[ ص: 162 ] ( هكذا هذا الحديث في الموطأ - كما روي - منقطع ) ، ويتصل معناه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أعلم أنه روي من حديث عائشة بهذا اللفظ ألبتة ، وسنذكر في هذا الباب ما روي فيه عن عائشة ، وسائر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إن شاء الله .
ولم يختلف رواة الموطأ في إرسال هذا الحديث كما روي .
وروى حبيب ، عن مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، عن عائشة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يضاجع nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وهي حائض ، عليها بعض الإزار ، وما انفرد به حبيب لا يحتج به .
وقوله نفست يقول : لعلك أصبت بالدم يعني الحيضة ، والنفس الدم ، ألا ترى إلى قول nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، وهو عربي فصيح : كل ما ليس له نفس سائلة يموت في الماء لا يفسده ، يعني دما سائلا .
وفيه أن الحائض يجوز أن يباشر منها ما فوق الإزار لقوله : ثم عودي إلى مضجعك ، ومعلوم أنها إذا عادت إليه في ثوب واحد [ ص: 163 ] معه أن يباشرها ، فإذا كان ذلك كذلك ، كان هذا الحديث يفسر قول الله عز وجل فاعتزلوا النساء في المحيض ; لأنه يحتمل قوله " اعتزلوا النساء " أي : لا تكونوا معهن في البيوت ، ويحتمل اعتزلوا وطأهن لا غير ، فأتت السنة مبينة مراد الله عز وجل من قوله ذلك .
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يحيى قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010862أن اليهود كانت إذا حاضت منهن امرأة أخرجوها من البيت ، ولم يواكلوها ، ولم يشاربوها ، ولم يجامعوها في البيت ، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض إلى آخر الآية . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : جامعوهن في البيوت ، واصنعوا كل شيء غير النكاح ، فقالت اليهود : ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه ، فجاء [ ص: 164 ] nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير ، nindex.php?page=showalam&ids=4582وعباد بن بشر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالا له : يا رسول الله إن اليهود تقول كذا ، وكذا أفلا ننكحهن في المحيض ، فتغير وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننا أنه قد وجد عليهما ، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث في أثرهما فسقاهما ، فظننا أنه لم يجد عليهما .
هذا حديث حسن صحيح ثابت في معنى حديث ربيعة ، عن عائشة ، رواه عن nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير جماعة هكذا ، ورواه محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة كما ذكرنا ، والقول عندهم قول nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، وهو أثبت من محمد بن عمرو في أم [ ص: 166 ] سلمة ، وقد أدخل بين أبي سلمة ، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=170زينب بنت أم سلمة ، وهو الصواب .
وحدثني محمد بن عبد الله قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11996أبو خليفة الفضل بن الحباب القاضي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد بن مسرهد قال : حدثنا أبو عوانة ، nindex.php?page=showalam&ids=16697عمرو بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن عائشة : أنها كانت تنام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حائض ، وبينهما ثوب ( nindex.php?page=showalam&ids=16697وعمرو بن أبي سلمة كان nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يضعفه ، وليس بالحافظ ، وإسناد يحيى عن أبي سلمة ، عن زينب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة صحيح عندهم ، وإسناد حديث عائشة أيضا ، وميمونة في هذا الباب صحيح ، والحمد لله ) .
( وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم ، قال : حدثنا الوليد بن سلم قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن يزيد ، عن سويد بن قيس التجيبي أن قرط بن عوف حدثه أنه سأل عائشة فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010870يا أم المؤمنين أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يضاجعك ، وأنت حائض ؟ فقالت : نعم ، إذا [ ص: 169 ] شددت علي إزاري ، وذلك إذ لم يكن إلا فراش واحد ، فلما رزقنا الله فراشين ، اعتزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا لا نعلم يروى إلا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، وليس بحجة ) ، وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا عبد الواحد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11814سليمان الشيباني قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد ، عن ميمونة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه ، وهي حائض ، أمرها فائتزرت .
هذه الآثار كلها في معنى حديث ربيعة ، عن عائشة ، وظاهرها أن الحائض لا يباشر منها إلا ما فوق الإزار .
[ ص: 170 ] واختلف الفقهاء في مباشرة الحائض ، وما يستباح منها ، فقال مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأبو يوسف : له منها ما فوق المئزر .
وممن روى عنه هذا المعنى القاسم ، وسالم ، وحجتهم ما ذكرنا في هذا الباب من الآثار ، عن عائشة ، وميمونة ، nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، ومحمد بن الحسن ، وبعض أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يجتنب مواضع الدم ، وممن روى عنه هذا المعنى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق ، والنخعي ، وعكرمة ، وهو قول داود بن علي .
( أخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن ثابت بن عبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : [ ص: 171 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010873إن حيضتك ليست في يدك ) .
وحدثنا عمر بن الحسين بن محمد قال : حدثني أبي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ا هـ .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12310أسد بن موسى ، وحدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أنس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
قال أسد : وحدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أنس ، عن عائشة مثله ، ولم يذكر nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
[ ص: 172 ] ( وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البهي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن عائشة مثله ) .
فدل ما في هذا الحديث أن كل عضو منها ليس فيه الحيضة في الطهارة ، يعني ما كان قبل الحيض ، ودل على أن الحيض ليس يغير شيئا من المرأة مما كان عليه قبل ، غير موضع الحيض وحده .
( قال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي : ما في هذا الحديث أن كل عضو منها ليس فيه الحيضة في الطهارة ، يعني ما كان عليه قبل ، غير موضع الحيض وحده ) .
وروى أبو معشر ، عن إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق قال : سألت عائشة : ( ( ما يحل لي من امرأتي ، وهي حائض ؟ فقالت : كل شيء إلا الفرج ) ) رواه أيوب ، عن أبي معشر ، وروى أيوب أيضا ، عن أبي قلابة ، عن عائشة مثله .
وأخبرنا عمر بن حسين ، عن أبيه قال : حدثني علي بن أحمد بن أبي جعفر الطحاوي ، عن أبيه قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان المرادي قال : حدثنا شعيب بن الليث قال : حدثنا الليث ، عن بكر بن الأشج ، عن أبي مرة ، عن عقيل ، عن حكيم بن عفان قال : سألت عائشة : ما يحرم علي من امرأتي إذا حاضت ؟ فقالت : فرجها . ( وذكره nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15303أبو عبد الرحمن المقري ، عن [ ص: 174 ] سعيد بن أيوب ، عن يزيد بن حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكر بن عبد الله الأشج ، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب ، عن حكيم بن عقال قال : سألت عائشة : ما يحرم علي من امرأتي ، وهي حائض ؟ قالت : فرجها ) .
يحتمل أن يكون قوله - صلى الله عليه وسلم - بمباشرة الحائض ، وهي متزرة على الاحتياط ، والقطع للذريعة ، ولو أنه أباح فخذها كان ذلك ذريعة إلى موضع الدم المحرم بإجماع ، فنهى عن ذلك احتياطا ، والمحرم بعينه موضع الأذى ، ويشهد لهذا ظاهر القرآن ، وإجماع معاني الآثار لئلا يتضاد ، وبالله التوفيق .
واختلف الفقهاء في الذي يأتي امرأته ، وهي حائض ، فقال مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وهو قول ربيعة ، nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد : يستغفر الله ، ولا شيء عليه ، ولا يعود ، وبه قال داود .
وروي عن محمد بن الحسن أنه قال : يتصدق بنصف دينار .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : يتصدق بدينار أو نصف دينار .
وقال أحمد : ما أحسن حديث عبد الحميد ، عن مقسم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010880يتصدق بدينار ، أو نصف [ ص: 176 ] دينار ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : يستحب له أن يتصدق بدينار أو نصف دينار ، فإن لم يفعل فلا شيء عليه ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ببغداد .
وقالت فرقة من أهل الحديث : إن وطئ في الدم فعليه دينار ، وإن وطئ في انقطاع الدم فنصف دينار .
وقال أبو داود كذلك قال علي بن بذيمة ، عن مقسم ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ( مرسل ، وحجة من قال بقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن ، عن مقسم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010883في الذي يأتي امرأته ، وهي حائض ، قال : يتصدق بدينار أو نصف دينار .
( قال أبو داود : هكذا الرواية الصحيحة دينار أو نصف دينار ) قال : وربما لم يرفعه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن الحكم .
وحجة من لم يوجب عليه كفارة إلا الاستغفار والتوبة - اضطراب هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأن مثله لا تقوم به حجة ، وأن الذمة على البراءة ، ولا يجب أن يثبت فيها شيء لمسكين ولا غيره ، إلا بدليل لا مدفع فيه ، ولا مطعن عليه ، وذلك معدوم في هذه المسألة .
واختلف الفقهاء أيضا في وطء الحائض بعد الطهر ، وقبل الغسل فقال مالك ، وأكثر أهل المدينة : إذا انقطع عنها الدم لم يجز وطؤها حتى تغتسل ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري ، nindex.php?page=showalam&ids=16969ومحمد بن سلمة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام جاز له أن يطأها ، وإن كان انقطاعه قبل العشرة لم يجز حتى تغتسل ، أو يدخل عليها وقت صلاة .
قال أبو عمر :
هذا تحكم لا وجه له ، وقد حكموا للحائض بعد انقطاع دمها بحكم الحيض في العدة ، وقالوا : لزوجها عليها الرجعة ما لم تغتسل ( فعلى قياس قولهم هذا لا يجب أن توطأ حتى تغتسل ) ، وهو الصواب مع موافقة أهل المدينة ، وبالله التوفيق .
[ ص: 179 ] فإن قيل : إن في قول الله عز وجل ولا تقربوهن حتى يطهرن بعد قوله فاعتزلوا النساء في المحيض دليلا على أن المحيض إذا زال وطهرن ؛ جاز إتيانهن من حيث أمرنا باجتنابهن ، فالجواب : أن في قول الله عز وجل : فإذا تطهرن فأتوهن دليلا على بقاء تحريم الوطء بعد الطهر حتى يتطهرن بالماء ; لأن " تطهرن " تفعلن مأخوذ من قول الله وإن كنتم جنبا فاطهروا يريد الاغتسال بالماء ، وقد يقع التحريم بالشيء ، ولا يزول بزواله لعلة أخرى . دليل ذلك قول الله عز وجل في المبتوتة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ، وليس تحل له بنكاح الزوج حتى يمسها ويطلقها ، وكذلك لا تحل الحائض للوطء بالطهر حتى تغتسل ، ومثل ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تحيض ، ومعناه حتى تضع ، وتطهر من دم نفاسها أو حيضتها ، وتغتسل منه .
ومن هذا المعنى أيضا : أن الإحرام يمنع من الطيب ، واللباس ، والصيد ، والنساء ، وقد يقع الحل من ذلك كله قبل أن يقع من وطء النساء حتى يكمل الخروج من الحج ، فيحل حينئذ الوطء ، فكذلك الحيض يوجب تحريم الصلاة والصوم وإتيان الزوج ، فإذا انقطع الدم انحل عنها بعض ذلك بإباحة الصوم لها ، وبقي تحريم الصلاة إلى أن تأتي بالطهارة ، فكذلك حكم الجماع أن يبقى تحريمه حتى لا يبقى للحيض حكم - والله أعلم - ، وفي المسألة اعتراضات ، وفيما ذكرنا كفاية ، والحمد لله .