روي هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة من وجوه ، رواه أبو صالح ، nindex.php?page=showalam&ids=17354ويزيد بن الأصم ، nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ، وغيرهم ، قوله : لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، أي يجمع .
وفي هذا الحديث من الفقه معرفة يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان يحلف على ما يريد بالله ، وفي ذلك رد لقول من قال : لا يحلف بالله صادقا ولا كاذبا ، وفي قوله عليه السلام : من كان حالفا فليحلف بالله كفاية ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحلف كثيرا بالله ثم إن رأى ما هو خير مما حلف عليه [ ص: 332 ] حنث نفسه وكفر ، وفيه الأسوة الحسنة ، وسيأتي هذا المعنى مبينا في باب سهيل من كتابنا هذا إن شاء الله .
وفي هذا الحديث أيضا أن الصلوات يؤذن لها ، وفيه أيضا إجازة إمامة المفضول بحضرة الفاضل ، وفيه إباحة عقوبة من تأخر عن شهود الجماعة لغير عذر ، ولم يكن يتخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة إلا منافق أو من له عذر بين ، وقد استدلت به طائفة على أن العقوبة قد تكون في المال ، وجائز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعاقب بما ذكر في هذا الحديث ، وجائز أن لا يفعل لأن ترك إنفاذ الوعيد عفو وليس بخلف ولا كذب ، وإنما الكذب ما أثم فيه المرء وعصى ربه ، فجائز مثل هذا القول تأديبا للناس ثم الخيار بعد في إنفاذه ، واستدل به داود وأصحابه على أن الصلاة في الجماعة فرض على كل أحد في خاصته كالجمعة ، وأنها لا تجزئ المنفرد إلا أن يصليها في المسجد مع الجماعة ، أو يصليها قبل أن يفرغ الجماعة في المسجد منها ، كقولنا في الجمعة سواء .
واحتج بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد .
[ ص: 333 ] وهذا عندنا محمول على الكمال في الفضل كما قال : لا دين لمن لا أمانة له .
ففي هذا الحديث جواز صلاة المنفرد ، والخبر بأن صلاة الجماعة أفضل ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : إذا وجد أحدهم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة ، وقال : إذا حضرت الصلاة والعشاء فابدأوا بالعشاء ، وقال : ألا صلوا في الرحال في المطر ، وهذه الآثار كلها تدل على أن الجماعة ليست بفريضة ، وإنما هي فضيلة ، وقد ذكرنا هذه الآثار بأسانيدها في غير موضع من كتابنا هذا ، والحمد لله .
[ ص: 335 ] وقد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في الصلوات الخمس غير هذا ، وترتيب الآثار عنه في ذلك على فرض الجمعة وتأكيد فضل الجماعة ، والله أعلم .
وأما التأكيد في الندب إلى الجماعات في الصلوات الخمس فأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16073سويد بن نصر ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن المسعودي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16597علي بن الأقمر ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله أنه كان يقول : من سره أن يلقى الله غدا مسلما ، فليحافظ على هؤلاء الصلوات [ ص: 336 ] الخمس حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيه عليه السلام سنن الهدى ، وإنهن من سنن الهدى ، وإني لا أحسب منكم أحدا إلا له مسجدا يصلي فيه في بيته ، فلو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وذكر تمام الحديث .
وحدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا محمد بن بكر ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا هارون بن عباد الأزدي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن المسعودي ، فذكره بإسناده مثله .
وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله العبسي الكوفي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون ، عن إبراهيم الهجري ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، قال : عليكم بالصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنها من سنة نبيكم ، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، ولقد عهدتنا وإن الرجل ليهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم نفاقه .
فقد صرحت هذه الآثار عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بأن شهود الجماعة سنة ، ومن تدبرها علم أنها واجبة على الكفاية ، والله أعلم .
[ ص: 337 ] nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود أحد الذين رووا عن النبي عليه السلام فضل صلاة الجمع على صلاة الفذ خمس وعشرون درجة .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة بإسناده مثله سواء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة : قال السائب : يعني بالجماعة الصلاة في الجماعة .
وأما قوله : والذي نفسي بيده لو يعلم أنه يجد عظما سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء ، فهذا توبيخ منه لمن تأخر عن شهود العشاء معه ، وتقريع وذم صريح ، وعتب [ ص: 338 ] صحيح ، إذ أضاف إليهم أن أحدهم لو علم أنه يجد من الدنيا العرض القليل ، والتافه الحقير ، والنزر اليسير في المسجد لقصده من أجل ذلك ، وهو يتخلف عن الصلاة فيه ولها من الأجر العظيم ، والثواب الجسيم ما لا خفاء به على مؤمن ، والحمد لله ، وكفى بهذا توبيخا في أثرة الطعام واللعب على شهود صلاة الجماعة ، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان قصدا إلى المنافقين وإشارة إليهم ، ألا ترى إلى قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : ولقد رأيتنا في ذلك الوقت ، وما يتأخر عنها إلا منافق معلوم نفاقه ، وما أظن أحدا من أصحابه الذين هم أصحابه حقا كان يتخلف عنه إلا لعذر بين هذا ما لا يشك فيه مسلم إن شاء الله .
وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعظم السمين يريد بضعة اللحم السمين على عظمة المثل في التفاهة ، كما قال عز وجل ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ) يريد الشيء الكثير ، لم يرد القنطار بعينه ( ومنهم من إن تأمنه بدينار ) يريد الشيء الحقير القليل ولم يرد الدينار بعينه لا يؤده إليك .
[ ص: 339 ] وأما المرماتان ، فقيل : هما السهمان ، وقيل : هما حديدتان من حدائد كانوا يلعبون بها وهي ملس كالأسنة ، كانوا يثبتونها في الأكوام والأغراض ، ويقال لها فيما زعم بعضهم : المذاجي .
وقال أبو عبيد : يقال إن المرماة ما بين ظلفي الشاة ، قال : وهذا حرف لا أدري ما وجهه إلا أن هذا تفسيره ، ويروى المرماتين بكسر الميم وبفتحها ، واحدها مرماة مثل مرماة ، ذكر ذلك الأخفش وغيره .