في هذا الحديث اختصاص الرئيس وانتخابه بأول ما يطل من الفاكهة ، إما هدية وجلالة وتعظيما ومحبة ، وإما تبركا بدعائه ، والذي يغلب علي أن ذلك إنما كان من الصحابة رضوان الله عليهم ; ليدعو لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالبركة ، وسياق هذا الحديث يدل على ذلك ، والمعنيان جميعا محتملان .
وأما دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمجاب لا محالة ، وقد ظن قوم أن هذا الحديث يدل على أن المدينة أفضل من مكة لدعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لها بمثل دعاء إبراهيم لمكة ، ومثله معه ، وهذا يحتمل لموضع دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموضع التضعيف في ذلك إلا أنه قد جاء في مكة آثار كثيرة تدل على فضلها .
وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في الأفضل منهما ، وقد بينا الصحيح من ذلك عندنا في باب خبيب بن عبد الرحمن من كتابنا هذا ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : بني الإسلام على خمس ، فذكر منها حج البيت الحرام ، وجعل الإلحاد فيه من الكبائر ، وجعله قبلة الأحياء والأموات ، ورضي عن عباده فحط أوزارهم بقصد القاصد له مرة من دهره ، وقال - صلى الله عليه وسلم - وهو بالحزورة : [ ص: 268 ] والله إني لأعلم أنك خير أرض الله وأحبها إلى الله ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت .
وقد مضى من هذا المعنى ما يكفي في باب خبيب وباب زيد بن رباح ، وبالله التوفيق .
ذكر الفرياني ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16833قيس بن الربيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15822خصيف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ومجاهد في قوله ( وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم ) قالا : سأل الرزق لمن آمن .
وحدثنا محمد بن عبد الله بن حكم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا إسحاق بن أبي حسان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل ، قال : حدثنا حميد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16650عمار الدهني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله ( اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات ) قال : كان إبراهيم يحجرها على المؤمنين دون الناس ، ومن كفر أيضا ، فإني أرزقه كما [ ص: 269 ] أرزق المؤمنين ، أأخلق خلقا لا أرزقهم ؟ أمتعهم قليلا ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ ، قال : ثم قرأ nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ) .
وفي هذا الحديث من الآداب وجميل الأخلاق : إعطاء الصغير من الولدان وإتحافه بالطرف ، وذك يدل على أنه أولى بذلك من الكبير ; لقلة صبره وفرحه بذلك ، وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة في كل حال .