وقد ذكرنا أن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم إلى أهل اليمن في السنن ، والفرائض ، والديات كتاب مشهور عند أهل العلم معروف يستغني بشهرته عن الإسناد .
وأخبرنا عبد الرحمن بن مروان ، قال : حدثنا أبو الطيب أحمد بن سليمان بن عمرو الجريري ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13905أبو العباس حامد بن شعيب البلخي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14153أبو صالح الحكم بن موسى ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17311يحيى بن حمزة ، حدثنا سليمان بن داود ، حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن في السنن ، والفرائض ، والديات : أن لا يمس القرآن إلا طاهر . مختصر ، والدليل على صحة كتاب عمرو بن حزم تلقي جمهور العلماء له بالقبول ، ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة ، والعراق ، والشام أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء . وهو قول مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ابن راهويه ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأبي عبيد ، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم .
وروي ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ، nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ، وعطاء ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق ابن راهويه : لا يقرأ أحد في المصحف إلا وهو متوضئ ، [ ص: 398 ] وليس ذلك لقول الله عز وجل : لا يمسه إلا المطهرون ولكن لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014343لا يمس القرآن إلا طاهر .
قال أبو عمر : وهذا يشبه مذهب مالك على ما دل عليه قوله في موطئه . وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وأحمد : لا يمس المصحف الجنب ، ولا الحائض ، ولا غير المتوضئ ، وقال مالك : لا يحمله بعلاقته ، ولا على وسادة إلا وهو طاهر ، قال : ولا بأس أن يحمله في التابوت ، والخرج ، والغرارة من ليس على وضوء ، قال : وذلك أن الله عز وجل يقول : لا يمسه إلا المطهرون قال : وهذا قول مالك ، وأبي عبد الله ، يعني nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - .
قال أبو عمر : إنما رخص مالك في حمل غير المتوضئ للمصحف في التابوت ، والغرارة ; لأن القصد لم يكن منه إلى حمل المصحف ، وإنما قصد إلى حمل التابوت ، وما فيه من مصحف ، وغيره ، وقد كره جماعة من التابعين ، منهم : nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وعطاء مس الدراهم التي فيها ذكر الله على غير وضوء ، فهو لا شك أشد كراهية أن يمس المصحف غير متوضئ ، وقد روي عن عطاء أنه قال : لا بأس أن تحمل الحائض المصحف بعلاقته .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان فلم [ ص: 399 ] يختلف عنهما في إجازة حمل المصحف بعلاقته لمن ليس بطاهر ، وقولهما عندي شذوذ ومخالفة للأثر ، وإلى قولهما ذهب داود بن علي ، قال : لا بأس أن يمس المصحف ، والدنانير ، والدراهم التي فيها ذكر الله الجنب ، والحائض . قال : ومعنى قوله : لا يمسه إلا المطهرون هم الملائكة ، قال : ولو كان ذلك نهيا لقال لا يمسه ، واحتج أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : المؤمن ليس بنجس .
قال أبو عمر : قد يأتي النهي بلفظ الخبر ويكون معناه النهي ، وذلك موجود في كتاب الله كثير نحو قوله : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة جاء بلفظ الخبر ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، وغيره يقول : إنها منسوخة بقول الله عز وجل : وأنكحوا الأيامى منكم ولو لم يكن عنده في هذا الخبر معنى النهي ما أجاز فيه النسخ ، ومثله كثير ، وفي كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014343أن لا يمس القرآن إلا طاهر - بيان معنى قول الله عز وجل : لا يمسه إلا المطهرون [ ص: 400 ] لاحتمالهما للتأويل ، ومجيئهما بلفظ الخبر ، وقد قال مالك في هذه الآية : إن أحسن ما سمع فيها أنها مثل قول الله عز وجل : كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة وقول مالك أحسن ما سمعت ، يدل على أنه سمع فيها اختلافا ، وأولى ما قيل به في هذا الباب ما عليه جمهور العلماء من امتثال ما في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن أحد إلا وهو طاهر ، والله أعلم وبه التوفيق .