فأما قوله : يخرج فيكم - فمن هذه اللفظة - سميت الخوارج خوارج ، ومعنى قوله : يخرج فيكم - يريد : فيكم أنفسكم - يعني أصحابه ، أي : يخرج عليكم ، وكذلك خرجت الخوارج ، ومرقت المارقة في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - ، وأول من سماهم حرورية علي - رضي الله عنه - إذ خرجوا مخالفين للمسلمين ناصبين لراية الخلاف والخروج ، وأما تسمية الناس لهم بالمارقة وبالخوارج ، فمن أصل ذلك هذا الحديث ، وهي أسماء مشهورة لهم في الأشعار والأخبار .
قال عبد الله بن قيس الرقيات :
ألا طرقت من آل بثنة طارقه على أنها معشوقة الدل عاشقه تبيت وأرض السوس بيني وبينها وسولاب رستاق حمته الأزارقه إذا نحن شئنا فارقتنا عصابة حرورية أضحت من الدين مارقه
( والأزارقة من الخوارج أصحاب نافع بن الأزرق ، وأتباعه ) .
[ ص: 322 ] والمعنى في هذا الحديث ومثله مما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك عند جماعة أهل العلم المراد به - عندهم - القوم الذين خرجوا على nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب يوم النهروان ، فهم أصل الخوارج ، وأول خارجة خرجت ; إلا أن منهم طائفة كانت ممن قصد المدينة يوم الدار في قتل عثمان - رحمه الله - .
قال أبو عمر :
كان للخوارج مع خروجهم تأويلات في القرآن ، ومذاهب سوء مفارقة لسلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ، الذين أخذوا الكتاب والسنة عنهم ، وتفقهوا معهم ، فخالفوا في تأويلهم ومذاهبهم الصحابة والتابعين ، وكفروهم ، وأوجبوا على الحائض الصلاة ، ودفعوا رجم المحصن الزاني ، ومنهم من دفع الظهر ، والعصر ، وكفروا المسلمين بالمعاصي ، واستحلوا بالذنوب دماءهم ، وكان خروجهم فيما زعموا تغييرا للمنكر ورد الباطل ، فكان ما جاءوا به أعظم المنكر وأشد الباطل ، إلى قبيح مذاهبهم مما قد وقفنا على أكثرها ، وليس هذا والحمد لله موضع ذكرها ، فهذا أصل أمر الخوارج ، وأول خروجهم كان على علي - رضي الله عنه - فقتلهم بالنهروان ، ثم بقيت منهم بقايا من أنسابهم ومن غير أنسابهم على مذاهبهم يتناسلون ويعتقدون مذاهبهم ، وهم بحمد الله مع الجماعة مستترون بسوء مذهبهم ، [ ص: 323 ] غير مظهرين لذلك ، ولا ظاهرين به ، والحمد لله ، وكان للقوم صلاة بالليل والنهار ، وصيام يحتقر الناس أعمالهم عندها ، وكانوا يتلون القرآن آناء الليل والنهار ، ولم يكن يتجاوز حناجرهم ولا تراقيهم ; لأنهم كانوا يتأولونه بغير علم بالسنة المبينة ، فكانوا قد حرموا فهمه والأجر على تلاوته ، فهذا - والله أعلم - معنى قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017218لا يجاوز حناجرهم يقول : لا ينتفعون بقراءته كما لا ينتفع الآكل والشارب من المأكول والمشروب بما لا يجاوز حنجرته .
وقد قيل : إن معنى ذلك أنهم كانوا يتلونه بألسنتهم ولا تعتقده قلوبهم ، وهذا إنما هو في المنافقين .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16407عبيد الله بن أبي يزيد قال : ذكرت الخوارج واجتهادهم عند nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأنا عنده ، فسمعته يقول : ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى ، وهم يضلون .
وحدثناه nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم ، قال : حدثنا عبد الله ، يعني ابن إسحاق الجوهري ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج ، قال : حدثنا خالي أبو الربيع ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، فذكره .
[ ص: 324 ] قال أحمد : وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، وعبد الرحمن بن يعقوب ، وسعيد بن ديسم ، قالوا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16407عبيد الله بن أبي يزيد ، فذكره .
وكانوا بتكفيرهم الناس لا يقبلون خبر أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلم يعرفوا لذلك شيئا من سنته وأحكامه المبينة لمجمل كتاب الله ، والمخبرة عن مراد الله من خطابه في تنزيله بما أراد الله من عباده في شرائعه التي تعبدهم بها ، وكتاب الله عربي ، وألفاظه محتملة للمعاني ، فلا سبيل إلى مراد الله منها إلا ببيان رسوله ; ألا ترى إلى قول الله - عز وجل - ( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ) وألا ترى أن الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والصيام ، وسائر الأحكام ، إنما جاء ذكرها وفرضها في القرآن مجملا ، ثم بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أحكامها ، فمن لم يقبل أخبار العدول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ضل ، وصار في عمياء ، فلما لم يقبل القوم أخبار الأمة عن نبيها ، ولم يكن عندهم بنبيهم عدل ولا مومن ، وكفروا عليا وأصحابه فمن دونهم ، ضلوا وأضلوا ، ومرقوا من الدين ، وخالفوا سبيل المؤمنين - عافانا الله وعصمنا من الضلال كله برحمته وفضله ، فإنه قادر على ذلك لا شريك له .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع قال : قيل nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إن نجدة يقول : إنك كافر ، وأراد قتل مولاك إذ لم يقل إنك [ ص: 325 ] كافر ، فقال عبد الله : كذب ، والله ما كفرت منذ أسلمت .
قال نافع : وكان nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر حين خرج نجدة يرى قتاله .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : وأخبرنا معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس ، عن أبيه : أنه كان يحرض الناس على قتال زريق الحروري .
وأما قوله : يمرقون من الدين ، فالمروق الخروج السريع كما يمرق السهم من الرمية ، والرمية : الطريد من الصيد المرمية ، ( وأتت بهاء التأنيث ; لأنه ذهب مذهب الأسماء التي لم تجئ على مذهب النعت ، وإن كان ، فعيل نعتا للمؤنث ، وهو في تأويل مفعول - كان بغير هاء - نحو لحية خصيب ، وكف دهين ، وشاة رمي ; لأنها في تأويل مخضوبة ، ومدهونة ، ومرمية ، وقد تجيء فعيل بالهاء ، وهي في تأويل مفعولة تخرج مخرج الأسماء ، ولا يذهب بها مذهب النعوت نحو النطيحة ، والذبيحة ، والفريسة ، وأكيلة السبع ) . وهي فعيلة من الرمي ; لأن كل فاعل يبنى على فعله ، فالاسم منه فاعل ، والمفعول منه مفعول كقولك ضرب فهو ضارب ، والمفعول مضروب ، والأنثى مضروبة ، فإذا بنيت الفعل من بنات الياء قلت : رمى فهو رام [ ص: 326 ] والمفعول مرمي ، وكان أصله مرموي حتى يكون على وزن مفعول ، فاستثقلت العرب ياء قبلها ضمة ، فقلبت الواو ياء ، ثم أدغمتها في الياء التي بعدها فصار " مرمي " ، فإذا أنثته قلت : مرمية ، وإذا أدخلت عليها الألف واللام قلت : المرمية والرمية مثل المقتولة والقتيلة .
قال أبو عبيد في قوله : كما يخرج السهم من الرمية قال : يقول : يخرج السهم ، ولم يتمسك بشيء كما خرج هؤلاء من الإسلام ، ولم يتمسكوا بشيء .
وقال غيره : تتمارى في الفوق أي تشك ، والتماري الشك ، وذلك يوجب أن لا يقطع على الخوارج ولا على غيرهم من أهل البدع بالخروج من الإسلام ، وأن يشك في أمرهم ، وكل شيء يشك فيه ، فسبيله التوقف عنه دون القطع عليه .
وقال الأخفش : شبهه برمية الرامي الشديد الساعد إذا رمى ، فأنفذ سهمه في جنب الرمية ، فخرج السهم من الجانب الآخر من شدة رميه ، وسرعة خروج سهمه ، فلم يتعلق بالسهم دم ولا فرث ، فكأن الرامي أخذ ذلك السهم ، فنظر في النصل ، وهو الحديدة التي في السهم ، فلم [ ص: 327 ] ير شيئا يريد من فرث ولا دم ، ثم نظر في القدح ، والقدح عود السهم نفسه ، فلم ير شيئا ، ونظر في الريش ، فلم ير شيئا .
وقوله nindex.php?page=hadith&LINKID=1017220تتمارى في الفوق ، الفوق : هو الشق الذي يدخل في الوتر ، أي : تشك إن كان أصاب الدم الفوق ، فكما خرج السهم خاليا نقيا من الفرث والدم لم يتعلق منها شيء ، فكذلك خرج هؤلاء من الدين يعني الخوارج .
وفي غير حديث مالك ذكر الرعظ ، وهو مدخل السهم في الزج والرصاف ، وهو العقب الذي يشد عليه ، والقذذ ، وهو الريش واحدتها قذة .
أخبرنا خلف ، حدثنا عبد الله بن عمر ، حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12265أحمد بن صالح ، قال : النصل : الحديدة ، والرصاف : العقب ، والقذذ : الريش ، والنضي : السهم كله إلى الريش .
قال أبو عمر :
قد قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يخرج قوم من أمتي إن صحت هذه اللفظة ، فقد جعلهم من أمته ، وقد قال قوم : معناه من أمتي بدعواهم .
حدثنا أحمد بن محمد حدثنا أحمد بن الفضل حدثنا أبو علي الحسن بن علي الرافقي بأنطاكية سنة ثلاث وعشرين قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أبي الحناجر قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16862مؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017222تلتقي من أمتي فئتان عظيمتان ، دعواهما واحدة ، فبينا هم كذلك ; إذ مرقت بينهما مارقة ، تقتلهم أولى الطائفتين بالحق .
حدثنا أحمد بن قاسم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا أبو يعلى محمد بن زهير الأيلي القاضي بالأيلة حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15026يعقوب بن إسحاق بن زياد القلوسي حدثنا بشير بن عباد الساعدي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14941القاسم بن الفضل حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017223تمرق مارقة عند فرقة من الناس ، تقتلها أولى الطائفتين بالحق .
قال أبو سعيد : فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشهد أن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قاتلهم ، وأنا معه ، فأمر بذلك الرجل ، فالتمس فوجد ، فأتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نعت .
فقال أبو سعيد : سمعت أذني من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين ، وبصرت عيني مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب حين قتلهم ، فنظرت إليه .
وذكر الضحاك في هذا الحديث طائفة عن يونس ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وطائفة تقول فيه : nindex.php?page=showalam&ids=14674الضحاك المشرقي ، وطائفة تقول : nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك بن مزاحم ، ولم يذكره معمر .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد ، عن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أن الحرورية لما خرجت ، وهو مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، فقالوا : لا حكم إلا لله ، فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل ، nindex.php?page=hadith&LINKID=1017228إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وصف أناسا ، إني لأعرف صفتهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم ، وأشار إلى حلقه ، من أبغض خلق الله إليه ، منهم أسود إحدى يديه كطبي شاة ، وحلمة ثدي . فلما قتلهم [ ص: 332 ] nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال انظروا انظروا ، فلم يجدوا شيئا ، فقال : ارجعوا ، فوالله ما كذبت - ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ; ثم وجدوه في خربة ، فأتوا به حتى وضعوه بين يديه ، فقال عبيد الله : أنا حاضر ذلك من أمرهم ، وقول علي فيهم ; قال nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج : وحدثني رجل ، عن إبراهيم بن حنين أنه قال : رأيت ذلك الأسود .
قال أبو عمر : قوله : يخرج ، وقوله : إن لهذا أصحابا يخرجون عند اختلاف من الناس يدل على أنهم لم يكونوا خرجوا بعد ، وأنهم يخرجون فيهم ، وقد استدل بنحو هذا الاستدلال من زعم أن ذا الخويصرة ليس ذا الثدية ، - والله أعلم - .
ويحتمل قوله : إن لهذا أصحابا يريد على مذهبه ، وإن لم يكونوا ممن صحبه ، كما يقال لأتباع nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وأتباع مالك ، وأتباع nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وغيرهم من الفقهاء ، فيمن تبعهم على مذاهبهم - : هؤلاء أصحاب فلان ، وهذا من أصحاب فلان - والله أعلم - .
ويقال : إن ذا الخويصرة اسمه حرقوص ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي أنه قال : حرقوص بن زهير هو ذو الثدية ، وهو الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما عدلت .
وذكر المدائني ، عن نعيم بن حكيم ، عن أبي مريم - قصة ذي الثدية بتمامها وطولها ، وقال : يقال له نافع ذو الثدية .
قال أبو سعيد : أشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأشهد أن عليا قتلهم ، وأنا حين قتلهم معه - حتى أتى الرجل على النعت الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17015محمد بن كثير قال : حدثنا سفيان ، وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد حدثنا زهير جميعا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15848خيثمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017230يكون قوم في آخر الزمان سفهاء [ ص: 334 ] الأحلام ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، فأينما لقيتهم فاقتلهم ، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم .
وروى يحيى بن آدم ، عن إسرائيل ، عن محمد بن معن ، عن الحارث بن مالك قال : شهدت مع علي النهروان ، فلما فرغ منهم قال : اطلبوه اطلبوه ، فطلبوه ، فلم يقدروا على شيء ، فأخذه الكرب ، فرأيت جبينه يتحدر منه العرق ، ثم وجده فخر ساجدا ، وقال : والله ما كذبت ، ولا كذبت .
وروينا ، عن خليفة الطائي قال : لما رجعنا من النهروان ، لقينا العزار الطائي قبل أن ينتهي إلى المدائن ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=76لعدي بن حاتم : يا أبا طريف : أغانم سالم ؟ أم ظالم آثم ؟ قال : بل غانم سالم إن شاء الله قال : فالحكم والأمر إذا إليك ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=13705الأسود بن يزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=13705والأسود بن قيس المراديان : ما أخرج هذا الكلام منك إلا شر ، وإنا لنعرفك برأي القوم ، فأتيا به عليا ، فقالا : إن هذا يرى رأي الخوارج ، وقد قال كذا ، وكذا قال : فما أصنع به ؟ قال : تقتله قال : لا أقتل من لا يخرج علي قال : فتحبسه قال : ولا أحبس من ليست له جناية ، خليا سبيل الرجل .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم حدثنا عبد الله يعني ابن إسحاق حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن عبد الله بن بكير قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن عبد الله بن الأشج أنه [ ص: 335 ] سأل نافعا : كيف كان رأي nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الخوارج ؟ فقال : كان يقول : هم شرار الخلق ، انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار ، فجعلوها على المؤمنين .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15829خلف بن قاسم حدثنا عبد الله بن إسحاق حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج قال : حدثني خالي أبو الربيع ، وأحمد بن عمرو ، وأحمد بن صالح ، قالوا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث أن nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج حدثه أنه سأل نافعا : كيف كان رأي nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الحرورية ؟ قال : يراهم شرار خلق الله ، قال : إنهم انطلقوا إلى آيات في الكفار ، فجعلوها على المومنين .
وروى حكيم بن جابر ، nindex.php?page=showalam&ids=16243وطارق بن شهاب ، والحسن ، وغيرهم ، عن علي بمعنى واحد أنه سئل عن أهل النهروان : أكفار هم ؟ قال : من الكفر فروا . قيل : فمنافقون هم ؟ قال : إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا . قيل : فما هم ؟ قال : قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا وبغوا علينا وحاربونا وقاتلونا فقتلناهم .
وروي عنه أن هذا القول كان منه في أصحاب الجمل ، - والله أعلم - .
وأخبار الخوارج بالنهروان ، وقتلهم للرجال والولدان ، وتكفيرهم الناس ، واستحلالهم الدماء والأموال مشهور معروف ، nindex.php?page=showalam&ids=16670ولأبي زيد عمر بن شبة في أخبار النهروان وأخبار صفين ديوان كبير من تأمله اشتفى من تلك الأخبار ، ولغيره في ذلك كتب حسان ، والله المستعان .
[ ص: 336 ] وروى إسرائيل ، عن مسلم بن عبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ، عن علي في قول الله - عز وجل - ( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ) الآية ، قال : هم أهل النهر .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب : أن عتريس بن عرقوب أتى nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ، فقال : يا أبا عبد الرحمن هلك من لم يأمر بالمعروف ، ولم ينه عن المنكر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود : هلك من لم ينكر المنكر بقلبه ، ولم يعرف المعروف بقلبه .
أخبرنا أحمد بن محمد حدثنا محمد بن عيسى حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15556بكر بن سهل حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17211نعيم بن حماد حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17074مسعر ، عن عامر بن شقيق ، عن أبي وائل ، عن علي قال : لم نقاتل أهل النهر على الشرك .
حدثنا نعيم حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن ابن أبي خالد ، عن حكيم بن جابر ، عن علي مثله .
حدثنا نعيم حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير حدثنا هشام بن يحيى الغساني ، عن أبيه أن nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز كتب إليه في الخوارج : إن كان من رأي القوم أن يسيحوا في الأرض من غير فساد على الأئمة ، ولا على أحد من أهل الذمة ، ولا يتناولون أحدا ، ولا قطع سبيل من سبل المسلمين ، فليذهبوا حيث شاءوا ، وإن كان رأيهم القتال ، فوالله لو أن أبكاري من ولدي خرجوا رغبة عن جماعة المسلمين لأرقت دماءهم ; ألتمس بذلك وجه الله ، والدار الآخرة .
[ ص: 337 ] وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : صاحبت الفتنة الأولى ، فأدركت رجالا ذوي عدد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد بدرا ، فبلغنا أنهم كانوا يرون أن يهدر أمر الفتنة ، فلا يقام فيها على رجل قصاص في قتل ولا دم ، ولا يرون على امرأة سيبت ، فأصيبت حدا ، ولا يرون بينها وبين زوجها ملاعنة . ومن رماها جلد الحد ، وترد إلى زوجها بعد أن تعتد من الآخر .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : وقالوا : لا يضمن مال ذهب إلا أن يوجد شيء بعينه ، فيرد إلى أهله .
وقال ابن القاسم : بلغني أن مالكا قال : الدماء موضوعة عنهم ، وأما الأموال ، فإن وجد شيء بعينه أخذ ، وإلا لم يتبعوا بشيء ، قال ذلك في الخوارج .
قال ابن القاسم : وفرق بين المحاربين وبين الخوارج ; لأن الخوارج خرجوا ، واستهلكوا ذلك على تأويل أنه صواب ، والمحاربون خرجوا فسقا ( مجونا ) وخلاعة على غير تأويل ، فيوضع عن المحارب إذا تاب قبل أن يقدر عليه حد الحرابة ، ولا توضع عنه حقوق الناس - يعني في دم ولا مال .
قال أبو عمر : قال nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق : رأى مالك قتل الخوارج وأهل القدر من أجل الفساد الداخل في الدين ، وهو من باب الفساد في الأرض ، وليس [ ص: 338 ] إفسادهم بدون فساد قطاع الطريق والمحاربين للمسلمين على أموالهم ، فوجب بذلك قتلهم ، إلا أنه يرى استتابتهم لعلهم يراجعون الحق ، فإن تمادوا قتلوا على إفسادهم لا على كفر .
قال أبو عمر : هذا قول عامة الفقهاء الذين يرون قتلهم واستتابتهم ، ومنهم من يقول : لا يتعرض لهم باستتابة ولا غيرها ما استتروا ، ولم يبغوا ويحاربوا ، وهذا مذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، وأصحابهما وجمهور أهل الفقه ، وكثير من أهل الحديث .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - في كتاب قتال أهل البغي : لو أن قوما أظهروا رأي الخوارج ، وتجنبوا جماعة المسلمين وكفروهم ، لم تحل بذلك دماؤهم ، ولا قتالهم ; لأنهم على حرمة الإيمان حتى يصيروا إلى الحال التي يجوز فيها قتالهم من خروجهم إلى قتال المسلمين ، وإشهارهم السلاح ، وامتناعهم من نفوذ الحق عليهم ، وقال : بلغنا أن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب بينما هو يخطب ; إذ سمع تحكيما من ناحية المسجد ، فقال : ما هذا ؟ فقيل : رجل يقول : لا حكم إلا لله ، فقال علي - رحمه الله - : كلمة حق أريد بها باطل ، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله ، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا ، ولا نبدؤكم بقتال .
قال : وكتب عدي إلى nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أن الخوارج عندنا يسبونك ، فكتب إليه عمر : إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم ، وإن [ ص: 339 ] شهروا السلاح ، فأشهروا عليهم ، وإن ضربوا فاضربوا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وبهذا كله نقول ، فإن قاتلونا على ما وصفنا قاتلناهم ، فإن انهزموا لم نتبعهم ، ولم نجهز على جريحهم .
قال أبو عمر : قول مالك في ذلك ومذهبه عند أصحابه في أن لا يتبع مدبر من الفئة الباغية ، ولا يجهز على جريح - كمذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء ، وكذلك الحكم في قتال أهل القبلة عند جمهور الفقهاء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن انهزم الخارجي أو الباغي إلى فئة أتبع ، وإن انهزم إلى غير فئة لم يتبع .
قال أبو عمر : أجمع العلماء على أن من شق العصا ، وفارق الجماعة ، وشهر على المسلمين السلاح ، وأخاف السبيل ، وأفسد بالقتل والسلب ، فقتلهم وإراقة دمائهم واجب ; لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض ، والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع إلا أن يتوب فاعل ذلك من قبل أن يقدر عليه ، والانهزام عندهم ضرب من التوبة ، وكذلك من عجز عن القتال لم يقتل إلا بما وجب عليه قبل ذلك .
ومن أهل الحديث طائفة تراهم كفارا على ظواهر الأحاديث فيهم مثل قوله : من حمل علينا السلاح فليس منا ، ومثل قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1017232يمرقون من الدين وهي آثار يعارضها غيرها فيمن لا يشرك بالله شيئا ، ويريد بعمله [ ص: 340 ] وجهه ، وإن أخطأ في حكمه واجتهاده ، والنظر يشهد أن الكفر لا يكون إلا بضد الحال التي يكون بها الإيمان ; لأنهما ضدان ، وللكلام في هذه المسألة موضع غير هذا ، وبالله التوفيق .