قال أبو عمر : الذكر هاهنا الخطبة وما فيها من ذكر الله وتلاوة القرآن ، واختلف العلماء في تأويل هذا الحديث ، فقالت طائفة : أراد ساعات النهار من أوله ، واحتجوا بظاهر هذا الحديث ، وقالوا لا بأس بالمسير إلى الجمعة مع طلوع الشمس ، وهو أفضل عندهم على هذا الحديث ، وكان مالك يكره البكور إلى الجمعة غدوة وضحى ، ويستحب التهجير على قدر إلا من كان منزله بعيدا عن المسجد فليخرج قدر ما يأتي المسجد فيدرك الصلاة والخطبة .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم قال : قيل لأبي عبد الله - يعني nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - : كان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس يقول : لا ينبغي التهجير يوم الجمعة باكرا ؟ فقال : هذا خلاف حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأنكره ، وقال : سبحان الله ! إلى أي شيء ذهب في هذا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : كالمهدي جزورا وكالمهدي كذا .
وكان ابن حبيب يميل إلى هذا القول ، وينكر قول مالك ، وقال : هو تحريف في تأويل الحديث ومحال من وجوه ، قال : وذلك أنه لا تكون ساعات في ساعة واحدة . قال : والشمس إنما تزول في الساعة السادسة من النهار ، وهو وقت الأذان وخروج الإمام إلى الخطبة ، فدل ذلك على أن الساعات المذكورة [ ص: 23 ] في هذا الحديث هي ساعات النهار المعروفات ، فبدأ بأول ساعات اليوم فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016520من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ، ثم قال في الخامسة بيضة ، ثم انقطع التهجير وحان وقت الأذان . قال : فشرح الحديث بين في لفظه ، ولكنه حرف عن وجهه وشرح بالخلف من القول وبما لا يتكون ، وزهد شارحه الناس فيما رغبهم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التهجير في أول النهار ، وزعم أن ذلك كله إنما يجتمع في ساعة واحدة عند زوال الشمس ، قال : وقد جاءت الآثار بالتهجير إلى الجمعة في أول النهار ، وقد سقنا من ذلك في موضعه من كتاب " واضح السنن " ما فيه بيان وكفاية - هذا كله قول ابن حبيب .
قال أبو عمر : هذا منه تحامل على مالك - رضي الله عنه - ، فهو الذي قال القول الذي أنكره ابن حبيب وجعله خلفا من القول وتحريفا من التأويل ، والذي قاله مالك هو الذي تشهد له الآثار الصحاح الثابتة من رواية الفقهاء الأئمة مع ما صحبه عنده من عمل العلماء ببلده ; لأن مثل هذا يصح فيه الاحتجاج بالعمل ; لأن مالكا كان مجالسا لعلماء المدينة ومشاهدا لوقت حركتهم وخروجهم إلى الجمعة ، وكان أشد الفقهاء اتباعا لسلفه ، ولو رآهم يبكرون إلى الجمعة ويخرجون إليها مع طلوع الشمس ما أنكر ذلك مع حرصه على اتباعهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : مالك عندي أتبع من سفيان . يريد أشد اتباعا لسلفه ، والله أعلم .
قال يحيى بن عمر عن nindex.php?page=showalam&ids=15708حرملة أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن تفسير هذه الساعات أهو الغدو من أول الساعات النهار ، أو إنما أراد بهذه الساعات ساعة الرواح ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : سألت مالكا عن هذا فقال : أما الذي يقع في قلبي فإنه إنما أراد [ ص: 24 ] ساعة واحدة تكون فيها هذه الساعات ، من راح في أول تلك الساعة ، أو الثانية ، أو الثالثة ، أو الرابعة ، أو الخامسة ، ولو لم تكن كذلك ما صليت الجمعة حتى يكون النهار تسع ساعات في وقت العصر ، أو قريب من ذلك .
قال أبو عمر : ففي هذا الحديث : المهجر - كما ترى - ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، ثم الذي يليه ، لم يذكر الساعات ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بنحوه : حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16434عبد الله بن روح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=12493محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016523المتعجل إلى الجمعة كالمهدي بدنة ، ثم كالمهدي بقرة ، ثم كالمهدي شاة ، ثم كالمهدي طائرا هكذا قال nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب : المتعجل ، ولم يقل المهجر ، ولا ذكر الساعات المذكورة في حديث سمي .
وروى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن أبي سلمة nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب وأبي عبد الله الأغر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016524المهجر إلى الصلاة كالذي يهدي بدنة ، ثم كالذي يهدي بقرة ، ثم كالذي يهدي كبشا ، ثم كالذي يهدي دجاجة ، قال : وحسبت أنه قال : كالذي يهدي بيضة . حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس قال : حدثني أخي عن nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال .
[ ص: 26 ] وروى إبراهيم بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن الأغر أبي عبد الله ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة نحو هذا الحديث مختصرا .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان حديث سمي فلم يذكر فيه الساعات التي ذكر مالك ، وجاء بلفظ هو نحو حديث nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة بمثل حديث nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، إلا أنه قال : المتعجل ، ولم يقل المهجر . حدثنا محمد بن عبد الله بن حكم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا إسحاق بن أبي حسان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار قال : حدثنا عبد الحميد بن حبيب قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=233أبو سلمة قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016526المتعجل إلى الجمعة كالمهدي جزورا ، والذي يليه كالمهدي بقرة ، والذي يليه كالمهدي شاة ، والذي يليه كالمهدي الطير ، فإذا جلس الإمام على المنبر ختمت الصحف فهكذا أحاديث الأئمة الفقهاء مثل ( حديث ) nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب [ ص: 27 ] وأبي سلمة إنما فيها المهجر والمتعجل والذي يليه والذي يليه والذي يليه ، ليس فيها ساعات ، وهذه الآثار كلها تدل على ما ذهب إليه مالك ، والله أعلم .
قال أبو داود : رواه nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم عن nindex.php?page=showalam&ids=13031ابن جابر قال : " بالترابيث " ، وقال : مولى امرأته أم عثمان بن عطاء .
قال أبو عمر : ففي هذه الأحاديث وجدنا ذكر الساعات فالله أعلم ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - يقول : أحب التبكير إلى الجمعة ، وأن لا تؤتى إلا مشيا ، وفي قوله : " التبكير " دليل على أنه الاستعجال في أول النهار ، وقد جاء في كثير من هذه الأحاديث المهجر ، وجاء فيها المتعجل ، وقال بعض أصحابnindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ليس في قوله المهجر ما يدل على أنه من وقت الهجير والهاجرة ، قال : وإنما [ ص: 29 ] هو من التهجير الذي يراد به البدار والاستعجال وترك الحاجات واطراح الأشغال ، ومن ذلك قيل : المهاجر لمن ترك أهله ووطنه وبادر إلى صحبة محمد صلى الله عليه وسلم .
قال أبو عمر : وقد استدل بحديث سمي المذكور في هذا الباب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه ومن قال بقولهم في تفضيل البدن في الضحايا على الكباش ، وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء ، فقال مالك وأصحابه : أفضل الضحايا الفحول من الضأن ، وإناث الضأن خير من فحول المعز ، وفحول المعز خير من إناثها ، وإناث المعز خير من الإبل والبقر . وحجة من ذهب هذا المذهب قول الله - عز وجل - : ( وفديناه بذبح عظيم ) ، وذلك كبش لا جمل ولا بقرة .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه سأله رجل فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي ، فقال : يجزيك كبش سمين ، ثم قرأ ( وفديناه بذبح عظيم ) .
وقال بعضهم : لو علم الله حيوانا أفضل من الكبش لفدى به إسحاق ، وضحى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكبشين أملحين ، وأكثر ما ضحى به الكباش . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=13382ابن علية ، عن ليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : الذبح العظيم الشاة .
حدثنا سعيد بن عثمان قال : حدثنا أحمد بن دحيم قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن زيد قال : حدثنا فهد بن سليمان قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس الحنيني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نزل علي جبريل في [ ص: 30 ] يوم عيد ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : يا جبريل ، كيف رأيت عيدنا ؟ فقال : يا محمد ، لقد تباهى به أهل السماء . وقال : يا محمد ، اعلم أن الجذع من الضأن خير من السيد من البقر ، والجذع من الضأن خير من السيد من المعز ، والجذع من الضأن خير من السيد من الإبل ، ولو علم الله ذبحا هو خير منه لفدى به إبراهيم ابنه .
قال أبو عمر : هذا الحديث عندهم ليس بالقوي ، والحنيني عنده مناكير .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الإبل أحب إلي أن يضحى بها من البقر ، والبقر أحب إلي من الغنم ، والضأن أحب إلي من المعز . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : الجزور في الأضحية أفضل ما ضحي به ، ثم يتلوه البقر في ذلك ، ثم تتلوه الشاة . وحجة من ذهب إلى هذا المذهب قوله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016531المهجر إلى الجمعة كالمهدي بدنة ، ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ، ثم الذي يليه كالمهدي شاة فبان بهذا الحديث أن التقرب إلى الله - عز وجل - بالإبل أفضل من التقرب إليه بالبقر ثم بالغنم على ما في هذا الحديث ، وقد أجمعوا على أن أفضل الهدايا الإبل ، واختلفوا في الضحايا ، فكان ما أجمعوا عليه في الهدي قاضيا على ما اختلفوا فيه في الأضاحي ; لأنه قربان كله ، وقد أجمعوا على أنه ما استيسر من الهدي شاة ، فدل على نقصان ذلك عن مرتبة غيره ، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفضل الرقاب أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ومعلوم أن الإبل أكثر ثمنا من الغنم ، فوجب أن تكون أفضل استدلالا بهذا الحديث .
[ ص: 31 ] وأما الذبح العظيم الذي فدي به الذبيح فجائز أن يطلق عليه عظيم لما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه كبش رعى في الجنة أربعين خريفا ، وأنه الذي قربه ابن آدم فتقبل منه ورفع إلى الجنة .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : مر النعمان بن أبي قطبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبش أعين أقرن ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما أشبه هذا الكبش بالكبش الذي ذبحه إبراهيم فاشترى nindex.php?page=showalam&ids=178معاذ بن عفراء كبشا أقرن أعين وأهداه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فضحى به .