هذا الحديث وما كان مثله يدخل في المسند عند الجميع ، فأما قوله " فيه شرابا من فضيخ " فقد اختلف في الفضيخ ، فقال أكثر أهل العلم : الفضيخ نبيذ البسر ، وقال أبو عبيد : الفضيخ ما افتضخ من البسر [ ص: 243 ] من غير أن تمسه النار ، قال : وفيه روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ليس بالفضيخ ولكنه الفضوخ ، قال أبو عبيد : فإن كان مع البسر تمر فهو الخليطان ، وكذلك إن كان زبيبا فهو مثله .
قال أبو عمر : في هذا الحديث دليل واضح على أن نبيذ التمر إذا أسكر خمر ، وهو نص لا يجوز الاعتراض عليه ; لأن الصحابة رحمهم الله هم أهل اللسان ، وقد عقلوا أن شرابهم ذلك خمر ، بل لم يكن لهم شراب ذلك الوقت بالمدينة غيره ، أخبرني أحمد بن عبد الله الباجي أن أباه أخبره ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=13423محمد بن فطيس قال : أخبرنا يحيى بن إبراهيم قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16741عيسى بن دينار ، عن ابن القاسم ، عن مالك قال : نزل تحريم الخمر وما بالمدينة خمر من عنب ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن محارب بن دينار ، عن جابر قال : حرمت الخمر يوم حرمت ، وما كان شراب الناس إلا البسر والتمر ، وقال الحكمي :
لنا خمر وليست خمر كرم ولكن من نتاج الباسقات كرام في السماء ذهبن طولا وفات ثمارها أيدي الجناة
وقد اختلف أهل اللغة في اشتقاق اسم الخمر على ألفاظ قريبة المعاني متداخلة ، كلها موجودة المعنى في الخمر .
وقال آخرون منهم : إنما سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى أدركت ، كما يقال خمر الرأي واختمر ، أي ترك حتى تبين فيه الوجه ، ويقال قد اختمر العجين أي بلغ إدراكه .
وقال بعضهم : إنما سميت الخمر خمرا لأنها اشتقت من المخامرة التي هي المخالطة ; لأنها تخالط العقل ، وهذا مأخوذ من قولهم : دخلت في خمار الناس ، أي اختلطت بهم ، وهذا الوجه يقرب من المعنى الأول .
والثلاثة الأوجه كلها موجودة في الخمر ; لأنها تركت حتى أدركت الغليان وحد الإسكار وهي مخالطة للعقل ، وربما غلبت عليه وغطته ، وقد روينا عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه قال : الخمر ما خمرته .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن أبي بردة ، عن عمر قال : الخمر من خمسة : من التمر ، والزبيب ، والعسل ، والحنطة ، والشعير ، والخمر ما خمرته .
[ ص: 245 ] وقد أجمع علماء المسلمين في كل عصر وبكل مصر فيما بلغنا وصح عندنا أن عصير العنب إذا رمى بالزبد وهدأ وأسكر الكثير منه أو القليل أنه خمر وأنه ما دام على حاله تلك ، حرام كالميتة والدم ولحم الخنزير ، رجس نجس كالبول ، إلا ما روي عن ربيعة في نقط من الخمر ، شيء لم أر لذكره وجها ; لأنه خلاف إجماعهم ، وقد جاء عنه في مثل رءوس الإبر من نقط البول نحو ذلك .
والذي عليه عامة العلماء في خمر العنب ما ذكرت لك عنهم من تحريم قليلها وكثيرها ، وأنها عندهم رجس كسائر النجاسات ، إلا أن تحريمها عندهم لعلة الشدة والإسكار ، وليس كذلك تحريم الميتة وما جرى مجراها مما حرم لذاته وعينه ، ولهذا ما اختلف العلماء في تحليل الخمر وفي طيبها عند زوال العلة المذكورة عنها ، وسنذكر اختلافهم في تحليل الخمر في آخر هذا الباب إن شاء الله .
وكخمر العنب عندهم نقيع الزبيب إذا غلا وأسكر ، قليله وكثيره في التحريم سواء ; لأنه عندهم ميت أحيي .
واختلف العلماء في سائر الأنبذة المسكرة ، فقال العراقيون : إنما الحرام منها السكر وهو فعل الشارب ، وأما النبيذ في نفسه فليس بحرام ولا نجس ; لأن الخمر العنب لا غيره بدليل قول الله عز وجل إني أراني أعصر خمرا يعني عنبا .
قال أبو عمر : ليس في هذا دليل على أن الخمر ما عصر من العنب لا غير لما قدمنا ذكره من أن الخمر المعروفة عند العرب ما خمر العقل وخامره ، وذلك اسم جامع للمسكر من عصير العنب وغيره ، وقال أهل [ ص: 246 ] المدينة ، وسائر أهل الحجاز ، وعامة أهل الحديث وأئمتهم : إن كل مسكر خمر حكمه حكم خمر العنب في التحريم والحد على من شرب شيئا من ذلك كله كما هو عند الجميع منهم على شارب خمر العنب .
ومن الحجة لهم أن القرآن قد ورد بتحريم الخمر مطلقا ولم يخص خمر العنب من غيرها ، فكل ما وقع عليه اسم خمر من الأشربة فهو داخل في التحريم بظاهر الخطاب ، والدليل على ذلك أن الخمر نزل تحريمها بالمدينة ، وليس بها شيء من خمر العنب .
وورد التحريم في الميتة والدم ولحم الخنزير خبرا ، وفي الخمر نهيا وزجرا ، وهو أقوى التحريم وأوكده عند العلماء ، وفي إجماع أهل الصلاة على هذا التأويل ما يغني عن الإكثار فيه ، وقد مضى في باب إسماعيل بن [ ص: 247 ] أبي حكيم ذكر معنى التحريم في اللغة ، وأنه المنع ، وكل ما منعت منه فقد حرم عليك ، دليل ذلك قول الله عز وجل وحرمنا عليه المراضع من قبل أي منعناه من رضاع غير أمه ، وقال الله عز وجل يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ، وقال تبارك اسمه قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم الآية ، فحصل بهاتين الآيتين أيضا تحريم الخمر نصا .
قرأت على nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، فأقر به أن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثهم ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن عبد الله بن يونس قال : حدثنا أبو شهاب ، عن الحسن بن عمرو ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لما نزل تحريم الخمر مشى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضهم إلى بعض وقالوا : حرمت الخمر ، وجعلت عدلا للشرك .
قال أبو عمر : يعني والله أعلم ، أنه قرنها وعدلها بالذبح للأنصاب ، وذلك شرك .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ [ ص: 248 ] قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15061أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي قال : حدثنا أبو عاصم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16318عبد الحميد بن جعفر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن عمرو بن الوليد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وإن الله ورسوله حرما الخمر والميسر والكوبة والغبيرا .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا يحيى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل قال : سمعت أبا الحكم قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن نبيذ الجر ، فقال nindex.php?page=hadith&LINKID=1010165نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نبيذ الجر ، والدباء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من سره أن يحرم ما حرم الله فليحرم النبيذ ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=17317يحيى بن سلام ، عن شريك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن عكرمة قال : ما أحلت الغنيمة لأحد قبلكم ، ولا حرمت الخمر على قوم قبلكم .
ولما اختلف العلماء فيما تقدم ذكرنا له من مسكر الأنبذة ، وجب الرجوع عند تنازعهم في ذلك إلى ما ورد به الكتاب ، أو قام دليله منه ، أو ثبتت به سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكرنا ما يوجبه إطلاق اسم الخمر وما يعرفه أهل اللسان من اشتقاقها .
[ ص: 249 ] وأما السنة فالآثار الثابتة كلها في هذا الباب تقضي على صحة قول أهل الحجاز ، وقد روى أهل العراق فيما ذهبوا إليه آثارا لا يصح شيء منها عند أهل العلم بالحديث ، وقد أكثر الناس في تعليل تلك الأحاديث وفي الاستظهار بتكرير الآثار في تحريم المسكر ، ونحن نذكر منها في هذا الباب ما يغني ويكفي عن التطويل .
وقد مضى في هذا الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - رضي الله عنه - أن الخمر من خمسة أشياء ، وحسبك به عالما باللسان والشرع ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن أبي كثير الغبري السحيمي ، واسمه يزيد بن عبد الرحمن ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010166الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة وفي هذا ما يبين لك أن الخمر من غير العنب ، رواه عن يحيى جماعة من أصحابه ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أيضا في تأويل الخمر حديثان مبينان موضع الصواب فيما اختلف فيه ، هما جميعا عند nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، أحدهما عن nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير ، عن النبي صلى الله عليه ، والآخر عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن عمر .
حدثنا عبد الرحمن بن مروان قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن سليمان البغدادي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13890عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال : حدثنا أبو حيان التيمي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : سمعت عمر يخطب على منبر المدينة ، قال : يا أيها الناس ألا إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل ، وهي من خمسة : من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ، والخمر ما خامر العقل .
[ ص: 251 ] وهذا أبين ما يكون في معنى الخمر يخطب به عمر بالمدينة على المنبر بمحضر جماعة الصحابة وهم أهل اللسان ، ولم يفهموا من الخمر إلا المعنى الذي ذكرنا ، وبالله توفيقنا .
وحدثنا عبد الرحمن بن مروان قال : حدثنا أحمد بن عمرو قال : حدثنا البغوي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وجدي nindex.php?page=showalam&ids=12289أحمد بن منيع قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15175المختار بن فلفل قال : قال أنس : الخمر من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة ، فما خمرت من ذلك فهو الخمر .
أخبرنا عبد الله بن محمد بن يوسف قال : حدثنا محمد بن يحيى بن عبد العزيز قال : حدثنا أحمد بن خالد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16232صفوان بن محرز قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري يخطب ، فقال : خمر المدينة من البسر والتمر ، وخمر أهل فارس من العنب ، وخمر أهل اليمن من البتع ، وهو من العسل ، وخمر الحبش السكركة [ ص: 252 ] من الذرة ، وثبت عن النبي عليه السلام أنه قال : كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام وقوله nindex.php?page=hadith&LINKID=1010170كل شراب أسكر فهو حرام ، وما أسكر كثيره فقليله حرام .
حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد قال : حدثنا محمد بن معاوية الأموي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب النسائي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16073سويد بن نصر قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010169كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام .
[ ص: 253 ] حدثنا عبد الرحمن بن مروان قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن سليمان البغدادي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13890عبد الله بن محمد البغوي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010169كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي قال : حدثنا محمد بن القاسم بن شعبان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب قال : حدثنا الحسن بن منصور قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010172كل مسكر حرام ، وكل مسكر خمر قال nindex.php?page=showalam&ids=14134الحسين بن منصور : قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : هذا حديث صحيح .
قال أبو عمر : هكذا روى هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=11974أبو حازم بن دينار ، وليث ، وأبو معشر ، وإبراهيم الصائغ ، والأحلج ، وعبد الواحد بن [ ص: 254 ] قيس ، nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبو الزناد ، nindex.php?page=showalam&ids=17000ومحمد بن عجلان ، nindex.php?page=showalam&ids=16524وعبيد الله بن عمر العمري كلهم عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرفوعا ، كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ، nindex.php?page=showalam&ids=17177وموسى بن عقبة ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ربما وقفه ، وكان يقول أحيانا : لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه .
ورواه مالك ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر موقوفا ، والحديث ثابت مرفوع لا يضره تقصير من قصر في رفعه ; لرفع الحفاظ الأثبات له ، ولاجتماع الجماعة من رواة نافع على رفعه ، منهم أيوب ، وموسى ، وسائر من ذكرنا .
ومما يدل على صحة رفعه رواية محمد بن عمرو له عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي عليه السلام مرفوعا ، وكذلك رواه nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، nindex.php?page=showalam&ids=16430وعبد الله بن دينار ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ، وكذلك رواه جماعة عن سالم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ، فكيف يحل لأحد أن يتأول في الأنبذة المسكرة أنها حلال ؟ والنبي عليه السلام قد بين أن كل مسكر خمر وكل خمر حرام ، نعوذ بالله من الخذلان ومن سلوك سبيل الضلال .
وأخبرنا عبد الله بن محمد قال : أخبرنا محمد بن بكر قال : حدثنا سليمان بن الأشعث قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد قال : حدثنا [ ص: 255 ] nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل - يعني ابن جعفر - عن داود بن بكر بن أبي الفرات ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر ، عن جابر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010173ما أسكر كثيره فقليله حرام وأخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع النيسابوري قال : حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني قال : سمعت النعمان - يعني ابن المنذر - الصنعاني يقول : عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010174كل مخمر خمر ، وكل مسكر حرام وذكر تمام الحديث .
وهذه كلها نصوص في موضع الخلاف لمن أراد الله في المسكر أن يهديه ويشرح صدره .
والآثار في تحريم ما أسكر كثيره كثيرة جدا يطول الكتاب بذكرها ، وقد ذكرها جماعة من العلماء ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك وغيره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب في كتابه : إن أول من أحل المسكر من الأنبذة nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، وهذه زلة من عالم ، وقد حذرنا من زلة العالم ، ولا حجة في قول أحد مع السنة .
[ ص: 256 ] وقد زعمت طائفة أن nindex.php?page=showalam&ids=14695أبا جعفر الطحاوي - وكان إمام أهل زمانه - ذهب إلى إباحة الشرب من المسكر ما لم يسكر ، وهذا لو صح عنه لم يحتج به على من ذكرنا قولهم من الأئمة المتبعين في تحريم المسكر ما ثبت من السنة ، وأنا أذكر ما حكاه nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ليتبين لك أن الأمر ليس كما ظنوا ، قال أبو جعفر في كتابه الكبير في الاختلاف : اتفقت الأمة أن عصير العنب إذا اشتد وغلا وقذف بالزبد فهو خمر ، ومستحله كافر ، واختلفوا في نقيع التمر إذا غلا وأسكر ، قال : فهذا يدل على أن حديث nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، عن أبي كثير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي عليه السلام أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010166الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة غير معمول به عندهم ؛ لأنهم لو قبلوا الحديث لكفروا مستحل نقيع التمر ; فثبت أنه لم يدخل في الخمر المحرمة غير عصير العنب الذي قد اشتد وبلغ أن يسكر ، قال : ثم لا تخلو الخمر من أن يكون التحريم معلقا بها فقط غير مقيس عليها غيرها ، أو يجب القياس عليها ، فوجدناهم جميعا قد قاسوا عليها نقيع التمر إذا غلا وأسكر كثيره ، وكذلك نقيع الزبيب ، قال : فوجب قياسا على ذلك أن يحرم كل ما أسكر من الأشربة ، قال : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : كل مسكر حرام واستغني عن ذكر سنده لقبول الجميع له ، وإنما الخلاف بينهم في تأويله ، فقال بعضهم : أراد به ما يقع السكر عنده ، كما لا يسمى قاتلا إلا مع وجود القتل ، وقال آخرون : أراد به جنس ما يسكر ، قال : وقد روى [ ص: 257 ] أبو عون الثقفي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16439عبد الله بن شداد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010176حرمت الخمر بعينها ، القليل منها والكثير ، والسكر من كل شراب قال في هذا الحديث : إن غير الخمر لم يحرم عينه ، كما حرمت الخمر بعينها ، هذا آخر قوله ، وفيما مضى كفاية ، والحمد لله .
قال أبو عمر : هذا يبين لك أن الفضيخ المذكور في حديث إسحاق ، عن أنس أنه خليط البسر والتمر ، وهذا على نحو ما فسره أهل اللغة ، والله أعلم .
[ ص: 258 ] وقد روى هذا الحديث عن أنس جماعة يطول ذكرهم ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=16377وعبد العزيز بن صهيب ، nindex.php?page=showalam&ids=15175والمختار بن فلفل ، nindex.php?page=showalam&ids=15603وثابت البناني ، وأبو التياح ، وأبو بكر بن أنس ، وخالد بن الفزر ، لم يذكر واحد منهم كسر الجرار إلا nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة وحده ، وإنما في حديثهم أنه كفأها ، ولا بأس بالاستمتاع بظروف الخمر بعد تطهيرها وغسلها بالماء وتنظيفها ، إلا أن الزقاق التي قد بالغتها الخمر وداخلتها إن عرف أن الغسل لا يبلغ منها مبلغ التطهير لها لم ينتفع بشيء منها .
وفي هذا الحديث أيضا : قبول خبر الواحد لأنهم قبلوا خبر المخبر لهم ، وهو رجل من المسلمين ، ولا شك أنهم قد عرفوه ، ولذلك قبلوا خبره وعملوا به وأراقوا شرابهم ، وقد كان ملكا لهم قبل التحريم .
[ ص: 259 ] وقد كانت الشدة والإسكار موجودين في الخمر قبل تحريمها ، ولم يكن ذلك بموجب لتحريمها ; لأن العلة في التحريم ما يقرع السمع من الكتاب والسنة ، وإنما كانت الشدة وصفا من أوصاف الخمر ، فلما ورد الشرع بتحريم المسكر صار الإسكار والشدة فيها علما للتحريم بدليل الاعتبار في ذلك ، وهذا موضع تنازع فيه من نفى القياس ومن أثبته ، والكلام فيه يطول .
وفيه حجة لمن قال : إن الخمر لا تخلل ; لأنه لو جاز تخليلها والانتفاع بها لكان في إراقتها إضاعة المال ، وقد نهي عن إضاعة المال ، ولا يقول أحد فيمن أراق خمرا لمسلم إنه أتلف له مالا ، وقد أراق nindex.php?page=showalam&ids=61عثمان بن أبي العاصي خمر اليتيم ، وأريقت بين يدي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
ومن حديث أنس أن أبا طلحة سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أيتام ورثوا خمرا يجعله خلا ؟ فكرهه . وروى nindex.php?page=showalam&ids=16878مجالد بن سعيد ، عن أبي الوداك جبر بن نوف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال : [ ص: 260 ] كان عندي خمر لأيتام ، فلما نزل تحريم الخمر أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نهرقها ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، عن أبي هبيرة ، واسمه يحيى بن عباد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010178جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه في حجره يتيم ، وكان عنده خمر له - حين حرمت الخمر - فقال : يا رسول الله نصنعها خلا ؟ قال : لا ، وسنذكر آثار هذا الباب بأسانيدها في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبي وعلة من هذا الكتاب ، فبهذا احتج من كره تخليل الخمر ، ولم يبح أكلها إذا تخللت ، وقالوا : لو جاز تخليلها لم يأمر رسول الله بإراقتها ، وقد استؤذن في تخليلها ، فقال : لا ، ونهى عن ذلك .
ذهب إلى هذا طائفة من العلماء من أهل الحديث والرأي ، وإليه مال nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون بن سعيد .
وقال آخرون : لا بأس بتخليل الخمر ، ولا بأس بأكل ما تخلل منها بمعالجة آدمي وبغير معالجته على كل حال ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، والكوفيين .
ومن حجة هؤلاء إجماع العلماء على أن العصير من العنب قبل أن يسكر حلال ، فإذا صار مسكرا حرم لعلة ما حدث فيه من الشدة والإسكار ، فإذا زال ذلك عادت الإباحة وزال التحريم ، وسواء تخللت من ذاتها أو تخللت بمعالجة آدمي ، لا فرق بين شيء من ذلك إذا ذهب منها حال الإسكار .
[ ص: 261 ] وأجاز nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه مع تخليلها أن يصنع من الخمر المربى وغيره ، وبأي وجه أفسدت وزالت علة السكر منها طابت عندهم وطهرت ، وأما غيرهم ممن ذكرنا عنهم إجازة تخليل الخمر فإنهم لا يجيزون منها غير الخل على أصلها .
ولم يختلف قول مالك وأصحابه أن الخمر إذا تخللت بذاتها أن أكل ذلك الخل حلال .
واختلف قوله في تخليلها ، فكرهه مرة وأجازه أخرى ، والأشهر عنه كراهية ذلك ، وتحصيل مذهبه أنه لا ينبغي لمسلم أن يمسك خمرا ولا مسكرا ليتخلل ، ولا ينبغي لأحد أن يخللها ، فإن فعل أكلها ، وكره له فعل ذلك ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وقبيصة ، nindex.php?page=showalam&ids=13283وابن شهاب ، وربيعة كراهية تخليل الخمر ، وإجازة أكلها إذا تخللت بذاتها ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو تحصيل مذهبه عند أكثر أصحابه ، وعلى هذا أكثر العلماء لأنه يجتمع على هذا القول مذهب من أجاز تخليلها بكل وجه فيه ، ومذهب من أباحها إذا تخللت من ذاتها ، وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر جواز تخليل الخمر من وجه فيه لين ، والصحيح عنه إجازة أكلها إذا صارت خلا ، ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، عن عبد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان لا يرى بأسا أن يأكل مما كان خمرا فصار خلا ، قال : وأخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي ، عن أبيه ، عن مسربل العبدي ، عن أمه قالت : سألت عائشة عن خل الخمر ، قالت : لا بأس به هو إدام .
[ ص: 262 ] وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه - أنه كان يصطبغ في خل خمر ، وهذا يحتمل أن يكون أراد خل عنب ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة قال : حدثنا أزهر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16453ابن عون ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يقول : خل خمر ، وكان يقول : خل عنب ، وكان يصطبغ فيه .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم الإدام الخل وهذا على عمومه .
قال أبو عمر : وأعدل شيء في هذا الباب ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه فيه ، أخبرنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12313أسلم مولى عمر بن الخطاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، أنه قال : لا يؤكل خل من خمر أفسدت حتى يبدأ الله إفسادها ، فعند ذلك يطيب الخل ، قال : ولا بأس على امرئ أن يبتاع خلا وجده مع أهل الكتاب ما لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها بعدما عادت خمرا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وأخبرني يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، أنه كان يقول : لا خير في خل من خمر أفسدت حتى يكون الله يفسدها ، عند ذلك يطيب الخل ، قال nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح : ورأيت nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون يذهب إلى أن الخمر إذا خللت لم يؤكل خلها تعمد ذلك أو لم يتعمد .
[ ص: 263 ] قال أبو عمر : ليس في النهي عن تخليلها والأمر بإراقتها ما يمنع من أكلها إذا تخللت من ذاتها لأنه يحتمل أن يكون ذلك كان عند نزول تحريمها لئلا يستدام حبسها ; لقرب العهد بشربها ، إرادة قطع العادة ، ولم يسأل عن خمر تخللت فنهى عنها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16991محمد بن عبد الله بن عبد الحكم : كان nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس يقول بقول nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : لا يؤكل خل من خمر أفسدت حتى يكون الله هو الذي بدأ إفسادها ، قال محمد : وبه أقول ، قال : ثم رجع مالك فقال : إن فعل ذلك جاز أكلها ، على تكره منه ، قال : وقول عمر أحب إلي .
قال أبو عمر : قد ذكرنا قول من زعم أن العلة في تحريمها الشدة فإذا زالت حلت ، ولكل قول وجه يطول شرحه والاحتجاج له ، وقد زدنا هذه المسألة بسطا وبيانا في باب nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن أبي وعلة ، والحمد لله .