التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
1818 [ ص: 68 ]

حديث ثان وستون ليحيى بن سعيد

567 مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، دار سكناها ، والعدد كثير ، والمال وافر فقل العدد ، وذهب المال ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دعوها ذميمة


قال أبو عمر : قوله ذميمة أي مذمومة يقول دعوها ، وأنتم له ذامون كارهون لما وقع بنفوسكم من شؤمها ، والذميم : القبيح الوجه .

وهذا محفوظ من وجوه .

منها حديث أنس يرويه عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس ومنها حديث ابن عمر إلا أنه لم يروه إلا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري وليس بالقوي في الزهري وثقات أصحاب الزهري يروونه ، عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن شداد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو مرسل .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن عبد السلام أخبرنا ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن شداد أن امرأة قالت : يا رسول الله ، إنا سكنا هذه الدار [ ص: 69 ] ونحن ذوو وفر فهلكنا ، وذوو نشب فافتقرنا ، وذات بيننا حسن فاختلفنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دعوها ذميمة . قالت : وكيف ندعها يا رسول الله ؟ قال : تبيعونها ، أو تهبونها .

وذكره عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن شداد بن الهادي أن امرأة من الأنصار قالت : يا رسول الله ، سكنا دارنا ، ونحن كثير فهلكنا ، وحسن ذات بيننا فساءت أخلاقنا ، وكثيرة أموالنا فافتقرنا . قال : أفلا تنتقلون منها ذميمة . قالت : وكيف نصنع بها يا رسول الله ؟ قال تبيعونها ، أو تهبونها .

أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي قال : حدثنا سهل بن إبراهيم وأجازه لنا سهل بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن فطيس قال : حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال : جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنا كنا في دار ، كثير فيها عددنا ، كثيرة فيها أموالنا ، ثم تحولنا إلى دار أخرى قل فيها عددنا وقلت فيها أموالنا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ذروها ذميمة .

قال أبو عمر : هذا عندي ، والله أعلم قاله لقوم خشي عليهم التزام الطيرة فأجابهم بهذا منكرا لقولهم لما رأى من تشاؤمهم ، وتطيرهم بدارهم [ ص: 70 ] وثبوت ذلك في أنفسهم فخاف عليهم ما قيل في الطيرة إنها تلزم من تطير ، وعساهم ممن سمع قوله عليه السلام : لا طيرة ، وقوله : ليس منا من تطير وقوله : وإذا تطيرتم فامضوا ، وعلى الله فتوكلوا وقوله : ما منا إلا من يعني يتطير ، ولكن الله يذهبه بالتوكل وقوله : من ردته الطيرة عن مسيره فقد قارب الشرك .

فلما اشتهر هذا من سنته - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أتته هذه المرأة فذكرت عن دارها ما ذكرت ، أو أتى معها غيرها فذكروا نحو ذلك أجابهم بأن يتركوها ذميمة لأنه كان بالمؤمنين رؤوفا رحيما .

والأصل في الطيرة والشؤم ما ذكرنا في باب ابن شهاب عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر وبالله التوفيق .

وسنذكر هذه الآثار ، ومثلها في باب قوله لا طيرة ، ولا غول ، ولا هامة من هذا الكتاب في أول بلاغات مالك عن رجال سماهم إن شاء الله

التالي السابق


الخدمات العلمية