قال مالك : وتلك السنة فيمن قتل في المعترك فلم يدرك حتى مات ، قال : وأما من حمل منهم فعاش ما شاء الله بعد ذلك ، فإنه يغسل ، ويصلى عليه كما عمل nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .
وذكر مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - غسل وكفن ، وصلي عليه ، وكان شهيدا - رحمه الله - .
وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن الليث ، وفي هذا الباب أيضا حديث nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13031ابن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفيه عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن أنس ، رواه أسامة بن زيد عنه ، ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن أسامة بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن أنس أن شهداء أحد لم يغسلوا ، ودفنوا بدمائهم ، ولم يصل عليهم .
واختلف الفقهاء في غسل الشهداء ، والصلاة عليهم ، فذهب مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد إلى أنهم لا يغسلون ، وحجتهم حديث جابر ، وسائر ما ذكرنا ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل الأحاديث في هذا الباب ، وبذلك قال : nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وإسحاق ، وداود ، وجماعة فقهاء الأمصار ، وأهل الحديث ، nindex.php?page=showalam&ids=13382وابن علية .
[ ص: 243 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري يغسل الشهداء ، قال أحدهما : إنما لم يغسل شهداء أحد لكثرتهم ، وللشغل عن ذلك ، ولم يقل بقول سعيد والحسن هذا أحد من فقهاء الأمصار إلا عبيد الله بن الحسن العنبري البصري ، وليس ما ذكروا من الشغل ، عن غسل شهداء أحد علة ; لأن كل واحد منهم كان له ولي يشتغل ( به ) ويقوم بأمره ، والعلة - والله أعلم - في ترك غسلهم ما جاء في الحديث المرفوع في دمائهم أنها تأتي يوم القيامة كريح المسك ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16425عبد الله بن ثعلبة nindex.php?page=hadith&LINKID=1017634أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لقتلى أحد : زملوهم بجراحهم ، فإنه ليس من كلم يكلمه المومن في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة لونه لون الدم ، وريحه ريح المسك .
وروي مثل هذا من وجوه ، فبان أن العلة ليست الشغل كما قال من قال ذلك ، وليس لهذه المسألة مدخل في القياس والنظر ، وإنما هي مسألة اتباع للأثر الذي نقلته الكافة في قتلى أحد أنهم لم يغسلوا ، ولثبوت أخبار الآحاد العدول بذلك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقد احتج بعض المتأخرين ممن ذهب مذهب الحسن ، وسعيد في هذه المسألة بقوله - صلى الله عليه وسلم - في شهداء أحد : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة .
وقال هذا يدل على خصوصهم ، وأنهم لا يشركهم في ذلك غيرهم .
قال : ويلزم من قال : في المحرم الذي وقصته ناقته فقال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم : لا تخمروا رأسه ، ولا تقربوه طيبا فإنه يبعث ملبيا [ ص: 244 ] أن ذلك خصوص بذكر بعثه ملبيا ، ولا يقال ذلك في غيره أن يقول مثل ذلك في الشهداء بأحد ، لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لشهداء أحد : أنا شهيد على هؤلاء ، وخصهم بترك الغسل .
قال أبو عمر :
القول بهذا خلاف على الجمهور ، وهو يشبه الشذوذ ، والقول بترك غسلهم أولى لثبوت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في قتلى أحد ، وغيرهم .
وأما الصلاة عليهم ، فإن العلماء اختلفوا في ذلك ، واختلفت فيه الآثار : فذهب مالك ، والليث ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأحمد ، وداود - إلى أن لا يصلى عليهم لحديث الليث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك في قتلى أحد - على ما تقدم ذكره .
وقال فقهاء الكوفة ، والبصرة ، والشام يصلى عليهم ، ورووا آثارا كثيرة أكثرهم مراسيل : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى على حمزة ، وعلى سائر شهداء أحد .
وأجمع العلماء على أن الشهيد إذا حمل حيا ، ولم يمت في المعترك ، وعاش أقل شيء ، فإنه يصلى عليه كما صنع بعمر - رضي الله [ ص: 245 ] عنه - ، واختلفوا في غسل من قتل مظلوما كقتيل الخوارج ، وقطاع السبيل ، واللصوص ، وما أشبه ذلك ممن قتل مظلوما ، فقال مالك : لا يغسل إلا من قتله الكفار ، ومات في المعترك ، هذا وحده ، وأما من قتل في فتنة ، أو ثائرة ، أو قتله اللصوص ، أو البغاة ، أو قتل قودا ، أو قتل نفسه ، وكل مقتول غير المقتول في المعترك قتيل الكفار فإنه يغسل ، ويصلى عليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري : كل من قتل مظلوما لم يغسل ، ولكنه يصلى عليه ، وعلى كل شهيد ، وهو قول سائر أهل العراق .
ورووا من طرق كثيرة صحاح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3254زيد بن صوحان أنه قال : لا تنزعوا عني ثوبا ، ولا تغسلوا عني دماء ، وادفنوني في ثيابي ، وقد روي عنه إلا الخفين .
وقتل nindex.php?page=showalam&ids=3254زيد بن صوحان يوم الجمل ، وثبت عن nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر أنه قال : مثل قول nindex.php?page=showalam&ids=3254زيد بن صوحان ، وقتل عمار بصفين سنة سبع وثلاثين ، وصلى عليه علي ، ولم يغسله .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين في خبر nindex.php?page=showalam&ids=1972حجر بن عدي بن الأدبر أنه قال : لا تطلقوا عني حديدا ، ولا تغسلوا عني دماء ، وادفنوني في ثيابي ، فإني لاق معاوية بالجادة ، وإني مخاصم .
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي في ذلك قولان ، أحدهما يغسل جميع الموتى إلا من قتله أهل الحرب ، والآخر لا يغسل قتيل البغاة .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في هذا الباب كله كقول مالك سواء .
[ ص: 246 ] وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=17074ومسعر - بمعنى واحد - عن nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب - أن سعد بن عبيد القاري - وهو أبو زيد قال : يوم القادسية : إني مستشهد غدا ، فلا تغسلوا عني دما ، ولا تنزعوا عني ثوبا .
وسئل مكحول عن الشهيد ، أيصلى عليه ؟ قال : نعم ، وينزع عنه كل خف ومنطقة ، وخاتم وجلد إلا الفرو ، فإنه من ثيابه ، ولا ينزع عنه شيء من ثيابه ، ولا يزاد عليه ثوب إلا أن تضم عليه ثيابه بثوب يلفونه به ، قال مكحول : فإن لم يقتل قعصا ، ولم يجهز عليه ، وبات وطعم ثم مات ، نزعت عنه ثيابه وطهر ، وهو قول فقهاء الشام : nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وسعيد بن عبد العزيز ، وجماعتهم .
قال أبو عمر :
غسل الموتى قد ثبت بالإجماع ، ونقل الكافة ، فواجب غسل كل ميت إلا من أخرجه إجماع ، أو سنة ثابتة ، وهذا قول مالك ، والله الموفق للصواب .