روي هذا الحديث متصلا مسندا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه :
من حديث أبي موسى ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري .
وقال بعضهم في هذا الحديث : كلنا سمعه .
وقد روى قوم هذا الحديث عن أبي سعيد ، عن أبي موسى ، وإنما هذا من النقلة باختلاط الحديث عليهم ، ودخول قصة أبي سعيد مع أبي موسى في ذلك - والله أعلم - كأنهم يقولون : عن أبي سعيد ، عن قصة أبي موسى على نحو رواية عمر بن سلمة ، عن البهزي ، يريد : عن قصة البهزي ، وقد أوضحنا هذا المعنى عند ذكر حديث البهزي في باب حديث nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد من كتابنا هذا ، والحمد لله .
ومن أحسن طرق nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري في هذه القصة ما حدثناه أبو زيد عبد الرحمن بن يحيى قال : حدثنا علي بن محمد بن مسرور قال : حدثنا أحمد بن أبي سليمان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : أخبرنا عمر بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج أن nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد حدثه أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010894كنا في مجلس nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ، فأتى أبو موسى مغضبا حتى وقف ، وقال : أنشدكم الله هل سمع أحد منكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : الاستئذان ثلاث [ ص: 192 ] فإن أذن لك ، وإلا فارجع قال أبي : وما ذاك ؟ قال : استأذنت على عمر أمس ثلاث مرات ، فلم يؤذن لي فرجعت ، ثم جئت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلاثا ، ثم انصرفت ، قال : قد سمعناك ، ونحن حينئذ على شغل ، فلو استأذنت حتى يؤذن لك ، قال : استأذنت كما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : والله لأوجعن ظهرك وبطنك ، أو لتأتيني بمن يشهد لك على هذا فقال أبي : والله لا يقوم معك إلا أحدثنا سنا ، الذي يجيبك ، قم يا أبا سعيد ، فقمت حتى أتيت عمر فقلت : قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول هذا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وقال مالك : الاستئذان ثلاث ، لا أحب أن يزيد أحد عليها ، إلا من علم أنه لم يسمع ، فلا أرى بأسا أن يزيد إذا استيقن أنه لم يسمع ، قال : وقال مالك : الاستيناس فيما نرى - والله أعلم - الاستئذان .
قال علي : وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن أبي سلمة سعيد بن يزيد ، سمع nindex.php?page=showalam&ids=12179أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد مثل ذلك .
رواه معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13999الجريري بإسناده ، فلم يأت بالقصة بتمامها ، ورواه عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة أيضا nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، ورواية أبي سلمة أحسن سياقة ، وأتم معنى .
[ ص: 195 ] وأما رواية من روى هذا الحديث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ( فحدثني nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن داود ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن أبي موسى قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010898قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المستأذن ثلاثا ، فلم يؤذن له ، فليرجع .
في هذا الحديث من الفقه إيجاب الاستئذان ، وهو يخرج في تفسير قول الله عز وجل لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ، والاستيناس في هذا الموضع هو الاستئذان ، كذلك قال أهل التفسير ، وكذلك في قراءة أبي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس تستأذنوا وتسلموا على أهلها .
[ ص: 197 ] ( أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن إسماعيل أبو جعفر الصائغ قال : حدثنا عفان قال : حدثني ثابت بن يزيد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم الأحول ، عن عكرمة قال : في قراءة nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : حتى تسلموا أو تستأذنوا قال : وتعلم منه nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ) ، وفيه أن السنة في الاستئذان ثلاث مرات لا يزاد عليها ، ويحتمل أن يكون ذلك على معنى الإباحة والتخفيف على المستأذن ، فمن استأذن أكثر من ثلاث مرات لم يحرج - والله أعلم - .
ما قاله من هذا فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية التي نزع بها ، والذي عليه جمهورهم في قوله فيها " ثلاث مرات " أي في ثلاثة أوقات ، يدل على صحة هذا القول ذكره فيها " من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء " وللكلام في هذه الآية موضع غير هذا ) ، وجاء في هذا [ ص: 198 ] الحديث عن أبي موسى أنه قال : استئذانه يومئذ بأن قال : يستأذن nindex.php?page=showalam&ids=110عبد الله بن قيس يستأذن أبو موسى ، ونحو هذا .
قال أبو عمر :
وفيه : أن الرجل العالم الحبر قد يوجد عند من هو دونه في العلم ما ليس عنده من العلم ، إذا كان طريق ذلك العلم السمع ، ( وإذا جاز مثل هذا على عمر على موضعه في العلم ، فما ظنك بغيره بعده .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن أبي وائل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : لو أن علم عمر وضع في كفة ووضع علم أحياء الأرض في كفة أخرى ، لرجح علم عمر بعلمهم ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم فقال : لا تعجب من هذا ، فقد قال عبد الله : إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر ، وجاء عن حذيفة مثل قول عبد الله ) .
قال أبو عمر :
زعم قوم أن في هذا الحديث دليلا على أن مذهب عمر أن لا يقبل خبر الواحد ، وليس كما زعموا ; لأن عمر رضي الله عنه قد ثبت عنه استعمال خبر الواحد وقبوله وإيجاب الحكم به ، أليس هو الذي ناشد الناس بمنى ; من كان عنده علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدية فليخبرنا ؟ وكان رأيه أن المرأة لا ترث من دية زوجها ; لأنها ليست من عصبته الذين يعقلون عنه ، فقام [ ص: 199 ] الضحاك بن سفيان الكلابي فقال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010901كتب إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها ، وكذلك ناشد الناس في دية الجنين ، من عنده فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ ، فأخبره حمل بن مالك بن النابغة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى فيه بغرة : عبد أو أمة ، فقضى به عمر ، ولا يشك ذو لب ، ومن له أقل منزلة في العلم ، أن موضع أبي موسى من الإسلام ، ومكانه من الفقه والدين - أجل من أن يرد خبره ، ويقبل خبر الضحاك بن سفيان الكلابي ، وحمل بن مالك الأعرابي ، وكلاهما لا يقاس به في حال ، وقد قال له عمر في حديث ربيعة هذا : أما إني لم أتهمك ، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدل على اجتهاد كان من عمر - رحمه الله - في ذلك الوقت [ ص: 200 ] لمعنى الله أعلم به ، وقد يحتمل أن يكون عمر - رحمه الله - كان عنده في ذلك الحين من لم يصحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل العراق ، وأهل الشام ; لأن الله فتح عليه أرض فارس والروم ، ودخل في الإسلام كثير ممن يجوز عليهم الكذب ; لأن الإيمان لم يستحكم في قلوب جماعة منهم ، وليس هذه صفة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; لأن الله قد أخبر أنهم خير أمة أخرجت للناس ، وأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم ، وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه .
وإذا جاز الكذب وأمكن في الداخلين إلى الإسلام ، فيمكن أن يكون عمر مع احتياطه في الدين يخشى أن يختلقوا الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عند الرهبة والرغبة ، أو طلبا للحجة ، وفرارا إلى الملجأ ، والمخرج مما دخلوا فيه ; لقلة علمهم بما في ذلك عليهم ، فأراد عمر أن يريهم أن من فعل شيئا ينكر عليه ، ففزع إلى الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه ; ليثبت له بذلك فعله ، وجب التثبت فيما جاء به إذا لم تعرف حاله حتى يصح قوله ; فأراهم ذلك ، ووافق أبا موسى ، وإن كان عنده معروفا بالعدالة غير متهم ; ليكون ذلك أصلا عندهم ، وللحاكم أن يجتهد بما أمكنه إذا أراد به الخير ، ولم يخرج عما أبيح له - والله أعلم - بما أراد عمر بقوله ذلك لأبي موسى ، وعلى هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال : كان الرجل إذا حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حتى يجيء ببينة ، وإلا عوقب ، يعني ممن [ ص: 201 ] ليس بمعروف بالعدالة ، ولا مشهور بالعلم والثقة ، ألا ترى إلى إجماع المسلمين أن العالم إذا حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان مشهورا بالعلم ، أخذ ذلك عنه ، ولم ينكر عليه ، ولم يحتج إلى بينة ، ومن نحو قول nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس هذا قول سعد بن إبراهيم رحمه الله : لا يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الثقات ، أي : كل من إذا وقف أحال على مخرج صحيح ، وعلم ثابت ، وكان مستورا لم تظهر منه كبيرة .
وأما قول من قال : إن عمر لم يعرف أبا موسى ، فقول خرج عن غير روية ولا تدبر ، ومنزلة أبي موسى عند عمر مشهورة ، وقد عمل له ، وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاملا وساعيا على بعض الصدقات ، وهذه منزلة رفيعة في الثقة ، والأمانة .
وفي قول عمر رحمه الله في حديث nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد 1456 ) بن عمير الذي ذكرناه في هذا الباب : خفي علي هذا من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ألهاني عنه الصفق في الأسواق ، اعتراف منه بجهل ما لم يعلم ، وإنصاف صحيح ، وهكذا يجب على كل مؤمن .
[ ص: 202 ] وفي قوله : ألهاني عنه الصفق بالأسواق دليل على أن طلب الدنيا يمنع من استفادة العلم ، وأن كلما ازداد المرء طلبا لها ازداد جهلا ، وقل عمله - والله أعلم - ، ومن هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أما إخواننا المهاجرون ، فكان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وأما إخواننا من الأنصار فشغلتهم حوائطهم ، ولزمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شبع بطني .
هذا وكان القوم عربا في طبعهم الحفظ ، وقلة النسيان ، فكيف اليوم ؟ وإذا كان القرآن الميسر للذكر كالإبل المعقلة ، من تعاهدها أمسكها ، فكيف بسائر العلوم ؟
والله أسأله علما نافعا ، وعملا متقبلا ، ورزقا واسعا ، لا شريك له .
ومن أحسن حديث يروى في كيفية الاستيذان ، ما حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن صالح ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010903استأذن عمر على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : السلام على رسول الله ، السلام عليكم ، أيدخل عمر .
( وقد ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : أخبرني عمر بن الحارث ، عن أبي الزبير ، عن عمر مولى آل عمر ، أنه حدثه أنه دخل على عبد الله بن عمر بمكة قال : وقفت على الباب فقلت : السلام عليكم ، ثم دخلت ، فنظر في وجهي ، ثم قال : اخرج ، ثم قلت السلام عليكم ، أأدخل ؟ قال : ادخل الآن ، من أنت ؟ قلت : رجل من مصر ، قال : وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قلت لعطاء : كان يقال : إذا استأذن الرجل ، ولم يسلم فلا يؤذن له حتى يأتي بمفتاح ، قلت : السلام ؟ قال : نعم .
قال أبو عمر :
تهذيب هذه الآثار كلها على ما جاء في حديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : السلام عليكم أيدخل عمر ؟ فمن سلم ، ولم يقل أأدخل ؟ أو يدخل فلان ؟ أو قال : أدخل ؟ أو يدخل فلان ؟ ولم يسلم ، فليس بإذن يستحق به أن يؤذن له - والله أعلم - .
وقد أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن الاستئذان ترك العمل به الناس ، وأظن ذلك لقرع الأبواب اليوم - والله أعلم - .
حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي [ ص: 204 ] عن nindex.php?page=showalam&ids=16698عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال ، فأمرهم الله بالاستئذان ، ثم جاءهم الله بالستور والخير ، فلم أر أحدا يعمل بذلك بعد .
وقد أوضحنا هذا المعنى في باب nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم ، والحمد لله ) .
[ ص: 205 ] وأنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( على جابر حين دق على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الباب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : من ؟ فقالجابر : أنا ، فأنكر ذلك عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : أنا أنا ! مرتين أو ثلاثا إنكارا لذلك ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، وغيره ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أنه ذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين أبيه قال : فدققت الباب فقال : من هذا ؟ قلت : أنا قال : أنا أنا ! فكرهه .