هذا حديث مرسل عند جميع رواة الموطأ فيما علمت ، ولكنه يتصل من غير رواية مالك من طرق صحيحة ثابتة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، وهو محفوظ من حديث nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .
رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريح nindex.php?page=showalam&ids=7246وقيس بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام بن يحيى ومطر وإبراهيم بن يزيد nindex.php?page=showalam&ids=16486وعبد الملك بن أبي سليمان nindex.php?page=showalam&ids=17152ومنصور بن المعتمر nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، وأحسنهم رواية له عن عطاء وأتقنهم nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح nindex.php?page=showalam&ids=16705وعمرو بن دينار وإبراهيم بن يزيد nindex.php?page=showalam&ids=7246وقيس بن سعد nindex.php?page=showalam&ids=17258وهمام بن يحيى ، فإن هؤلاء كلهم رووه عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الصواب فيه ، وغيرهم رواه عن عطاء ، عن يعلى ، وليس بشيء .
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى ، قال : حدثنا محمد بن بكر بن عبد الرزاق التمار ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17015محمد بن كثير ، قال : حدثنا همام ، قال : سمعت عطاء ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى بن أمية ، عن أبيه nindex.php?page=hadith&LINKID=1010617أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو بالجعرانة . فذكره سواء .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر قراءة مني عليه أن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا جعفر بن محمد الصائغ ، قال : حدثنا محمد بن سابق ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية ، أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متضمخا بالخلوق وعليه مقطعات ، فقال : كيف تأمرني يا رسول الله في عمرتي ؟ ، قال : فأنزل الله وأتموا الحج والعمرة لله ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أين السائل عن العمرة ؟ ، فقال له : ألق عنك ثيابك واغتسل واستنق ما استطعت ، وما كنت صانعه في حجك فاصنعه في عمرتك هكذا جاء في هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية نسبة إلى جده ، وهو nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن يعلى بن أمية رجل تميمي ، وليس nindex.php?page=showalam&ids=90بصفوان بن أمية الجمحي ، وقد نسبناهما في كتاب الصحابة والحمد لله .
قال أبو عمر : روى هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح جماعة منهم nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان . وقال فيه نوح بن حبيب ، عن القطان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريح بإسناده كما ذكرنا . وأما الجبة فاخلعها ، وأما الطيب فاغسله ، ثم أحدث إحراما . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب النسائي ، عن نوح بن حبيب .
وقال : لا أعلم أحدا قال في هذا الحديث : " ثم أحدث إحراما " غير نوح بن حبيب ، قال : ولا أحسبه محفوظا ، والله أعلم .
قال أبو عمر : أما قوله في حديث مالك : إن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 254 ] وهو بحنين ، فالمراد منصرفه من غزوة حنين ، والموضع الذي لقي فيه الأعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الجعرانة ، وهو بطريق حنين بقرب ذلك معروف ، وفيه قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين ، والآثار المذكورة كلها تدلك على ما ذكرناه ، ولا تنازع في ذلك إن شاء الله .
وأما قوله : وعلى الأعرابي قميص ، فالقميص المذكور في حديث مالك هو الجبة المذكورة في حديث غيره ، ولا خلاف بين العلماء أن المخيط كله من الثياب ، لا يجوز لباسه للمحرم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم عن لباس القمص والسراويلات ، وسيأتي ذكر هذا المعنى في حديث نافع إن شاء الله .
وأما قوله : وبه أثر صفرة ، فقد بان بما ذكرنا من الآثار أنها كانت صفرة خلوق ، وهو طيب معمول من الزعفران ، وقد نهى رسول الله المحرم عن لباس ثوب مسه ورس ، أو زعفران . وأجمع العلماء على أن الطيب كله محرم على الحاج والمعتمر بعد إحرامه ، وكذلك لباس الثياب ، واختلفوا في جواز الطيب للمحرم قبل الإحرام بما يبقى عليه بعد الإحرام ، فأجاز ذلك قوم ، وكرهه آخرون ، واحتج بهذا الحديث كل من كره الطيب عند الإحرام وقالوا : لا يجوز لأحد إذا أراد الإحرام أن يتطيب قبل أن يحرم ، ثم يحرم ; لأنه كما لا يجوز للمحرم بإجماع أن يمس طيبا بعد أن يحرم ، فكذلك لا يجوز له أن يتطيب ، ثم يحرم ; لأن بقاء الطيب عليه كابتدائه له بعد إحرامه سواء ، لا فرق بينهما ، واحتجوا بأن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=61وعثمان بن أبي العاص كرهوا أن يوجد من المحرم شيء من ريح الطيب ، ولم يرخصوا لأحد أن يتطيب عند إحرامه ، ثم يحرم ، وممن قال بهذا من العلماء nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله على اختلاف عنه nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس وأصحابه ومحمد بن الحسن [ ص: 255 ] رواه nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عنه ، وهو اختيار nindex.php?page=showalam&ids=14695أبي جعفر الطحاوي ، ومن حجة من قال بهذا القول من طريق النظر أن الإحرام يمنع من لبس القمص والسراويلات والخفاف والعمائم ، ويمنع من الطيب ، ومن قتل الصيد وإمساكه ، فلما أجمعوا أن الرجل إذا لبس قميصا ، أو سراويل قبل أن يحرم ، ثم أحرم ، وهو عليه أنه يؤمر بنزعه ، وإن لم ينزعه وتركه كان كمن لبسه بعد إحرامه لبسا مستقبلا ويجب عليه في ذلك ما يجب عليه لو استأنف لبسه بعد إحرامه ، وكذلك لو اصطاد صيدا في الحل ، وهو حلال فأمسكه في يده ، ثم أحرم ، وهو في يده أمر بتخليته ، وإن لم يخله كان إمساكه له بعد أن أحرم كابتدائه الصيد وإمساكه في إحرامه ، قالوا : فلما كان ما ذكرنا ، وكان الطيب محرما على المحرم بعد إحرامه كحرمة هذه الأشياء كان ثبوت الطيب عليه بعد إحرامه ، وإن كان قد تطيب به قبل إحرامه كتطيبه بعد إحرامه ، ولا يجوز في القياس والنظر عندهم غير هذا ، واعتلوا في دفع ظاهر حديث عائشة بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12387إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، عن أبيه ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010624سألت nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن الطيب عند الإحرام فقال : لأن أطلى بالقطران أحب إلي من أن أصبح محرما تنضخ مني ريح الطيب ، قال : فدخلت على عائشة ، فأخبرتها بقول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ، ثم أصبح محرما ، قالوا : فقد بان بهذا في حديث عائشة أن رسول الله [ ص: 256 ] صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه بعد التطيب ، وإذا طاف عليهن اغتسل لا محالة ، فكان بين إحرامه وتطيبه غسل ، قالوا : فكأن عائشة إنما أرادت بهذا الحديث الاحتجاج على من كره أن يوجد من المحرم بعد إحرامه ريح الطيب كما كره ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وأما بقاء نفس الطيب على المحرم فلا .
قال أبو عمر : هذا ما احتج به من كره الطيب للمحرم من طريق الآثار ، ومن طريق النظر .
وممن قال بهذا من العلماء nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق ابن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وجماعة ، وجاء ذلك أيضا عن جماعة من الصحابة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=44وأبو سعيد الخدري وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=10583وأم حبيبة nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير ومعاوية ، فثبت الخلاف في هذه المسألة بين الصحابة ومن بعدهم ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد لا يرون بالطيب كله عند الإحرام بأسا .
من كل نهكتة نضخ العبير بها لا الفحش يعرف من فيها ولا الزور
يريد لطخ العبير بها .
قالوا : ولا معنى لحديث الأعرابي في هذا ; لمعان : منها أنه يحتمل أن يكون الأعرابي تطيب بعد ما أحرم ، ومنها أنه كان عام حنين وتطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه [ ص: 258 ] في حجة الوداع ، فلو كان ما تطيب به الأعرابي يومئذ مباحا للرجال في حال الإحلال محظرا عليهم في الإحرام كان ذلك منسوخا بفعله عام حجة الوداع صلى الله عليه وسلم .
قالوا : وقد صح وعلم أن الطيب الذي كان على الأعرابي يومئذ كان خلوقا ، والخلوق لا يجوز للرجال في حال الحل ، ولا في حال الإحرام واحتجوا فيما ذهبوا إليه من هذا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=1010509أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل . رواه nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة nindex.php?page=showalam&ids=13382وإسماعيل بن علية nindex.php?page=showalam&ids=17249وهشيم ، كلهم عن nindex.php?page=showalam&ids=16377عبد العزيز بن صهيب واحتجوا أيضا في ذلك بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=11960أبو جعفر الرازي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس ، عن جديه ، قالا : سمعنا nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010631لا تقبل صلاة رجل في جسده شيء من خلوق وبما رواه يوسف بن صهيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16423ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا تقربهم الملائكة المتخلق والسكران والجنب وبحديث الحسن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا وطيب الرجال ريح لا لون ، وطيب النساء لون لا ريح .
وروى حميد ، عن أنس ، عن النبي عليه السلام مثله ونحوه .
وقد ذكرنا الاختلاف في لباس الثياب المزعفرة للرجال فيما تقدم من كتابنا هذا في باب nindex.php?page=showalam&ids=15767حميد الطويل وسيأتي منه ذكر صالح في باب nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد إن شاء الله .
قالوا : وما روي عن عمر رحمه الله في كراهيته للطيب على المحرم فيحتمل أن يكون لئلا يراه جاهل فيظن أنه تطيب بعد الإحرام فيستجيز بذلك الطيب بعد الإحرام ، وكان عمر كثير الاحتياط في مثل هذا ، ألا ترى أنه نهى nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله عن لبس الثوب المصبوغ بالمدر خوفا أن يراه جاهل فيستجيز بذلك لبس الثياب المصبغة ، قالوا : وفي لفظ عمر لمعاوية : عزمت عليك لترجعن إلى أم حبيبة فلتغسله عنك - دليل على أنه لم يكن ذلك عنده محرما ; لأن من أتى ما لا يحل ليس يقال له عزمت عليك لتتركن ما لا يحل لك ، لا سيما في عمر ومعاوية ، فقد كان عمر يضرب بالدرة على أقل من هذا أجل من معاوية وأسن ، قالوا : ولو صح عن عمر ما ذهب إليه من كره الطيب عند الإحرام لم تكن فيه حجة لوجود الاختلاف بين الصحابة في ذلك والمصير إلى السنة فيه .
وروى مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد وعبد الله بن أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن nindex.php?page=showalam&ids=15490الوليد بن عبد الملك سأل nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=15786وخارجة بن زيد بن ثابت بعد أن رمى الجمرة وحلق رأسه وقبل أن يفيض ، عن الطيب ، فنهاه سالم ، وأرخص له nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد .
حدثنا إبراهيم بن الحجاج ، حدثنا عبد العزيز بن المختار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر أن أباه كان يكره الطيب عند الإحرام ، وكان يعلم أن عائشة كانت تفتي بأنه لا بأس بالطيب عند الإحرام .
قال إسماعيل : وجاء عن عمر بالأسانيد الصحاح أنه كره الطيب عند الإحرام وبعد رمي الجمرة [ ص: 261 ] قبل الطواف بالبيت وأمر معاوية أن تغسل أم حبيبة عنه الطيب .
وقال في خطبته بعرفة : إذا رميتم الجمرة ونحرتم فقد حل لكم ما حرم عليكم ، إلا النساء والطيب ، لا يمس أحد طيبا ولا نساء حتى يطوف بالبيت ، وهذا بمحضر جماعة الصحابة ، فما رد قوله ذلك عليه أحد ، ولا أنكره منكر ، وجاء عن عثمان في ذلك مثل مذهب عمر ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثل ذلك .
ولا يقع في القلب أنهم جهلوا ما روت عائشة ، ولا أنهم يقصدون لخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكنه يمكن أن يكون علموا نسخ ذلك ، وإذا كان ذلك ممكنا فالاحتياط التوقف ، فمن اتقى ذلك فقد احتاط لنفسه .
قال : وأما التابعون فاختلفوا في ذلك أيضا ، فذهبت جماعة منهم إلى ما روي عن عائشة ، وجماعة إلى ما روي عن عمر .
وقال أبو ثابت : قلت لابن القاسم : هل كان مالك يكره أن يتطيب إذا رمى جمرة العقبة قبل أن يفيض ؟ ، قال : نعم ، قلت : فإن فعل ، أترى عليه الفدية ؟ ، قال : لا أرى عليه شيئا لما جاء فيه .
وقال مالك : لا بأس أن يدهن المحرم قبل أن يحرم وقبل أن يفيض بالزيت والبان غير المطيب مما لا ريح له .
قال أبو عمر : لا معنى لمن قاس الطيب على الثياب والصيد ; لأن السنة قد فرقت بين ذلك فأجازت التطيب عند الإحرام بما يرى بعد الإحرام في المفارق والشعر ويوجد ريحه من المحرم وحظرت على المحرم أن يحرم وعليه شيء من المخيط ، أو بيده شيء من الصيد ، ومن جعل الطيب قياسا على الثياب والصيد فقد جمع بين ما فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر المسلمين بينه .
وقد شبه بعض الفقهاء الطيب قبل الإحرام بالواطئ قبل الفجر يصبح جنبا بعد الفجر ، ولم يكن له أن ينشئ الجنابة بعد الفجر ، وهو قياس صحيح إن شاء الله ، ولكن إنكاره للمحرم أن يشم الطيب بعد إحرامه إذا أجاز التطيب قبل الإحرام مناقض تارك للقياس ; لأن الاستمتاع من رائحة الطيب لمن [ ص: 262 ] تطيب قبل إحرامه أكثر من شمه من غيره ، والله أعلم .
وهم لا يجيزون مس الطيب اليابس ، ولا حمله في الخرق إذا ظهر ريحه ، وهذا كله دليل على صحة قول من كره الطيب للمحرم ، وهو الاحتياط ، وبالله التوفيق .
واختلف الفقهاء فيمن تطيب بعد إحرامه جاهلا ، أو ناسيا ، فكان مالك يرى الفدية على كل من قصد إلى التطيب بعد إحرامه عامدا ، أو ناسيا ، أو جاهلا إذا تعلق بيده ، أو ببدنه شيء منه والطيب المسك والكافور والزعفران والورس وكل ما كان معروفا عند الناس بأنه طيب لطيب رائحته .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن تطيب جاهلا ، أو ناسيا ، فلا شيء عليه ، وإن تطيب عامدا فعليه الفدية ، قال : والفرق في التطيب بين الجاهل والعامد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الأعرابي ، وقد أحرم وعليه خلوق بنزع الجبة وغسل الصفرة ، ولم يأمره بفدية ، ولو كانت عليه فدية لأمره بها كما أمره بنزع الجبة .
لم يختلف قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الجاهل ، واختلف قوله في الناسي يلبس ، أو يتطيب ناسيا ، فمرة أوجب عليه الفدية ، ومرة لم ير عليه فدية ، وفي هذا الحديث رد على من زعم من العلماء أن الرجل إذا أحرم وعليه قميص كان عليه أن يشقه ، وقالوا : لا ينبغي أن ينزعه كما ينزع الحلال قميصه ; لأنه إذا فعل ذلك غطى رأسه ، وذلك لا يجوز له ، فلذلك أمر بشقه ، وممن قال بهذا من العلماء الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي والنخعي وأبو قلابة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير على اختلاف عنه .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، قال : أخبرنا يونس ، عن الحسن ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم : وأخبرني مغيرة ، عن إبراهيم nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي أنهم قالوا : إذا أحرم الرجل وعليه قميصه فليخرقه حتى يخرج منه .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن المغيرة ، عن إبراهيم ، قال : إذا أحرم الرجل وعليه قميص فليخرقه ، قال أحدهما : يشقه . وقال الآخر : [ ص: 263 ] يخلعه من قبل رجليه ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، قال : حدثنا روح بن الفرج ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي ، قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال : يخرقه ، ولا ينزعه . هكذا قال . وهو عندي خطأ ; لأن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري روى عن سالم الأفطس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، قال : ينزع ثيابه ، ولا يخرقها ، وهو الصحيح إن شاء الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير . ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وغيره ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : إن أحرم في قميص شقه .
قال أبو عمر : احتج من ذهب إلى هذا المذهب بما رواه عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما بينا النبي صلى الله عليه وسلم جالس مع أصحابه شق قميصه حتى خرج منه ، فقيل له ، فقال : واعدتهم يقلدون هديي اليوم فنسيت .
وقال جمهور فقهاء الأمصار : ليس على من نسي فأحرم وعليه قميصه أن يخرقه ، ولا يشقه ، وممن قال ذلك مالك وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، ومن سلك سبيله nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وسائر فقهاء الأمصار وأصحاب الآثار .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن عطاء بإسناده مثله سواء ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : من أحرم في قميص فلينزعه ولا يشقه .
قال أبو عمر : ليس نزع القميص بمنزلة اللباس في أثر ، ولا نظر ، فأما الأثر فقد ذكرناه في قصة الأعرابي .
وأما النظر ، فإن المحرم لو حمل على رأسه شيئا لم يعد ذلك من لبس القلنسوة ، وكذلك من تردى بإزار وحلل [ ص: 265 ] به بدنه لم يحكم له بحكم لباس المخيط ، وفي هذا دليل على أنه إنما نهى عن لباس الرأس القلنسوة في حال الإحرام اللباس المعهود ، وعن لباس الرجل القميص اللباس المعهود ، وعلم أن النهي إنما وقع في ذلك وقصد به إلى من قصد وتعمد فعل ما نهي عنه من اللباس في حال إحرامه اللباس المعهود في حال إحلاله ، فخرج بما ذكرنا ما أصاب الرأس من القميص المنزوع ، هذا ما يوجب النظر إن شاء الله .
وهذا إجماع من العلماء أنه لا يصنع المعتمر عمل الحج كله ، وإنما عليه أن يتم عمل عمرته ، وذلك الطواف والسعي والحلاق والسنن كلها . والإجماع يدلك على أن قوله في هذا الحديث وافعل في عمرتك ما تفعل في حجك كلام ليس على ظاهره وأنه لفظ عموم أريد به الخصوص على ما وصفنا من الاقتصار به على جواب السائل في مراده ، وبالله التوفيق .