624 [ ص: 257 ] حديث ثالث nindex.php?page=showalam&ids=15944لزيد بن أسلم متصل صحيح مسند
مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه أنه قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وهو يقول : حملت على فرس عتيق في سبيل الله ، وكان الرجل الذي هو عنده قد أضاعه فأردت أن أشتريه منه ، وظننت أنه بائعه برخص فسألت عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : لا تشتره ، وإن أعطاكه بدرهم واحد ، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه .
روى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر مثله ، وقال فيه : لا تشتره ، ولا شيئا من نتاجه ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14171والحميدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة .
قال أبو عمر :
الفرس العتيق : هو الفاره عندنا ، وقال صاحب العين : عتقت الفرس تعتق قوما إذا سبقت ، وفرس عتيق رائع .
وفي هذا الحديث من الفقه : إجازة تحبيس الخيل في سبيل الله .
[ ص: 258 ] وفيه إن حمل على فرس في سبيل الله ، وغزا به ، ( فله أن يفعل به بعد ذلك ما يفعل في سائر ماله ) ، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على بائعه بيعه ، وأنكر على عمر شراءه ، ولذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : إذا بلغت به وادي القرى فشأنك به .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : إذا بلغ به رأس مغزاته فهو له .
ويحتمل أن يكون هذا الفرس ضاع حتى عجز عن اللحاق بالخيل ، وضعف عن ذلك ، ونزل عن مراتب الخيل التي يقاتل عليها ، فأجيز له بيعه لذلك .
ومن أهل العلم من يقول : يضع ثمنه ذلك في فرس عتيق إن وجده ، وإلا أعان به في مثل ذلك .
ومنهم من يقول : إنه له كسائر ماله إذا غزا عليه .
وأما اختلاف الفقهاء في هذا المعنى فقال مالك : إذا أعطي فرسا في سبيل الله فقيل له : هو لك في سبيل الله ، فله أن يبيعه ، وإن قيل : هو في سبيل الله ركبه ، ورده .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة : الفرس المحمول عليها في سبيل الله هي لمن يحمل عليها تمليك ، قالوا : ولو قال له : إذا بلغت به رأس مغزاك فهو لك ، كان تمليكا على مخاطرة ، ولم يجز .
وقال : عبيد الله بن الحسن : إذا قال : هو لك في سبيل الله ، فرجع به ، رده حتى يجعله في سبيل الله .
[ ص: 259 ] وسيأتي هذا في باب نافع ، والحمد لله .
وفيه أن كل من يجوز تصرفه في ماله ، وبيعه ، وشرائه ، فجائز له بيع ما شاء من ماله بما شاء من قليل الثمن ، وكثيره ، كان مما يتغابن الناس به ، أو لم يكن ، إذا كان ذلك ماله ، ولم يكن وكيلا ، ولا وصيا لقوله - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الحديث : ولو أعطاكه بدرهم .
واختلف الفقهاء في كراهية شراء الرجل لصدقته : الفرض والتطوع إذا أخرجها عن يده لوجهها ، ثم أراد شراءها من الذي صارت إليه .
فقال مالك : إذا حمل على فرس ، فباعه الذي حمل عليه ، فوجده الحامل في يد المشتري ، فلا يشتره أبدا ، وكذلك الدراهم ، والثوب .
قال أبو عمر :
ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم عنه ، وقال في موضع آخر من كتابه : ومن حمل على فرس فباعه ، ثم وجده الحامل في يد الذي اشتراه ، فترك شراءه أفضل .
قال أبو عمر :
كره ذلك مالك ، والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، [ ص: 260 ] ولم يروا لأحد أن يشتري صدقته ( فإن اشترى أحد صدقته ) لم يفسخوا العقد ، ولم يردوا البيع ، ورأوا التنزه عنها .
وكذلك قولهم في شراء الإنسان ما يخرجه من كفارة اليمين مثل الصدقة سواء .
قال أبو عمر :
( إنما كرهوا بيعها ) لهذا الحديث ، ولم يفسخوها ; لأنها راجعة إليه بغير ذلك المعنى ، وقد بينا هذا الحديث في قصة هدية nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة بما تصدق به عليها .
ويحتمل هذا الحديث أن يكون على وجه التنزه ، وقطع الذريعة إلى بيع الصدقة قبل إخراجها ، أو يكون موقوفا على التطوع في التنزه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=13760، والأوزاعي : لا بأس لمن أخرج زكاته ، وكفارة يمينه ، أن يشتريه بثمن يدفعه إليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي : المصير إلى حديث عمر في الفرس أولى من قول من أباح شراء صدقته .
وقال قتادة : البيع في ذلك فاسد مردود ; لأني لا أعلم الفيء إلا حراما .
وكل العلماء يقولون : إذا رجعت إليه بالميراث طابت له ( إلا nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فإنه كان لا يحبسها إذا رجعت إليه بالميراث ) .
[ ص: 261 ] وتابعه الحسن بن حي فقال : إذا رجعت إليه بالميراث ، وجهها فيما كان وجهها فيه إذا كانت صدقة ، وأما الهبة فلا يكره الرجوع فيها اهـ .
قال أبو عمر :
يحتمل فعل nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في رد ما رجع إليه من صدقاته بالميراث ، أن يكون على سبيل الورع والتبرع ; لأنه كان يرى ذلك واجبا عليه ، وكثيرا ما كان يدع الحلال ورعا .
ولعله لم يصح عنده ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، ولم يعلمه ، وقد وردت السنة الثابتة ( عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) بإباحة ما رده الميراث من الصدقات .
وقد ذكرناها في باب ربيعة في قصة لحم nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، وأوضحنا المعنى في ذلك بما لا وجه لإعادته هاهنا .
وأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أهدي إليه من الصدقة ، وقوله : إن الصدقة تحل لمن اشتراها بماله من الأغنياء يوضح ما ذكرنا ; لأن الصدقة لا تحل لغني إلا لخمسة ، أحدهم : رجل اشتراها بماله ، فكما جاز له أن يشتريها بماله وهي صدقة غيره ، فكذلك شراء صدقته ; لأن الشراء لها ليس برجوع فيها في المعنى على ما بينا في قصة لحم nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة ، وإنما الرجوع فيها أن يتصرف فيما فعله من صدقته ، أو هبته دون أن يبتاع ذلك [ ص: 262 ] ولكن حديث - عمر - هذا أولى أن يوقف عنده ; لأنه خص المتصدق بها ، فنهى عن شرائها ، وذلك نهي تنزه إن شاء الله .
وأما قوله عليه السلام : لا تحل الصدقة لغني ، إلا لخمسة فسيأتي ذكره فيما يأتي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم من كتابنا هذا ، وبالله توفيقنا .