عبيدة بن سفيان هذا من تابعي أهل المدينة ثقة حجة فيما نقل سمع من nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأبي الجعد الضمري ، روى عنه محمد بن عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=15562وبكير بن الأشج ، وإسماعيل بن أبي حكيم ، وهذا حديث ثابت صحيح مجتمع على صحته .
[ ص: 140 ] وفيه من الفقه أن النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع نهي تحريم لا نهي أدب وإرشاد ، ولو لم يأت هذا اللفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان الواجب في النظر أن يكون نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع نهي تحريم ، فكيف وقد جاء مفسرا في هذا الخبر ; لأن النهي حقيقته الإبعاد ، والزجر ، والانتهاء ، وهذا غاية التحريم ; لأن التحريم في كلام العرب الحرمان ، والمنع ، قال الله عز وجل : وحرمنا عليه المراضع من قبل أي حرمناه رضاعهن ، ومنعناه منهن ، ولم يكن ممن تجري عليه عبادة في ذلك الوقت لطفولته ، والنهي يقتضي معنى المنع كله .
وتقول العرب حرمت عليك دخول داري أي منعتك من ذلك ، وهذا القول عندهم في معنى لا تدخل الدار ، كل ذلك منع ، وتحريم ، ونهي ، وحرمان .
وقد اختلف أصحابنا في ذلك على ما سنبينه في آخر هذا الباب إن شاء الله ، ومما يدل على أن ما رواه إسماعيل بن أبي حكيم ، عن عبيدة بن سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، في هذا الحديث ، كما رواه ، ما حدثني به nindex.php?page=showalam&ids=16002أبو عثمان سعيد بن نصر ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح [ ص: 141 ] قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حسين بن علي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15908زائدة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=hadith&LINKID=1010048أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع ، والمجثمة ، والحمار الأهلي .
قال أبو عمر : وأما ما جاء من النهي على جهة الأدب ، وحسن المعاملة ، والإرشاد إلى المرء ، نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن أن يمشي المرء في نعل واحدة ، وأن يقرن بين تمرتين في الأكل ، وأن يأكل من رأس الصحفة ، وأن يشرب من في السقاء ، وغير ذلك مثله كثير قد علم بمخرجه المراد منه ، وقد قال جماعة من أهل العلم : إن كل نهي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من الأشياء ، ففعله الإنسان منتهكا لحرمته وهو عالم بالنهي غير مضطر إليه أنه عاص آثم ، واستدلوا بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه ، وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم فأطلق النهي ولم يقيده بصفة ، وكذلك الأمر لم يقيده إلا بعدم الاستطاعة ، فقالوا : إن من شرب من في السقاء ، أو مشى في نعل واحدة ، أو قرن بين تمرتين في الأكل ، أو أكل من رأس الصحفة ، ونحو هذا ، وهو عالم بالنهي كان عاصيا ، وقال آخرون : إنما نهى عن الأكل من رأس الصحفة ; لأن البركة تنزل منها ، ونهى عن القران بين تمرتين لما فيه من سوء الأدب أن يأكل المرء مع جليسه وأكيله تمرتين في واحد ، ويأخذ جليسه تمرة ، فمن فعل فلا حرج وكذلك النهي [ ص: 142 ] عن الشرب من في السقاء خوف الهوام ; لأن أفواه الأسقية تقصدها الهوام ، وربما كان في السقاء ما يؤذيه ، فإذا جعل منه في إناء رآه وسلم منه ، وقالوا في سائر ما ذكرنا نحو هذا مما يطول ذكره ، وما أعلم أحدا من العلماء جعل النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من هذا الباب ، وإنما هو من الباب الأول إلا أن بعض أصحابنا زعم أن النهي عن ذلك نهي تنزه وتقذر ، ولا أدري ما معنى قوله نهي تنزه وتقذر ، فإن أراد به نهي أدب ، فهذا ما لا يوافق عليه ، وإن أراد أن كل ذي ناب من السباع يجب التنزه عنه ، كما يجب التنزه عن النجاسة والأقذار ، فهذا غاية في التحريم ; لأن المسلمين لا يختلفون في أن النجاسات محرمات العين أشد التحريم لا يحل استباحة أكل شيء منها ، ولم يرده القائلون من أصحابنا ما حكينا هذا عنهم ، ولكنهم أرادوا الوجه الذي هو عند أهل العلم ندب وأدب ; لأن بعضهم احتج بظاهر قول الله عز وجل قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير الآية .
وذكر أن من الصحابة من استعمل هذه الآية ، ولم يحرم ما عداها ، فكأنه لا حرام عنده على طاعم إلا ما ذكر في هذه الآية ، ويلزمه على أصله هذا أن يحل أكل الحمر الأهلية ، وهو لا يقول هذا في الحمر الأهلية لأنه لا تعمل الذكاة عنده في لحومها ، ولا في جلودها ، ولو لم يكن عنده محرما إلا ما في هذه الآية لكانت الحمر الأهلية عنده حلالا ، وهو لا يقول هذا ، ولا أحد من أصحابه ، وهذه مناقضة ، وكذلك يلزمه أن لا يحرم ما لم يذكر اسم الله عليه عمدا ، ويستحل الخمر المحرمة عند جماعة المسلمين .
وقد أجمعوا أن مستحل خمر العنب المسكر كافر راد على الله عز وجل خبره في كتابه مرتد يستتاب فإن تاب ورجع عن قوله ، وإلا استبيح دمه [ ص: 143 ] كسائر الكفار ، وفي إجماع العلماء على تحريم خمر العنب المسكر دليل واضح على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد وجد ، فيما أوحي إليه محرما غير ما في سورة الأنعام مما قد نزل بعدها من القرآن ، وكذلك ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من تحريم الحمر الأهلية ، ومن فرق بين الحمر وبين كل ذي ناب من السباع ، فقد تناقض ، والنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع أصح مخرجا ، وأبعد من العلل من النهي عن أكل لحوم الحمر الأهلية لأنه قد روي في الحمر أنه إنما نهاهم عنها يوم خيبر لقلة الظهر ، وقيل إنه إنما نهى منها عن الجلالة التي تأكل الجلة ، وهي العذرة ، وسائر القذر قد قال بهذا وبهذا قوم ولا حجة عنده ولا عندنا فيه لثبوت نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك مطلقا ، وصحته ، وأن ما روي مما ذكرنا لا يثبت ، وسيأتي القول في الحمر مستوعبا في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب من كتابنا هذا .
وأظن قائل هذا القول من أصحابنا في أكل كل ذي ناب من السباع راعى اختلاف العلماء في ذلك ، ولا يجوز أن يراعي الاختلاف عند طلب الحجة ; لأن الاختلاف ليس منه شيء لازم دون دليل ، وإنما الحجة اللازمة الإجماع لا الاختلاف ; لأن الإجماع يجب الانقياد إليه لقول الله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى الآية ، والاختلاف يجب طلب الدليل عنده من الكتاب والسنة ، قال الله عز وجل : فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول الآية يريد الكتاب والسنة هكذا فسره العلماء .
فأما قول الله عز وجل : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية ، فقد اختلف العلماء في معناها ، فقال قوم من فقهاء العراقيين ممن يجيز نسخ [ ص: 144 ] القرآن بالسنة ، إن هذه الآية منسوخة بالسنة ; لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع ، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية ، وقال آخرون : معنى قوله هنا أي لا أجد قد أوحي إلي في هذا الحال - يعني في تلك الحال - حال الوحي ، ووقت نزوله لأنه قد أوحي إليه بعد ذلك في سورة المائدة من تحريم المنخنقة ، والموقوذة إلى سائر ما ذكر في الآية ، فكما أوحى الله إليه في القرآن تحريما بعد تحريم ، جاز أن يوحي إليه على لسانه تحريما بعد تحريم ، وليس في هذا شيء من النسخ ، ولكنه تحريم شيء بعد شيء ، قالوا : مع أنه ليس للحمار ، والسباع ، وذي المخلب والناب ذكر في قوله : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه وذلك أن الله عز وجل إنما ذكر ثمانية أزواج ، من الضأن اثنين ، ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين ثم قال : قل لا أجد في ما أوحي يعني والله أعلم من هذه الأزواج الثمانية محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فزاد ذكر لحم الخنزير تأكيدا في تحريمه حيا وميتا ; لأنه ما حرم لحمه لم تعمل الذكاة فيه ، فكان أشد من الميتة ، ولم يذكر السباع والحمير والطير ذا المخلب بتحليل ولا تحريم ، وقال آخرون : ليس السباع والحمر من بهيمة الأنعام التي أحلت لنا ، فلا يحتاج فيها إلى هذا ، وقال الآخرون هذه الآية جواب لما سأل عنه قوم من الصحابة ، فأجيبوا عن مسألتهم كأنهم يقولون إن معنى الآية قل لا أجد فيما أوحي إلي مما ذكرتم ، أو مما كنتم تأكلون ، ونحو هذا ، قاله nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وتابعهم قوم ، واستدلوا على صحة ذلك بأن الله قد حرم في كتابه وعلى لسان رسوله أشياء لم تذكر في الآية لأنه لا يختلف المسلمون في ذلك .
[ ص: 145 ] ذكر سنيد ، عن حجاج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : أخبرني إبراهيم بن أبي بكر أن مجاهدا أخبره في قول الله عز وجل قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ، قال : ما كان أهل الجاهلية يأكلون لا أجد من ذلك محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة الآية ، قال حجاج : وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس ، عن أبيه مثله ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة نحوه ، وقالت فرقة : الآية محكمة ولا يحرم إلا ما فيها ، وهو قول يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقد روي عنه خلافه في أشياء حرمها يطول ذكرها ، وكذلك اختلف فيه عن عائشة ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من وجه ضعيف ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير في الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع أنه ليس شيء منها محرما ، وأما سائر فقهاء المسلمين في جميع الأمصار ، فمخالفون لهذا القول متبعون للسنة في ذلك ، وقال أكثر أهل العلم والنظر من أهل الأثر وغيرهم : إن الآية محكمة غير منسوخة ، وكل ما حرمه رسول الله مضموم إليها ، وهو زيادة من حكم الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا فرق بين ما حرم الله في كتابه ، أو حرمه على لسان رسوله بدليل قول الله عز وجل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، وقوله : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، وقوله : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة ، قال أهل العلم : القرآن والسنة ، وقوله : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ، وقوله : [ ص: 146 ] وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله ، وقوله : فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ، فقرن الله عز وجل طاعته بطاعته ، وأوعد على مخالفته ، وأخبر أنه يهدي إلى صراطه ، وبسط القول في هذا موجود في كتب الأصول ، وليس في هذه الآية دليل على أن لا حرام على آكل إلا ما ذكر فيها ، وإنما فيها أن الله أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يخبر عباده أنه لم يجد في القرآن منصوصا شيئا محرما على الآكل والشارب إلا ما في هذه الآية ، وليس ذلك بمانع أن يحرم الله في كتابه بعد ذلك وعلى لسان رسوله أشياء سوى ما في هذه الآية .
وقد أجمعوا أن سورة الأنعام مكية ، وقد نزل بعدها قرآن كثير ، وسنن عظيمة ، وقد نزل تحريم الخمر في المائدة بعد ذلك ، وقد حرم الله على لسان نبيه أكل كل ذي ناب من السباع وأكل الحمر الأهلية ، وغير ذلك ، فكان ذلك زيادة حكم من الله على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - كنكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها مع قوله : وأحل لكم ما وراء ذلكم كحكمه بالشاهد ، واليمين مع قول الله : فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ، وما أشبه هذا كثير تركناه خشية الإطالة ، ألا ترى أن الله قال في كتابه : إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ، وقد حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشياء من البيوع وإن تراضا بها المتبايعان كالمزابنة ، وبيع ما ليس عندك ، وكالتجارة في الخمر ، وغير ذلك مما يطول ذكره ، وقد أجمع العلماء أن سورة الأنعام مكية إلا قوله : قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآيات الثلاث ، وأجمعوا أن نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع إنما كان منه بالمدينة ، ولم يرو ذلك عنه غير nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأبي ثعلبة الخشني ، وإسلامهما متأخر [ ص: 147 ] بعد الهجرة إلى المدينة بأعوام ، وقد روي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل رواية nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأبي ثعلبة في النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من وجه صالح ، قال nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي : وهذا كله يدل على أنه أمر كان بالمدينة بعد نزول قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية ; لأن ذلك مكي .
قال أبو عمر : قول الله عز وجل : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية قد أوضحنا بما أوردنا في هذا الباب بأنه قول ليس على ظاهره ، وأنه ليس نصا محكما ; لأن النص المحكم ما لا يختلف في تأويله ، وإذا لم يكن نصا كان مفتقرا إلى بيان الرسول لمراد الله منه كافتقار سائر مجملات الكتاب إلى بيانه ، قال الله عز وجل : وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم وقد بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أكل كل ذي ناب وأكل الحمر الأهلية مراد الله ، فوجب الوقوف عنده ، وبالله التوفيق .
فإن قال قائل : إن الحمر الأهلية وذا الناب من السباع لو كان أكلها حراما لكفر مستحلها ، كما يكفر مستحل الميتة ولحم الخنزير ، فالجواب عن ذلك أن المحرم بآية مجتمع على تأويلها ، أو سنة مجتمع على القول بها يكفر مستحله ; لأنه جاء مجيئا يقطع العذر ولا يسوغ فيه التأويل ، وما جاء مجيئا يوجب العمل ولا يقطع العذر وساغ فيه التأويل لم يكفر مستحله ، وإن كان مخطئا ، ألا ترى أن المسكر من غير شراب العنب لا يكفر المتأول فيه ، وإن كان قد صح عندنا النهي بتحريمه ، ولا يكفر من يقول بأن الصلاة يخرج منها المرء ويتحلل بغير سلام ، وأن السلام ليس من فرائضها مع قيام الدليل على وجوب السلام عندنا فيها ، وكذلك لا يكفر من قال : إن قراءة القرآن [ ص: 148 ] وغيرها سواء ، وأن تعيين قراءتها في الصلاة ليس بواجب ومن قرأ غيرها أجزأه مع ثبوت الآثار عن النبي عليه السلام أنه لا صلاة إلا بها ، وكذلك لا يكفر من أوجب الزكاة على خمسة رجال ملكوا خمس ذود من الإبل ، ولا من قال : الصائم في السفر كالمفطر في الحضر ، ولا حج إلا على من ملك زادا أو راحلة مع إطلاق الله الاستطاعة ، ونفيه على لسان رسوله أن يكون فيما دون خمس ذود صدقة ، وأنه صام في السفر صلى الله عليه وسلم ، وهذا كثير لا يجهله من له أقل عناية بالعلم إن شاء الله .
قرأت على عبد الرحمن بن يحيى أن علي بن محمد أخبرهم ، قال : حدثنا أحمد بن أبي سليمان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010050ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ، وإذا أمرتكم بشيء فخذوا منه ما استطعتم .
[ ص: 149 ] أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن ، قال : أخبرنا محمد بن بكر التمار ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود سليمان بن الأشعث ، قال : حدثنا محمد بن عيسى ، قال : حدثنا أشعث بن شعبة ، قال : حدثنا أرطأة بن المنذر ، قال : سمعت حكيم بن عمير أبا الأحوص يحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=143العرباض بن سارية ، قال : نزلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر ، فذكر الحديث ، وفيه : أنه أمر مناديا فنادى إن الجنة لا تحل إلا لمؤمن ، وأن اجتمعوا للصلاة ، فاجتمعوا ، ثم صلى بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قام فقال : أيحسب أحدكم متكئا على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن ألا وإني قد أمرت ، ووعظت ، ونهيت عن أشياء ، إنها لمثل القرآن أو أكثر ، وإن الله لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن ، ولا ضرب نسائهم ، ولا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية ، عن الزبيدي ، عن مروان بن رؤبة ، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=241المقدام بن معدي كرب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ألا إني قد أوتيت الكتاب وما يعدله ، يوشك شبعان على أريكته . . . فذكره إلى آخره مثله .
وقرأت على nindex.php?page=showalam&ids=12601أبي عمر أحمد بن عبد الله بن محمد الباجي ، فأقر به أن الميمون بن حمزة الحسيني حدثهم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15215المزني ، وقرأت على إبراهيم بن شاكر أن محمد بن يحيى بن عبد العزيز حدثهم ، قال : حدثنا أسلم بن عبد العزيز ، قال : حدثنا الربيع بن سليمان ، قالا [ ص: 151 ] جميعا : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : أخبرنا سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15956سالم أبي النضر أنه سمع عبيد الله بن أبي رافع يخبر ، عن أبيه ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010053لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه ، فيقول لا ندري ، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : وأخبرني به nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا .
أخبرنا خلف بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة أو غيره ، قال : كنا عند nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، فكنا نتذاكر العلم ، قال : فقال رجل لا تتحدثوا إلا بما في القرآن ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن الحصين : إنك لأحمق أوجدت في القرآن صلاة الظهر أربع ركعات ، والعصر أربع ركعات لا يجهر في شيء منهما والمغرب بثلاث يجهر بالقراءة في ركعتين ولا يجهر بالقراءة في ركعة ، والعشاء أربع ركعات يجهر بالقراءة في ركعتين ، ولا يجهر بالقراءة في ركعتين ، والفجر ركعتين يجهر فيهما بالقراءة ؟ .
[ ص: 152 ] قال : وقال عمران : لما نحن فيه يعدل القرآن ، أو نحوه من الكلام ، قال علي : ولم يكن الرجل الذي قال هذا صاحب بدعة ، ولكنه كانت زلة منه .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15829أبو القاسم خلف بن القاسم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12933أبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح المعروف بابن المفسر ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15856داود بن رشيد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد ، عن محفوظ بن مسور الفهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوشك أحدكم يقول : هذا كتاب الله ، ما كان فيه من حلال أحللناه ، وما كان فيه من حرام حرمناه ، ألا من بلغه عني حديث فكذب به ، فقد كذب الله ورسوله والذي حدثه .
قال أبو عمر : اختلف الفقهاء في معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010047أكل كل ذي ناب من السباع حرام فقال منهم قائلون : إنما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله هذا ما كان يعدو على الناس ، مثل الأسد ، والذئب ، والنمر ، والكلب العادي ، وما أشبه ذلك مما الأغلب في طبعه أن يعدو ، وما كان الأغلب من طبعه أنه لا يعدو فليس مما عناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله هذا ، وإذا لم يكن يعدو فلا بأس بأكله .
واحتجوا بحديث الضبع في إباحة أكله ، وهي سبع ، وهو حديث انفرد به عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار ، وقد وثقه جماعة من أئمة [ ص: 153 ] أهل الحديث ، ورووا عنه حديثه هذا واحتجوا به ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني : عبد الرحمن بن أبي عمار ثقة مكي ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر ، قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16905أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثنا إسماعيل بن أمية ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، nindex.php?page=showalam&ids=15627وجرير بن حازم أن عبد الله بن عبيد بن عمير حدثهم ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمار أنه nindex.php?page=hadith&LINKID=1010055سأل nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، عن الضبع ، فقال : أآكللها ؟ فقال : نعم ، قال : أصيد هي ؟ قال : نعم ، قال : سمعت ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ، وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم ، عن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي عمار ، عن جابر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010056جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضبع من الصيد ، وجعل فيه إذا أصابه المحرم كبشا ، واحتجوا أيضا بما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وعبد الرزاق جميعا قالا : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أن نافعا أخبره أن رجلا أخبر [ ص: 154 ] عبد الله بن عمر ، أن nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص كان يأكل الضباع ، فلم ينكره عبد الله بن عمر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11823أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أنه سمع nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير يقول : ما زالت العرب تأكل الضبع ولا ترى بأكلها بأسا ، قالوا : والضبع سبع لا يختلف في ذلك ، فلما أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أكلها علمنا أن نهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع ليس من جنس ما أباحه ، وإنما هو نوع آخر ، والله أعلم ، وهو ما الأغلب فيه العداء على الناس ، هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ومن تابعه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ذو الناب المحرم أكله هو الذي يعدو على الناس كالأسد ، والنمر ، والذئب قال : ويؤكل الضبع ، والثعلب ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، وقال مالك وأصحابه : لا يؤكل شيء من سباع الوحوش كلها ، ولا الهر الوحشي ، ولا الأهلي ; لأنه سبع ، قال : ولا يؤكل الضبع ، ولا الثعلب والضرب ، ولا شيء من سباع الوحش ، ولا بأس بأكل سباع الطير ، زاد nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم في حكايته قول مالك ، قال : وكل ما يفترس ويأكل اللحم ولا يرعى الكلأ فهو سبع لا يؤكل ، وهذا يشبه السباع التي نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكلها .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب ، عن عبد العزيز أنه قال : لا بأس بأكل الفيل إذا ذكي ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وقال لي مالك : لم أسمع أحدا من أهل العلم قديما ولا حديثا بأرضنا ينهى عن أكل كل ذي مخلب من الطير ، قال : وسمعت مالكا يقول : لا يؤكل كل ذي ناب من السباع ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وكان nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد يقول : يؤكل الهر والثعلب .
[ ص: 155 ] قال أبو عمر : أما اختلاف العلماء في أكل كل ذي مخلب من الطير ، وما يأكل منه الجيف ، فسنذكره في باب نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من كتابنا هذا إن شاء الله عند قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم فذكر منها الغراب ، والحدأة ، وذلك أولى المواضع بذكره ، وبالله العون لا شريك له .
وأما الآثار المرفوعة في النهي عن أكل كل ذي ناب ومخلب من الطير ، فأكثرها معلومة ، وسنذكرها في باب نافع إن شاء الله ، والحجة لمالك وأصحابه في تحريم أكل كل ذي ناب من السباع عموم النهي عن ذلك ، ولم يخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعا من سبع ، فكل ما وقع عليه اسم سبع ، فهو داخل تحت النهي على ما يوجبه الخطاب ، وتعرفه العرب من لسانها في مخاطباتها ، وليس حديث الضبع مما يعارض به حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع ; لأنه حديث انفرد به عبد الرحمن بن أبي عمار ، وليس بمشهور بنقل العلم ، ولا ممن يحتج به إذا خالفه من هو أثبت منه ، وقد روي النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع من طرق متواترة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأبي ثعلبة ، وغيرهما ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روى ذلك جماعة من الأئمة الثقات الذين تسكن النفس إلى ما نقلوه ، ومحال أن يعارضوا بحديث ابن أبي عمار .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال : الثعلب سبع لا يؤكل ، قال معمر ، وقال قتادة : ليس بسبع ، ورخص في أكله nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، وعطاء من أجل أنه يؤذي ، وأما العراقيون nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه ، فقالوا : ذو الناب المنهي عن أكله الأسد ، والذئب ، والنمر ، والفهد ، والثعلب ، والضبع [ ص: 156 ] والكلب ، والسنور البري ، والأهلي ، والوبر ، قالوا : وابن عرس سبع من سباع الهوام ، وكذلك الفيل ، والدب ، والضبع ، واليربوع .
قال أبو يوسف : فأما الوبر ، فلا أحفظ فيه شيئا عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وهو عندي مثل الأرنب لا بأس بأكله ; لأنه يعتلف البقول ، والنبات ، وقال أبو يوسف في السنجاب ، والفنك ، والسنور كل ذلك سبع مثل الثعلب ، وابن عرس .
قال أبو عمر : أما الضب فقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إجازة أكله ، وفي ذلك ما يدل على أنه ليس بسبع يفترس ، والله أعلم .
ذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، قال : أخبرني رجل من ولد nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، قال : كنت عند nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، فجاءه رجل من غطفان ، فسأله عن الورل ، فقال : لا بأس به ، وإن كان معكم منه شيء ، فأطعمونا منه ، قال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : والورل شبه الضب ، وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أكل الأسد ، والفيل ، وتلا قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما الآية ، وقد كره أكل الكلب والتداوي به ، وهذا خلاف منه واضطراب ، وكره الحسن وغيره أكل الفيل ; لأنه ذو ناب ، وهم للأسد أشد كراهية ، وكره عطاء ومجاهد وعكرمة أكل الكلب ، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكلب ، قال : طعمة جاهلية ، وقد أغنى الله عنها وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، عن يزيد بن عبد الله السعدي ، قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، عن أكل الضبع ، فقال : إن أكلها لا يصلح ، ومعمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة ، عن أبيه أنه سئل عن أكل اليربوع فلم ير به بأسا ، قال معمر : [ ص: 157 ] وسألت nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني عن اليربوع ، فلم ير به بأسا ، قال : وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس ، عن أبيه أنه سئل عن أكل الوبر ، فلم ير به بأسا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد المدني ، قال : بلغني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر الشعبي ، قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحم القرد .
قال أبو عمر : وكرهه nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وعطاء ، ومكحول ، والحسن ، ولم يجيزوا بيعه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب سئل nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن أكل القرد ، فقال : ليس من بهيمة الأنعام .
قال أبو عمر : لا أعلم بين علماء المسلمين خلافا أن القرد لا يؤكل ، ولا يجوز بيعه لأنه مما لا منفعة فيه ، وما علمنا أحدا أرخص في أكله ، والكلب ، والفيل ، وذو الناب كله عندي مثله ، والحجة في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا في قول غيره ، وما يحتاج القرد ومثله أن ينهى عنه ; لأنه ينهي عن نفسه بزجر الطباع والنفوس لنا عنه ، ولم يبلغنا عن العرب ولا عن غيرهم أكله ، وقد زعم ناس أنه لم يكن في العرب من يأكل الكلب إلا قوم منهم نفر من فقعس وفي أحدهم قال الشاعر الأسدي :
يا فقعسي لم أكلته لمه لو خافك الله عليه حرمه فما أكلت لحمه ولا دمه
[ ص: 158 ] قال أبو عمر : يعني قوله لو خافك الله عليه حرمه أي إن الكلب عنده كان مما لا يأكله أحد ، ولا يخاف أحدا على أكله إلا المضطر ، والله عز وجل لا يخاف أحدا على شيء ، ولا على غير شيء ، ولا يلحقه الخوف جل وتعالى عن ذلك ، وأظن الشعر لأعرابي لا يقف على مثل هذا من المعنى ، والله أعلم .
حدثنا أحمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الله بن يونس ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15549بقي بن مخلد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16893محمد بن أبي عدي ، عن داود ، قال : سئل nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن رجل يتداوى بلحم كلب ، قال : إن تداوى به فلا شفاه الله ، قال : وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن أبي معشر ، عن إبراهيم أنه أصابه حمى ربع ، فنعت له جنب ثعلب ، فأبى أن يأكله ، قال : وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا هشام ، عن الحسن ، قال : الثعلب من السباع .
قال أبو عمر : من رخص في الثعلب ، والهر ، ونحوهما ، فإنما رخص في ذلك لأنها ليست عنده من السباع المحرمة على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 159 ] وقد ذكرنا وجه التأويل في ذلك ، وذكرنا ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الرخصة في أكل الضبع ، وقد جاء عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وسعد في الضبع أنها صيد يفديها المحرم بكبش ، ومعلوم أنها ذات ناب ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16068سهيل بن أبي صالح ، قال : جاء رجل من أهل الشام ، فسأل nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن أكل الضبع فنهاه ، فقال له : إن قومك يأكلونها ، فقال : إن قومي لا يعلمون ، قال سفيان : هذا القول أحب إلي ، فقلت لسفيان : فأين ما جاء عن عمر ، وعلي ، وغيرهما ، فقال : أليس قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل كل ذي ناب من السباع ؟ فتركها أحب إلي ، وبه نأخذ .
قال أبو عمر : ليس أحد من خلق الله إلا وهو يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإنه لا يترك من قوله إلا ما تركه هو ونسخه قولا أو عملا ، والحجة فيما قال صلى الله عليه وسلم ، وليس في قول غيره حجة ، ومن ترك قول عائشة في رضاع الكبير ، وفي لبن الفحل ، وترك قول nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في العول ، والمتعة ، وغير ذلك من أقاويله ، وترك قول عمر في تضعيف القيمة على المزني ، وفي تبديئه المدعى عليهم باليمين في القسامة ، وفي أن الجنب لا يتيمم ، وغير ذلك من قوله كثير ، وترك قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في أن الزوج لا يهدم التطليقة والتطليقتين ، وكراهية الوضوء من ماء البحر ، وسؤر الجنب والحائض ، وغير ذلك كثير ، وترك قول علي في أن المحدث في الصلاة يبني على ما مضى منها ، وفي أن بني تغلب لا تؤكل ذبائحهم ، وغير ذلك مما روي عنه كيف يتوحش من مفارقة واحد منهم ، ومعه السنة الثابتة ، عن [ ص: 160 ] النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي الملجأ عند الاختلاف ، وغير نكير أن يخفى على الصاحب ، والصاحبين ، والثلاثة السنة المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا ترى أن عمر في سعة علمه ، وكثرة لزومه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد خفي عليه من توريث المرأة من دية زوجها ، وحديث دية الجنين ، وحديث الاستئذان ما علمه غيره ، وخفي على أبي بكر حديث الجدة ، فغيرهما أحرى أن تخفى عليه السنة في خواص الأحكام ، وليس شيء من هذا أيضا بضائرهم - رضي الله عنه - وقد كان nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب يقول وهو حبر عظيم من أحبار هذا الدين ما سمعت بالنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع حتى دخلت الشام ، والعلم الخاص لا ينكر أن يخفى على العالم حينا .
حدثنا يونس بن عبد الله ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر بن محمد الفريابي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16914محمد بن الصباح ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني ، عن nindex.php?page=showalam&ids=1500أبي ثعلبة الخشني nindex.php?page=hadith&LINKID=1010059أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع ، قال سفيان : قال nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : ولم أسمع هذا حتى أتيت الشام .
وهذا حديث قد جاء إلا أنه لا يحتج بمثله لضعف إسناده ولا يعرج عليه ; لأنه يدور على nindex.php?page=showalam&ids=11808عبد الكريم بن أبي المخارق ، وليس يرويه غيره ، وهو ضعيف متروك الحديث ، وقد روى من حديث عبد الرحمن بن معقل صاحب الدثنية ، وهو رجل يعد في الصحابة نحو هذا الحديث ، قال : قلت يا رسول الله ما تقول في الضبع ؟ قال : لا آكله ، ولا أنهى عنه ، قال : قلت ما لم تنه عنه فإني آكله ، قال : قلت يا رسول الله ، فما تقول في الضب ؟ قال : لا آكله ولا أنهى عنه ، قال : قلت ما لم تنه عنه فإني آكله ، قال : وقلت ما تقول في الأرنب ؟ قال : لا آكلها ولا أحرمها ، قال : قلت ما لم تحرمه فإني آكله ، قال : قلت يا رسول الله ما تقول في الذئب ؟ قال : أويأكل ذلك أحد ، قال : قلت يا رسول الله ما تقول في الثعلب ؟ قال : أويأكل ذلك أحد ؟ .
[ ص: 162 ] وهو أيضا حديث ضعيف ، وإسناده ليس بالقائم عند أهل العلم ، وهو يدور على أبي محمد رجل مجهول ، وهو حديث لا يصح عندهم ، وعبد الرحمن بن معقل لا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولا تصح صحبته ، وإنما ذكرت هذا الحديث والذي قبله ليوقف عليهما ، ولرواية الناس لهما ، ولتبيين العلة فيهما ، وأما جلود السباع المذكاة لجلودها ، فقد اختلف أصحابنا في ذلك ، فروى ابن القاسم عن مالك أن السباع إذا ذكيت لجلودها حل بيعها ، ولباسها ، والصلاة عليها .
قال أبو عمر : الذكاة عنده في السباع لجلودها أكمل طهارة في هذه الرواية من الدباغ في جلود الميتة ، وهو قول ابن القاسم ، وقال ابن القاسم في المدونة لا يصلى على جلد الحمار وإن ذكي ، وقوله إن الحمار الأهلي لا تعمل فيه الذكاة ، وقال ابن حبيب في كتابه : إنما ذلك في السباع المختلف فيها ، فأما المتفق عليها فلا يجوز بيعها ، ولا لبسها ، ولا الصلاة بها ، ولا بأس بالانتفاع بها إذا ذكيت ; كجلد الميتة المدبوغ ، قال ابن حبيب : ولو أن الدواب الحمير والبغال ذكيت لجلودها لما حل بيعها ، ولا الانتفاع بها ، ولا الصلاة فيها إلا الفرس فإنه لو ذكي لحل بيع جلده ، والانتفاع به للصلاة وغيرها لاختلاف الناس في تحريمه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : أكره بيع جلود السباع وإن ذكيت ما لم تدبغ ، قال : وأرى أن يفسخ البيع فيها ، ويفسخ ارتهانها ، وأرى أن يؤدب فاعل ذلك إلا أن يعذر بالجهالة ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم أكل كل ذي ناب من السباع ، فالذكاة فيها ليست بذكاة ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن مالك في كتاب الضحايا من المستخرجة أن ما لا يؤكل لحمه ، فلا يطهر جلده بالدباغ ، وهذه المسألة [ ص: 163 ] في سماع nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب وابن نافع ، وسئل مالك : أترى ما دبغ من جلود الدواب طاهرا ؟ فقال : إنما يقال هذا في جلود الأنعام ، فأما جلود ما لا يؤكل لحمه فكيف يكون جلده طاهرا إذا دبغ ، وهو مما لا ذكاة فيه ولا يؤكل لحمه ؟ .
قال أبو عمر : لا أعلم أحدا من الفقهاء قال بما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن مالك في جلد ما لا يؤكل لحمه أنه لا يطهر بالدباغ إلا nindex.php?page=showalam&ids=11956أبا ثور إبراهيم بن خالد الكلبي فإنه قال في كتابه في جلود الميتة : كل ما كان مما لو ذكي حل أكله فمات لم يتوضأ في جلده ، ولم ينتفع بشيء منه حتى يدبغ ، فإذا دبغ فقد طهر ، قال : وما لا يؤكل لو ذكي لم يتوضأ في جلده وإن دبغ ، قال : وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في جلد شاة ماتت : ألا دبغتم جلدها فانتفعتم به ؟ ونهى عن جلود السباع ، قال : فلما روي الخبران أخذنا بهما جميعا ; لأن الكلامين جميعا لو كانا في مجلس واحد كان كلاما صحيحا ، ولم يكن فيه تناقض ، قال : ولا أعلم خلافا أنه لا يتوضأ في جلد خنزير وإن دبغ ، فلما كان الخنزير حراما لا يحل أكله وإن ذكي ، وكانت السباع لا يحل أكلها وإن ذكيت ، كان حراما أن ينتفع بجلودها وإن دبغت ، وأن يتوضأ فيها ، قياسا على ما أجمعوا عليه من الخنزير إذ كانت العلة واحدة .
[ ص: 164 ] وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ، عن منصور ، عن الحسن أن عليا كره الصلاة في جلود البغال .
قال أبو عمر : ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور صحيح في الذكاة ، أنها لا تعمل فيما لا يحل أكله إلا أن قوله - صلى الله عليه وسلم - كل إهاب دبغ فقد طهر قد دخل فيه كل جلد ، إلا أن جمهور السلف أجمعوا على أن جلد الخنزير لا يدخل في ذلك ، فخرج بإجماعهم هذا ، إن صح أن للخنزير جلدا يوصل إليه ويستعمل ، وإن كان أصحابنا قد اختلفوا في ذلك على ما سنذكره ونوضحه في باب حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن ابن وعلة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : كل إهاب دبغ فقد طهر إن شاء الله .
والحديث الذي ذكر nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور في النهي عن جلود السباع حدثناه جماعة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا بكر بن حماد ، قال : حدثا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12514ابن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11915أبي المليح بن أسامة ، عن أبيه ، nindex.php?page=hadith&LINKID=1010064أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16991محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وحكاه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب : لا يجوز تذكية السباع ، وإن ذكيت لجلودها لم يحل الانتفاع بشيء من جلودها ، إلا أن يدبغ .
[ ص: 165 ] قال أبو عمر : قول nindex.php?page=showalam&ids=16991ابن عبد الحكم ، وما حكاه أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب في تذكية السباع عليه جمهور الفقهاء من أهل النظر والأثر بالحجاز ، والعراق ، والشام ، وهو الصحيح ، وهو الذي يشبه أصل مالك في ذلك ، ولا يصح أن يتقلد غيره ; لوضوح الدليل عليه ، ولو لم يختبر ذلك إلا بما ذبحه المحرم ، أو ذبح في الحرام أن ذلك لا يكون ذكاة للمذبوح للنهي الوارد فيه ، وبالخنزير أيضا ، وقد أجمع المسلمون أن الخلاف ليس بحجة ، وأن عنده يلزم طلب الدليل والحجة ; ليتبين الحق منه ، وقد بان الدليل الواضح من السنة الثابتة في تحريم السباع ، ومحال أن تعمل فيها الذكاة ، وإذا لم تعمل فيها الذكاة ، فأكثر أحوالها أن تكون ميتة فتطهر بالدباغ ، هذا أولى الأقاويل في هذا الباب ، ولما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12321أشهب عن مالك وجه أيضا ، وأما ما رواه ابن القاسم عن مالك فلا وجه له يصح إلا ما ذكروا من تأويلهم في النهي أنه على التنزه لا على التحريم ، وهذا تأويل ضعيف لا يعضده دليل .