في هذا الحديث النهي عن التفاضل في الدنانير والدراهم إذا بيع شيء منها بجنسه ، وقوله فيه " الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم " إشارة إلى جنس الأصل ، لا إلى المضروب دون غيره بدليل إرسال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الحديث على سؤال الصائغ له عن الذهب المصوغ ، وبدليل قوله صلى الله عليه وسلم الفضة بالفضة والذهب بالذهب مثلا بمثل وزنا بوزن ، ولا أعلم أحدا من العلماء حرم التفاضل في المضروب العين من الذهب والفضة المدرهمة دون التبر والمصوغ منهما ، إلا شيء جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان روي عنه من وجوه ، وقد أجمعوا على خلافه ، فأغنى إجماعهم على ذلك عن الاستشهاد فيه بغيره ، وفي قصة معاوية مع nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء إذ باع معاوية السقاية بأكثر من وزنها بيان أن الربا في المصوغ وغير المصوغ والمضروب وغير المضروب .
[ ص: 243 ] قال أبو عمر : فالفضة السوداء والبيضاء والذهب الأحمر والأصفر ، كل ذلك لا يجوز بيع بعضه ببعض ، إلا مثلا بمثل وزنا بوزن ، سواء بسواء ، على كل حال ، إلا أن تكون إحدى الفضتين ، أو إحدى الذهبين فيه دخل من غير جنسه ، فإن كانت كذلك لم يجز بيع بعضها ببعض ألبتة على حال ، إلا أن يحيط العلم أن الدخل فيهما سواء ، نحو السكة الواحدة لعدم المماثلة ; لأنا إذا عدمنا حقيقة المماثلة لم نأمن التفاضل ، وقد ورد الشرع بتحريم الازدياد في ذلك فوجب المنع حتى تصح المماثلة .
قال أبو عمر : المماثلة في الموزونات الوزن لا غير ، وفي المكيلات الكيل ، ولو وزن المكيل رجوت أن يكون مماثلة إن شاء الله ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه وعن بعض أصحابه في هذا الباب شيء لا يصح عنه إن شاء الله ; لأنه قد روي عنه من وجوه خلافه ، وهو الذي عليه علماء الأمصار فلم أر وجها في ذلك للإكثار .
قال علي : وحدثنا عتيق بن يعقوب الزبيري ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير المكي ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=45أبا أسيد الساعدي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس يفتي في الدينار بالدينارين ، فأغلظ له أبو أسيد ، فقال له [ ص: 245 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما كنت أظن أن أحدا يعرف قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول لي مثل هذا يا أبا أسيد ، فقال أبو أسيد : أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وصاع حنطة بصاع حنطة وصاع شعير بصاع شعير وصاع ملح بصاع ملح ، لا فضل بين شيء من ذلك ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : هذا شيء إنما كنت أقوله برأيي ، ولم أسمع فيه شيئا .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، قال : حدثنا سليمان بن علي الربعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11838أبي الجوزاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه رجع عن الصرف ، وقال : إنما كان ذلك رأيا مني ، وهذا أبو سعيد يحدث به عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، قال : أخبرني مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار يزعم أنه سمع مالك بن أبي عامر يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010612لا تبيعوا الدينار بالدينارين ، ولا الدرهم بالدرهمين .
قال أبو عمر : لم أر ذكر ما روى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومن تابعه في الصرف ، ولم أعده خلافا لما روي عنه من رجوعه عن ذلك ، وفي رجوعه إلى خبر أبي سعيد المفسر وتركه القول بخبر أسامة بن زيد المجمل ضروب من [ ص: 246 ] الفقه ، ليس هذا موضع ذكرها ، ومن تدبرها ووفق لفهمها أدركها ، وبالله التوفيق .
وقد روي عن كثير من أصحاب مالك ، وبعضهم يرويه عن مالك في التاجر يحفزه الخروج وبه حاجة إلى دراهم مضروبة ، أو دنانير مضروبة فيأتي دار الضرب بفضته ، أو ذهبه ، فيقول للضراب : خذ فضتي هذه ، أو ذهبي ، وخذ قدر عمل يدك وادفع إلي دنانير مضروبة في ذهبي ، أو دراهم مضروبة في فضتي هذه لأني محفوز للخروج وأخاف أن يفوتني من أخرج معه - أن ذلك جائز للضرورة ، وإنه قد عمل به بعض الناس .
قال أبو عمر : هذا مما يرسله العالم عن غير تدبر ، ولا رواية ، وربما حكاه لمعنى قاده إلى حكايته فيتوهم السامع أنه مذهبه فيحمله عنه ، وهذا عين الربا ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : من زاد ، أو ازداد فقد أربى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر للصائغ : لا . في مثل هذه المسألة سواء ، ونهاه عنها .
وقال : هذا عهد نبينا إلينا وعهدنا إليكم ، وهذا قد باع فضة بفضة أكثر منها وأخذ في المضروب زيادة على غير المضروب ، وهو الربا المجتمع عليه ; لأنه لا يجوز مضروب الفضة ومصوغها بتبرها ، ولا مضروب الذهب ومصوغه بتبره وعينه ، إلا وزنا بوزن عند جميع الفقهاء ، وعلى ذلك تواترت السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم .
حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15538بشر بن عمر ، حدثنا همام ، عن قتادة ، عن أبي الخليل ، عن مسلم المكي ، عن أبي الأشعث [ ص: 247 ] الصنعاني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010614الذهب بالذهب تبره وعينه والفضة بالفضة تبرها وعينها ، يعني وزنا بوزن مثلا بمثل يدا بيد ، من زاد أو ازداد فقد أربى مختصرا ، قال أبو داود : ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة وهشام ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17084مسلم بن يسار ، وقد ذكرنا خبر عبادة بكثير من طرقه في مواضع من هذا الكتاب ، وقد رد nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب هذه المسألة عن مالك وأنكرها . وزعم nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري أن ذلك من باب الرفق لطلب التجارة ولئلا يفوت السوق ، قال : وليس الربا إلا على من أراد أن يربي ممن يقصد إلى ذلك ويبتغيه ، ونسي nindex.php?page=showalam&ids=13658الأبهري أصله في قطع الذرائع .
وقوله فيمن باع ثوبا بنسيئة ، وهو لا نية له في شرائه ، ثم يجده في السوق أنه لا يجوز له أن يبتاعه منه بدون ما به باعه ، وإن لم يقصد إلى ذلك ، ولم يبتعه ، ومثل هذا كثير ، ولو لم يكن الربا إلا على من قصده ما حرم إلا على الفقهاء خاصة ، وقد قال عمر : لا يتجر في سوقنا إلا من فقه وإلا أكل الربا .
والأمر في هذا بين لمن رزق الإنصاف وألهم رشده ، حدثنا أحمد بن عبد الله ، قال : حدثنا الميمون بن حمزة الحسيني ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن وردان الرومي أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال : إني رجل أصوغ الحلي ، ثم أبيعه وأستفضل فيه قدر أجرتي ، أو عمل يدي ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : الذهب بالذهب ، لا فضل بينهما ، هذا عهد صاحبنا إلينا وعهدنا إليكم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يعني بقوله صاحبنا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، قال : وقول حميد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : عهد نبينا - خطأ .
[ ص: 248 ] قال أبو عمر : قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عندي غلط على أصله ; لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة في قوله صاحبنا مجمل يحتمل أن يكون أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الأظهر فيه ويحتمل أن يكون أراد عمر ، فلما قال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : هذا عهد نبينا - فسر ما أجمل وردان الرومي ، وهذا أصل ما يعتمد عليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الآثار ، ولكن الناس لا يسلم منهم أحد من الغلط ، وإنما دخلت الداخلة على الناس من قبل التقليد ; لأنهم إذا تكلم العالم عند من لا يمعن النظر بشيء - كتبه وجعله دينا يرد به ما خالفه دون أن يعرف الوجه فيه فيقع الخلل ، وبالله التوفيق .