قال أبو عمر : قد ظن بعض الناس أن هذا الحديث معارض لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن تمني الموت بقوله عليه السلام لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به قال : وفي هذا الحديث إباحة تمني الموت ، وليس كما ظن ، وإنما هذا خبر أن ذلك سيكون لشدة ما ينزل بالناس من فساد الحال ، في الدين ، وضعفه ، وخوف ذهابه ، لا لضر ينزل بالمؤمن في جسمه .
وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم إذا أردت بالناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ما يوضح لك معنى هذا الحديث ، ومثل هذا قول عمر : اللهم قد ضعفت قوتي ، وكبرت سني ، وانتشرت رعيتي ، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ، فما جاوز ذلك الشهر حتى قبض رحمة الله عليه ، وقد ذكرنا هذين الخبرين في باب nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، قال : سمعت أبا الزعراء يحدث ، عن عبد الله ، قال : ليأتين عليكم زمان يأتي الرجل القبر ، فيقول : يا ليتني مكان هذا ، ليس به حب الله ، ولكن من شدة ما يرى من البلاء .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم ، حدثنا أحمد بن صالح بن عمر المقرئ ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12915أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المنادي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14304العباس بن محمد الدوري ، حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو يونس الجعدي ، حدثنا عمر بن أبان أخو عبد العزيز بن أبان ، عن سفيان ، عن رجل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أنه [ ص: 149 ] مر على أهل مجلس ، فقال : ادعوا الله لي بالموت ، قال : فدعوا له ، فما مكث إلا أياما حتى مات .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن القاسم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، حدثنا أحمد بن جعفر بن عبيد الله ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14304العباس بن محمد الدوري إملاء ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام ، حدثنا أحمد بن كثير الطرسوسي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عندنا بالبصرة ، فكان كثيرا ما يقول : ليتني قد مت ، ليتني قد استرحت ، ليتني في قبري ، فقال له خالد بن سلمة : يا أبا عبد الله ما كثرة تمنيك هذا الموت ؟ والله لقد آتاك الله القرآن والعلم ، فقال له سفيان : يا أبا سلمة ، وما تدري لعلي أدخل في بدعة ، لعلي أدخل فيما لا يحل لي ، لعلي أدخل في فتنة ، أكون قد مت وسبقت هذا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول : قد كنت أشتهي أن أمرض وأموت ، فأما اليوم فليتني مت فجأة ; لأني أخاف أن أتحول عما أنا عليه ، من يأمن البلاء بعد خليل الرحمن وهو يقول ( واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) .
[ ص: 150 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=17345يحيى بن يمان ، عن سفيان : لما جاء البشير يعقوب قال له : على أي دين تركت يوسف ؟ قال : على الإسلام ، قال : الآن تمت النعمة .
وفي هذا الحديث أيضا من العلم إباحة الخبر بما يأتي بعد وبما يكون ، وهذا غير جائز على القطع إلا لمن أظهره الله على غيبه ممن ارتضى من رسله ، وبالله العصمة والتوفيق .
أنشدنا غير واحد لمنصور الفقيه رحمه الله :
قد غلب الغي على الغي وأصبح الناس كلا شي وأصبح الميت في قبره أحسن أحوالا من الحي