وبلغني عن nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح رحمه الله أنه كان يقول : إن مالكا لم يتابع عليه في لفظه ، وزعم أن غيره يرويه عن حميد ، عن أنس أنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون ، فيصوم بعضهم ، ويفطر بعضهم ، فلا يعيب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم . ليس فيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أنه كان يشاهدهم في حالهم هذه .
وهذا عندي قلة اتساع في علم الأثر ، وقد تابع على ذلك مالكا جماعة من الحفاظ ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=11816أبو إسحاق الفزاري nindex.php?page=showalam&ids=12049وأبو ضمرة أنس بن عياض nindex.php?page=showalam&ids=13748ومحمد بن عبد الله الأنصاري nindex.php?page=showalam&ids=16503وعبد الوهاب الثقفي كلهم رووه عن حميد عن أنس بمعنى حديث مالك : سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - سواء .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مثل ذلك من وجوه ، منها حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري وحديث أنس هو حديث صحيح ثابت ، وبالله التوفيق .
قال أبو عمر : ليس هذا بشيء ، والذي عليه الرواة ما ذكره مالك وسائر من سميناه من الحفاظ ، عن حميد عن أنس قال : سافرنا مع رسول الله ، وهو الصواب إن شاء الله ، وسنذكر الآثار في ذلك بالأسانيد الجياد في آخر هذا الباب بعد الفراغ من القول في معانيه واختلاف العلماء فيه بعون الله إن شاء الله .
وفيه من الفقه وجوه كثيرة ، منها رد قول من زعم أن الصائم في رمضان في السفر لا يجزئه ، كما روي عن عمر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس .
وقال بذلك قوم من أهل الظاهر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه قال : من صام في السفر قضى في الحضر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أن الصائم في السفر كالمفطر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا والحسن أنهما قالا : إن الفطر في السفر عزمة لا ينبغي تركها .
وحديث هذا الباب يرد هذه الأقاويل ويبطلها كلها ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في هذه المسألة : خذ بيسر الله . وهذا منه إباحة للصوم والفطر للمسافر خلاف القولين اللذين ذكرناهما عنه ، وعلى إباحة الصوم والفطر للمسافر جماعة العلماء وأئمة الفقه بجميع الأمصار ، إلا ما ذكرت لك عمن قدمنا ذكره ، ولا حجة في أحد مع السنة الثابتة ، هذا إن ثبت ما ذكرناه عنهم ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أنه صام في السفر وأنه لم يعب على من أفطر ، ولا على من صام . فثبتت حجته ولزم التسليم له ، وإنما اختلف الفقهاء في الأفضل من الفطر في السفر ، أو الصوم فيه لمن قدر عليه ، فروينا [ ص: 171 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاص الثقفي nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما قالا : الصوم في السفر أفضل لمن قدر عليه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه . ونحو ذلك قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ; لأنهما قالا : الصوم في السفر أحب إلينا لمن قدر عليه . فاستدللنا أنهم لم يستحسنوه ، إلا أنه أفضل عندهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، ومن اتبعه : هو مخير . ولم يفضل ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن الصوم أحب إليه ، ولم يختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية أنه لا يفضل ، وهو ظاهر حديث أنس هذا .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : الرخصة أفضل . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ومحمد بن عبد العزيز ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ابن راهويه ، كل هؤلاء يقولون : إن الفطر أفضل لقول الله عز وجل يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من وجوه : إن شاء صام ، وإن شاء أفطر ، وهو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأبي سعيد وحمزة بن عمرو الأسلمي .
حدثنا خلف بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12125مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010490قد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر ، قال علي : وكذلك رواه أبو عوانة ، عن منصور بإسناده .
حدثناه فضل بن عوف ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي عليه السلام فذكر الحديث ، قال : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن [ ص: 172 ] منصور ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، لم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة فذكره .
قال أبو عمر : كان حذيفة رحمه الله nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=11958وأبو جعفر محمد بن علي لا يصومون في السفر ، وكان عمرو بن ميمون nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن يزيد ، وأبو وائل يصومون في السفر ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يكره الصيام في السفر . وعن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير مثله .
حدثنا إبراهيم بن شاكر ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16525عبيد الله بن عمرو ، عن عبد الكريم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال : إنما أراد الله برخصة الفطر في السفر التيسير عليكم ، فمن تيسر عليه الصوم فليصم ، ومن تيسر عليه الفطر فليفطر فإن قال قائل ممن يميل إلى قول أهل الظاهر في هذه المسألة قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ليس البر ، أو ليس من البر الصيام في السفر ، وما لم يكن من البر فهو من الإثم ، واستدل بهذا على أن صوم رمضان في السفر لا يجزئ ، فالجواب عن ذلك أن هذا الحديث خرج لفظه على شخص معين ، وهو رجل رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو صائم قد ظلل عليه ، وهو يجود [ ص: 173 ] بنفسه ، فقال ذلك القول ، أي ليس البر أن يبلغ الإنسان بنفسه ذلك المبلغ ، والله قد رخص له في الفطر .
والدليل على صحة هذا التأويل صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر ، ولو كان الصوم إثما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس منه .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا أحمد بن دحيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12369إبراهيم بن حماد ، قال : حدثني عمي nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12370إبراهيم بن حمزة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16656عمارة بن غزية ، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد بن زرارة ، قال : قال جابر : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك ليسير بعد أن أضحى إذا هو بجماعة في ظل شجرة ، فقال : ما هذه الجماعة ؟ فقالوا : رجل صام فجهده الصوم ، فقال رسول الله : ليس البر أن تصوموا في السفر .
قال إسماعيل : وحدثنا حفص بن عمر ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عمرو بن حسن ، أو ابن حسين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله نحوه .
وأخبرنا عبد الرحمن بن مروان ، قال : حدثنا أبو محمد الحسن بن يحيى القلزمي ، قال : حدثنا [ ص: 174 ] nindex.php?page=showalam&ids=12644عبد الله بن علي بن الجارود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16471عبد الله بن هاشم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، قال : حدثنا محمد بن عبد الرحمن ، عن محمد بن عمرو بن الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=1010492أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر فرأى رجلا عليه زحام ، وقد ظلل عليه ، فقال : ما هذا ؟ قالوا : صائم ، قال : ليس من البر ، أو ليس البر أن تصوموا في السفر هكذا قال محمد بن عمرو بن الحسن ، ويحتمل قوله صلى الله عليه وسلم ليس البر الصيام في السفر أي ليس هو أبر البر ; لأنه قد يكون الإفطار أبر منه إذا كان في حج ، أو جهاد ليقوى عليه .
وقد يكون الفطر في السفر المباح برا ; لأن الله أباحه ، ونظير هذا من كلامه صلى الله عليه وسلم قولهليس المسكين الطواف الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان قيل : فمن المسكين ؟ ، قال : الذي لا يسأل ولا يجد ما يغنيه ، ولا يفطن له فيتصدق عليه ، ومعلوم أن الطواف مسكين ، وأنه من أهل الصدقة إذا لم يكن له شيء غير تطوافه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ردوا المسكين ، ولو بكراع محرق وردوا السائل لو بظلف محرق وقالت عائشة : إن المسكين ليقف على بابي . . . الحديث .
وقال عز وجل : إنما الصدقات للفقراء والمساكين وأجمعوا أن الطواف منهم ، فعلم أن قوله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف عليكم معناه : ليس السائل بأشد الناس مسكنة ; لأن المتعفف الذي لا يسأل الناس ، ولا يفطن له أشد مسكنة منه ، فكذلك قوله ليس البر الصيام في السفر معناه : ليس البر كله في [ ص: 175 ] الصيام في السفر ; لأن الفطر في السفر بر أيضا لمن شاء أن يأخذ برخصة الله تعالى ذكره .
وأما قوله " ليس من البر " فهو كقوله " ليس البر " ، و " من " قد تكون زائدة كقولهم : ما جاءني من أحد ، أي ما جاءني أحد ، والله أعلم .
فأما من احتج بقول الله عز وجل فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وزعم أن ذلك عزمة ، فلا دليل معه على ذلك ; لأن ظاهر الكلام وسياقه إنما يدل على الرخصة والتخيير ، والدليل على ذلك قوله عز وجل يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر .
ودليل آخر ، وهو إجماعهم أن المريض إذا تحامل على نفسه فصام وأتم يومه أن ذلك مجزئ عنه ، فدل على أن ذلك رخصة له ، والمسافر في التلاوة ، وفي المعنى مثله . والكلام في هذا أوضح من أن يحتاج فيه إلى إكثار ، والله المستعان .
وحدثني nindex.php?page=showalam&ids=15829أبو القاسم خلف بن القاسم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14535أبو الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي ، قال : حدثنا أبو الفضل قاسم بن محمد بن الخياط ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13748محمد بن عبد الله الأنصاري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010496سافرنا مع رسول الله فصام قوم ، وأفطر قوم ، فلم يعب الصائم على المفطر ، ولا المفطر على الصائم .
قال أبو عمر : عند nindex.php?page=showalam&ids=15995سعيد بن عبد العزيز في هذا الباب حديثان ، أحدهما هذا عن عطية ، والآخر عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12328أم الدرداء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، وهما صحيحان ، وفي هذا الباب مسائل الفقهاء قد اختلفوا فيها ، وقد ذكرتها في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله . والحمد لله على ذلك كثيرا .