قال أبو عمر : روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قصة عبد الله بن زيد هذه في بدء الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة ، ومعان متقاربة ، وكلها يتفق على أن عبد الله بن زيد أري النداء في النوم ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر به ، عند ذلك ، وكان ذلك أول أمر الأذان ، والأسانيد في ذلك متواترة حسان ثابتة ، ونحن نذكر في هذا الباب أحسنها إن شاء الله .
قال أبو بشر وأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضا لجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤذنا .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري حديث nindex.php?page=showalam&ids=15804خالد الحذاء عن أبي قلابة عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : لما كثر الناس ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء [ ص: 22 ] يعرفونه فذكروا أن يوروا نارا ، أو يضربوا ناقوسا فأمر بلال أن يشفع الأذان ، وأن يوتر الإقامة .
قال أبو داود وهكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد : الله أكبر ، الله أكبر أربع مرات كما قال فيه nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وقال فيه معمر ويونس عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري الله أكبر مرتين .
قال أبو عمر : رواية معمر ويونس لهذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن سعيد كأنها مرسلة لم يذكرا فيها سماعا لسعيد من عبد الله بن زيد وهي محمولة عندنا على الاتصال [ ص: 25 ] .
وروى أحمد بن محمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق قال : حدثني هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبيه عبد الله بن زيد الذي أري هذه الرؤيا فذكر فيه الله أكبر مرتين ، ثم ساق مثل حديث أبي داود سواء ، حدثناه عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا أحمد بن زهير وعبيد بن عبد الواحد قالا : حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق فذكره .
قال أبو عمر : لا أحفظ ذكر الخشبتين إلا في مرسل nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد وحديث أبي جابر البياضي وهو متروك الحديث ، وكذلك إبراهيم بن محمد فهذه الآثار كلها رواية أهل المدينة في بدء الأذان .
وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17180موسى بن معاوية nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حدثنا أصحاب محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عبد الله بن زيد رأى الأذان في المنام ، وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال : علمه بلالا . قال : فقام بلال فأذن مثنى مثنى ، وأقام مثنى ، وقعد قعدة .
قال أبو عمر : في حديث هذا الباب لمالك وغيره من سائر ما أوردنا فيه من الآثار أوضح الدلائل على فضل الرؤيا ، وأنها من الوحي ، والنبوة ، وحسبك بذلك فضلا لها ، وشرفا ، ولو لم يكن وحيا من الله ما جعلها شريعة ، ومنهاجا لدينه .
قال أبو عمر : اختلفت الآثار في صفة الأذان ، وإن كانت متفقة في أصل أمره كان من رؤيا عبد الله بن زيد وقد رآه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أيضا .
وكذلك [ ص: 28 ] اختلفت الآثار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة إذ علمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأذان بمكة عام حنين مرجعه من غزاة حنين فروى عنه فيه : الله أكبر في أوله أربع مرات وروي فيه ذلك مرتين وروى تثنية الإقامة وروى فيه إفرادها إلا قوله : قد قامت الصلاة .
واختلف الفقهاء في كيفية الأذان والإقامة ، فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن الأذان مثنى مثنى ، والإقامة مرة مرة إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول في أول الأذان الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أربع مرات ، وزعم أن ذلك محفوظ من رواية الثقات الحفاظ في حديث عبد الله بن زيد وحديث nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة وهي زيادة يجب قبولها ، والعمل عندهم بمكة في آل محذورة بذلك إلى زمانه ، وذهب مالك وأصحابه إلى أن التكبير في أول الأذان الله أكبر ، الله أكبر مرتين . وقد روي ذلك من وجوه صحاح في أذان nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة وفي أذان عبد الله بن زيد والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ إلى زمانهم .
واتفق مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي على الترجيع في الأذان ، وذلك أنه إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، رجع فمد صوته فقال أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين .
ولا خلاف بين مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في الأذان إلا في التكبير في أوله على ما وصفنا ، وكذلك لا خلاف بينهما في الإقامة إلا في قوله : قد قامت [ ص: 29 ] الصلاة ، فإن ذلك عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقال مرتين ، وعند مالك مرة .
وأكثر الآثار على ما قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك ، وعليه أكثر الناس في قوله قد قامت الصلاة مرتين .
ومذهب الليث في هذا الباب كله كمذهب مالك سواء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي : الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى ، ويقول في أول أذانه ، وإقامته : الله أكبر . أربع مرات قالوا كلهم : ولا ترجيع في الأذان ، وإنما يقول : أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ، ثم يرجع ، ولا يمد صوته ، وحجتهم حديث nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى المذكور ، وفيه فأذن مثنى ، وأقام مثنى ، ولم يختلف فقهاء الحجاز والعراق في أن آخر الأذان الله أكبر ، الله أكبر ، مرتين ، لا إله إلا الله مرة واحدة .
واختلفوا في التثويب لصلاة الصبح ، وهو قول المؤذن في صلاة الصبح : الصلاة خير من النوم فقال مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : يقول المؤذن في صلاة الصبح بعد قوله حي على الفلاح مرتين : الصلاة خير من النوم مرتين ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالعراق ، وقال لا يقول ذلك .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : لا يقول الصلاة خير من النوم ، في نفس الأذان ، ويقوله بعد الفراغ من الأذان إن شاء الله .
وقد روي عنهم أن ذلك جائز في نفس الأذان ، وعليه الناس في صلاة الفجر ، وقد مضى في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد في هذا ما فيه كفاية [ ص: 30 ] .
وروى عنه أيضا ذلك من حديث عبد الله بن زيد وروي عن أنس أنه قال : من السنة أن يقول في الفجر : الصلاة خير من النوم .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يقوله ، وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري وعامة أهل المدينة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وأحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور .
وأما اختلافهم في الإقامة فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن الإقامة مفردة مرة مرة إلا قوله الله أكبر في أولها فإنه مرتين ، وفي آخرها كذلك مرتين مرتين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وقد قامت الصلاة مرتين ، وفي آخرها الله أكبر مرتين .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : الإقامة والأذان سواء مثنى مثنى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13665أبو بكر الأثرم سمعت أبا عبد الله يسأل : إلى أي أذان تذهب ؟ فقال : إلى أذان بلال رواه nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه ثم وصفه أبو عبد الله فكبر أربعا ، وتشهد مرتين ، ولم يرجع .
قال أبو عبد الله : والإقامة : الله أكبر مرتين ، وسائرها مرة مرة إلا قوله قد قامت الصلاة فإنها مرتين [ ص: 31 ] .
قال ، وسمعت أبا عبد الله يقول من أقام مثنى مثنى لم أعنفه ، وليس به بأس قيل لأبي عبد الله : حديث nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة صحيح ؟ قال : أما أنا فلا أدفعه قيل له : أفليس حديث nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة بعد حديث أبي عبد الله بن زيد لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة بعد فتح مكة . فقال : أليس قد رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، فأقر بلالا على أذان عبد الله بن زيد .
قال أبو عمر : بكل ما قالوا قد رويت الآثار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولكني كرهت ذكرها خشية الإملال ، والإطالة ، ولشهرتها في كتب المصنفين كسلت عن إيرادها مع طولها ، وقد جئت بمعانيها ، ومذاهب الفقهاء فيها ، وبالله التوفيق .
وذهب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري وداود إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، وحملوا ذلك على الإباحة والتخيير قالوا : كل ذلك جائز لأنه قد ثبت جميع ذلك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعمل به أصحابه بعده فمن شاء قال : الله أكبر في أول أذانه مرتين ، ومن شاء أربعا ، ومن شاء رجع في أذانه ، ومن شاء لم يرجع ، ومن شاء ثنى الإقامة ، ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة ، والله أكبر في أولها وآخرها ، فإن ذلك مرتين مرتين على كل حال .
واختلف الفقهاء في المؤذن يؤذن فيقيم غيره فذهب مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهما إلى أنه لا بأس بذلك لحديث محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره إذ رأى النداء في النوم [ ص: 32 ] أن يلقيه على بلال فأذن بلال ثم أمر عبد الله بن زيد فأقام .
رواه nindex.php?page=showalam&ids=11882أبو العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه ، عن جده .
قال أبو عمر : nindex.php?page=showalam&ids=13786عبد الرحمن بن زياد هو الإفريقي وأكثرهم يضعفونه ، وليس يروي هذا الحديث غيره ، والحديث الأول أحسن إسنادا إن شاء الله ، والنظر يدل عليه لأن الأذان ليس مضمنا بالإقامة لأنه غيرها ، وإن صح حديث الإفريقي ، فإن من أهل العلم من يوثقه ، ويثني عليه فالقول به أولى لأنه نص في موضع الخلاف ، وهو متأخر عن قصة عبد الله بن زيد مع بلال والآخر ، فالآخر من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولى أن يتبع ، ومع هذا فإني أستحب إذا كان المؤذن واحدا راتبا أن يتولى الإقامة ، فإن أقامها غيره فالصلاة ماضية بإجماع ، والحمد لله [ ص: 33 ] .
قال أبو عمر : قد مضى في الإقامة من البيان ما فيه غنى وبيان في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد وغيره ، والحمد لله ، وذكرنا ههنا من الأذان ما في معنى حديثنا لأنه في بدء الأذان ، وتركنا حديث nindex.php?page=showalam&ids=95أبي محذورة لأنه ليس في ابتداء الأذان ، وفيه من الاختلاف في صفته ، وكيفيته كالذي من ذلك في حديث عبد الله بن زيد على ما ذكرنا ، والأحاديث في ذلك كله حسان ، وبالله التوفيق