التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
638 حديث ثالث لأبي حازم

مالك ، عن أبي حازم بن دينار ، عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .


قال أبو عمر :

من السنة تعجيل الفطر ، وتأخير السحور ، والتعجيل إنما يكون بعد الاستيقان بمغيب الشمس ، ولا يجوز لأحد أن يفطر وهو شاك هل غابت [ ص: 98 ] الشمس أم لا ; لأن الفرض إذا لزم بيقين ، لم يخرج عنه إلا بيقين ، والله عز وجل يقول ثم أتموا الصيام إلى الليل وأول الليل مغيب الشمس كلها في الأفق عن أعين الناظرين ، ومن شك لزمه التمادي حتى لا يشك في مغيبها ، قال صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من هاهنا - يعني المشرق - وأدبر النهار من هاهنا - يعني المغرب - وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم .

حدثنا سعيد بن نصر وعبد الوارث بن سفيان ، قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، ومحمد بن إسماعيل ، قالا : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبي ، قال : سمعت عاصم بن عمر بن الخطاب يحدث عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من هاهنا ، وأدبر النهار من هاهنا ، وغربت الشمس ، فقد أفطر الصائم .

واختلف الفقهاء فيمن أفطر وهو يظن أن الشمس قد غربت ، ثم بدت له بعد إفطاره :

فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث فيمن أكل وظنه ليلا ، ثم تبين له أنه نهار ، أو أفطر وهو يظن أن الشمس قد غربت ، فإذا بها لم تغرب ، فعليه القضاء .

وقال مجاهد وجابر بن زيد : لا قضاء عليه في شيء من ذلك كله ، وبه قال داود .

وقال الشافعي وعبيد الله بن الحسن : من أكل وهو شاك في الفجر ، فلا شيء عليه .

وقال الثوري : يتسحر الرجل ما شك حتى يرى الفجر .

[ ص: 99 ] وقال أبو حنيفة : إن كان أكثر ظنه في حين أكله أنه أكل بعد طلوع الفجر ، فأحب إلينا أن يقضي .

أخبرنا أحمد بن محمد ، قال : حدثنا وهب بن مسرة ، قال : حدثنا ابن وضاح ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء بنت أبي بكر أنهم أفطروا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ، ثم طلعت الشمس ، فقلت لهشام : فأمروا بالقضاء ؟ قال : ومن ذلك بد .

أخبرنا أحمد بن محمد بن هشام ، قال : حدثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم الديبلي ، قال : حدثنا علي بن زيد الفرائضي ، قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : قال الله عز وجل : أحب عبادي إلي أسرعهم فطرا .

قال أبو عمر :

لم يسمع الأوزاعي هذا الحديث من الزهري بينهما قرة بن عبد الرحمن ، كذلك رواه ثقات أصحاب الأوزاعي ، وأما محمد بن كثير هذا ، فكثير الخطأ ، ضعيف النقل .

حدثنا أحمد بن قاسم ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال ، حدثنا الحارث بن أبي أسامة ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر .

وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصلي في رمضان حتى يفطر ولو على شربة من ماء .

وقد مضت آثار هذا الباب في باب عبد الرحمن بن حرملة من هذا الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية