن المراد أفصحها
والثاني : أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة نحو أقبل وتعال وهلم وعجل وأسرع ، وعليه سفيان بن عيينة وابن وهب وخلائق ، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء ، لكن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي ، وهو أن كل واحد يغير الكلمة بمرادفها من لغته ، بل ذلك مقصور على السماع منه ، صلى الله عليه وسلم ، كما يشير إليه قول كل من عمر وهشام : أقرأني النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولئن سلم إطلاق الإباحة بقراءة المرادف ولو لم يسمع ، لكن إجماع الصحابة زمن عثمان الموافق للعرضة الأخيرة يمنع ذلك ، واختلف هل السبعة باقية إلى الآن يقرأ بها أم كان ذلك ، ثم استقر على الأمر بعضها ؟ ذهب الأكثر إلى الثاني كابن عيينة وابن وهب والطبري والطحاوي ، وهل استقر ذلك في الزمن النبوي أم بعده ؟ الأكثر على الأول واختاره الباقلاني وابن عبد البر وابن العربي وغيرهم ; لأن ضرورة اختلاف اللغات ومشقة نطقهم بغير لغتهم اقتضت التوسعة عليهم في أول الأمر ، فأذن لكل أن يقرأ على حرفه أي على طريقته في اللغة حتى انضبط الأمر وتدربت الألسن وتمكن الناس من الاقتصار على لغة واحدة فعارض جبريل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، القرآن مرتين في السنة الأخيرة واستقر على ما هو عليه الآن فنسخ الله تلك القراءة المأذون فيها بما أوجبه من الاقتصار على هذه القراءة التي تلقاها الناس .
قال أبو شامة : ظن قوم أن المراد القراءات السبع الموجودة الآن وهو خلاف إجماع العلماء ، وإنما يظن ذلك بعض أهل الجهل
وقال مكي بن أبي طالب : من ظن أن قراءة هؤلاء كعاصم ونافع هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطا عظيما ، ويلزم منه أن ما خرج من قراءتهم مما ثبت عن الأئمة وغيرهم ووافق خط المصحف أن لا يكون قرآنا ، وهذا غلط عظيم ، وقد بين الطبري وغيره أن اختلاف القراء إنما هو حرف واحد من السبعة ، وهذا الحديث أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به