هذا حديث مرسل في الموطأ ، وهو في غير الموطأ مسند ؛ لأن جماعة من الحفاظ رووه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن ناجية الأسلمي صاحب بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وغير نكير أن يسمع عنه nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة .
وفي هذا الحديث من الفقه أن الهدي يقلد ، وأن التقليد من شأنه وسنته ، والتقليد أن يعلق في عنق البدن نعل علامة ليعرف أنها هدي .
وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلد هديه نعلين ، وكذلك كان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يفعل ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي واستحسنه ، والنعل عندي تجزئ ، وهو قول مالك nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وجماعة العلماء ، كلهم لا يختلفون في تقليد الهدي ويجزئ عند جميعهم نعل واحدة ، والذي أجمعوا عليه من تقليد الهدي الإبل والبقر ، واختلفوا في [ ص: 265 ] تقليد الغنم ، فكان مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم ينكرون تقليد الغنم ، وأجاز تقليده nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور لقول عائشة : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016791كنت أقلد الغنم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو قول عطاء وجماعة ، وقد مضى في هذا الكتاب في باب عبد الله بن أبي بكر القول في تقليد الهدي ، هل يوجب على صاحبه أن يكون محرما لذلك أم لا ؟ والصحيح في ذلك حديث عائشة على ما ذكرناه هناك من أحسن طرقه ما أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا يزيد بن خالد nindex.php?page=showalam&ids=16818وقتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة nindex.php?page=showalam&ids=16693وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة قالت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016792كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم .
وأما قوله : كيف أصنع بما عطب من الهدي ؟ فجاوبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ذكر في حديث هشام هذا ، فإن هذا محمله عند العلماء على الهدي التطوع ، وكذلك كان هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تطوعا ؛ لأنه كان في حجته مفردا ، والله أعلم .
وقد ذكرنا الاختلاف عنه في ذلك في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب وغيره ، والهدي التطوع لا يجوز لأحد ساقه أكل شيء منه إذا عطب قبل أن يبلغ محله ، لئلا يكون ذلك ذريعة إلى أكل الهدي قبل محله ، من أجل أنه تطوع فينصرف من الناس من لم تصح نيته فيما أخرجوه لله ، ويعتلون بأنه عطب .
ذكر أبو ثابت وأسد nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون وابن أبي الغمر ، ، عن ابن القاسم قلت لابن القاسم : أرأيت هدي التطوع إذا عطب كيف يصنع به صاحبه في قول مالك ؟ قال : قال مالك : يرمي بقلائده في دمه إذا نحره ويخلي بين الناس وبينه ، ولا يأمر أحدا أن يأكل منه فقيرا ولا غنيا ، فإن أكل هو أو أمر أحدا من الناس [ ص: 266 ] بأكله أو حز شيئا من لحمه ، كان عليه البدل . قال ابن القاسم : وقال مالك : كل هدي إذا عطب فليأكل منه صاحبه وليطعم منه الأغنياء والفقراء ومن أحب ، ولا يبيع من لحمه ولا من جلده ولا من قلائده شيئا .
قال مالك : ومن الهدي المضمون ما إن عطب قبل أن يبلغ محله جاز له أن يأكل منه ، وهو إن بلغ محله لم يأكل منه ، وهو جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين ، فهذا إن عطب قبل محله جاز له أن يأكل منه ؛ لأن عليه بدله ، وإذا بلغ محله أجزأه عن الذي ساقه ، ولا يجزيه أن يأكل منه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق : لأن الهدي المضمون إذا عطب قبل أن يبلغ محله كان عليه بدنة ، وبذلك جاز له أن يأكل منه ولا يطعم ؛ لأنه لما لم يكن عليه بدله خيف أن يفعل ذلك بالهدي وينحر من غير أن يعطب ، فاحتيط على الناس ، وبذلك مضى العمل في هدي التطوع إذا عطب في الطريق ؛ نحره صاحبه وخلى بينه وبين الناس .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق حديث هشام هذا عن أبيه ، عن ناجية وحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن ذؤيب الخزاعي .
قال أبو عمر : أما حديث ناجية فقد تقدم ذكره ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فاختلف فيه عنه ، فطائفة روت عنه ما يدل على أن ناجية الأسلمي حدثه ، وطائفة روت عنه أن ذؤيبا الخزاعي حدثه ، وذؤيب هذا هو والد nindex.php?page=showalam&ids=16812قبيصة بن ذؤيب ، وربما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضا معه هديا فسأله كما سأله ناجية ، فالله أعلم .
قال أبو عمر : ( قوله ) ولا أحد من أهل رفقتك ، لا يوجد إلا في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا بهذا الإسناد ، عن موسى بن سلمة وسنان بن سلمة ، وليس ذلك في حديث nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبي ، عن ناجية ، وهذا عندنا أصح من حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن ذؤيب وعليه العمل عند الفقهاء ، ومن جهة النظر أهل رفقته وغيرهم في ذلك [ ص: 268 ] سواء ، ويدخل في قوله - عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1016796وخل بين الناس وبينه يأكلونه أهل رفقته وغيرهم ، وإنما الضمان على من أكل من هديه التطوع وإن لم يكن موجودا في الحديث المسند ، فإن ذلك عن الصحابة والتابعين ، وعليه جماعة فقهاء الأمصار .
وروي عن عمر وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود إن أكل من الهدي التطوع غرم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن اختلفا أو أمرت بأكله غرمت ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب مثله سواء من رواية مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب قال : مضت السنة إذا أصيبت البدنة تطوعا في الطريق أن ينحرها ويغمس قلائدها ( في دمها ) ثم لا يأكل منها ، ولا يطعم ، ولا يقسم ، فإن فعل شيئا من ذلك ضمن .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعطاء والنخعي في الهدي الواجب يعطب قالوا : كل إن شئت إذا نحرته وعليك البدل .
وأما اختلاف الفقهاء في هذه المسألة ، فقال مالك : ما عطب من الهدي قبل أن يبلغ محله ، فإن كان واجبا أكل منه إن شاء وأبدله ، وإن كان تطوعا نحره ثم صبغ قلائده في دمه وخلى بين الناس وبينه ولم يأكل ولم يطعم ولم يتصدق ، فإن أكل أو أطعم أو تصدق ضمن ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري إلا أنهم قالوا : يضمن ما أكل أو أطعم أو تصدق ، وليس عليه البدل إلا لما أتلف ، فإن أتلفه كله ضمنه كله . وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أيضا ، إلا أنه قال : يتصدق بالهدي التطوع إذا عطب أفضل من أن يتركه فتأكله السباع ، قال : ولو أطعم منه غنيا ضمن ، وقال في الهدي الواجب : لا بأس أن [ ص: 269 ] يبيع لحمه . وهو قول عطاء يستعين به في ثمن هدي ، وهؤلاء لا يرون بيعه .
واختلفوا فيما يؤكل من الهدي إذا بلغ محله ، فقال مالك : يؤكل من الهدي كله إذا بلغ محله إلا جزاء الصيد ونسك الأذى وما نذر للمساكين ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يؤكل من الهدي كله شيء إذا بلغ محله إلا بالتطوع وحده ، فأما الهدي الواجب فلا يأكل شيئا منه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يؤكل من هدي المتعة والقران والتطوع ، ولا يؤكل مما سواه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : يؤكل من هدي المتعة والإحصار والوصية والتطوع .