475 477 - ( مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه أنه قال ) لم تختلف الرواة عن مالك في إرساله ، وأخرجه الترمذي من رواية سعيد بن يحيى بن سعيد ، عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : ( أنزلت عبس وتولى في عبد الله بن أم مكتوم ) القرشي العامري من بني عامر بن لؤي ، وقيل : اسمه عمرو بفتح العين ، وهو الأكثر ، وهو ابن قيس بن زائدة بن الأصم ، ومنهم من قال : عمرو بن زائدة نسبة لجده ، ويقال : كان اسمه الحصين فسماه النبي عبد الله ، حكاه ابن حبان
وقال ابن سعد : أهل المدينة يقولون : اسمه عبد الله ، وأهل العراق يقولون : اسمه عمرو ، واسم أمه أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله المخزومية ، أسلم قديما [ ص: 16 ] بمكة ، وكان من المهاجرين الأولين ، قدم المدينة قبل أن يهاجر النبي على الأصح ، وقيل بعد وقعة بدر بقليل
وروى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أنه ، صلى الله عليه وسلم ، استخلفه ثلاث عشرة مرة ، وله حديث في السنن ، وخرج إلى القادسية فشهد القتال فاستشهد ، وقيل بل شهدها ورجع إلى المدينة فمات بها ، ولم يسمع له ذكر بعد عمر بن الخطاب ، وفيه نزل : ( غير أولي الضرر ) ( سورة النساء : الآية 95 ) كما في البخاري و ( عبس وتولى ) ( سورة عبس . : الآية 1 ) ( جاء إلى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ) بمكة ( فجعل يقول : يا محمد ) قبل النهي عن ندائه باسمه ; لأنه نزل بالمدينة ( استدنيني ) بياء بين النونين ، ورواه ابن وضاح : " استدنني " بحذفها ، أي أشر لي إلى موضع قريب منك أجلس فيه ( وعند النبي ، صلى الله عليه وسلم ، رجل من عظماء ) جمع عظيم ( المشركين ) وهو أبي بن خلف ، رواه أبو يعلى عن أنس ، ولابن جرير عن ابن عباس أنه كان ، صلى الله عليه وسلم ، يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل والعباس
وله من مرسل قتادة : وهو يناجي أمية بن خلف ، وحكى ذلك كله ابن عبد البر والباجي خلافا في تفسير المبهم ، وزاد قولا أنه شيبة بن ربيعة ( فجعل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يعرض عنه ) ثقة بما في قلبه من الإسلام ، لا سيما والذي طلبه من التفقه في الدين لا يفوت .
ففي حديث ابن عباس : فقال : " علمني مما علمك الله فأعرض عنه " ( ويقبل على الآخر ) رجاء إسلامه ; لأنه كان يحب إسلام الخلق ، إذ هو مأمور بالإنذار وبالدعاء إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ( ويقول : يا أبا فلان ) خاطبه بالكنية استئلافا ( هل ترى بما أقول بأسا ؟ فيقول : لا والدماء ) بالمد ، قال ابن عبد البر : رواية طائفة عن مالك بضم الدال أي الأصنام التي كانوا يعبدون ويعظمون واحدتها دمية ، وطائفة بكسر الدال أي دماء الهدايا التي كانوا يذبحونها بمنى لآلهتهم ، قال توبة بن الحير :
علي دماء البدن إن كان بعلها يرى لي ذنبا غير أني أزورها
وقال آخر :
أما ودماء المزجيات إلى منى لقد كفرت أسماء غير كفور
( ما أرى بما تقول بأسا ) شدة بل هو روح الأرواح ( فأنزلت عبس وتولى ) أعرض ( أن جاءه الأعمى ) زاد أبو يعلى عن أنس : " فكان النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بعد ذلك يكرمه " ، وفي حديث ابن عباس : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10352351فكان إذا نظر إليه بعد ذلك مقبلا بسط إليه رداءه حتى يجلسه عليه ، وكان إذا خرج [ ص: 17 ] من المدينة استخلفه يصلي بالناس حتى يرجع " وقالت عائشة : عاتب الله نبيه في سورة عبس قالت : ولو كتم من الوحي شيئا لكتم هذا . وإنما حصلت صورة العتاب مع أن فعله ، صلى الله عليه وسلم ، كان طاعة لربه وتبليغا عنه واستئلافا له كما شرعه له ; لأن ابن أم مكتوم بسبب عماه استحق مزيد الرفق ، والمستفاد من الآية إعلام الله تعالى بأن ذلك المتصدي له لا يتزكى ، وأنه لو كشف له حال الرجلين لاختار الإقبال على الأعمى ، ففيه الحث على الترحيب بالفقراء والإقبال عليهم في مجالس العلم وقضاء حوائجهم وعدم إيثار الأغنياء عليهم وفي الحديث : الاعتناء بعلم السير وما ارتبط بها من علم نزول القرآن ومتى نزل وفي من نزل وإنه لحسن .