لم يختلف الرواة عن مالك في ( إسناد ) هذا الحديث ، ومتنه بمعنى واحد فيما علمت ، وكذلك رواه معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري بإسناد مالك ومعناه ، ولم يقمه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة .
وروى هذا الحديث الليث ، عن ( عقيل ، عن ) nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب بهذا الإسناد مثله سواء ، إلا أنه لم يذكر فيه نهي ( عمر ) عن التمتع .
وقد ذكرنا في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة اختلاف الآثار في ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم به في خاصته محرما في حجته ، وذكرنا مذاهب العلماء في الأفضل من ذلك ، ولا خلاف علمته بين علماء المسلمين في جواز التمتع بالعمرة إلى الحج .
) فإذا أحرم أحد بعمرة في أشهر الحج ، وكان مسكنه من وراء الميقات من أهل الآفاق ، ولم يكن من حاضري المسجد ( الحرام .
) والحاضرو المسجد الحرام عند مالك وأصحابه : هم أهل مكة ، وما اتصل بها خاصة ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه هم من لا يلزمه تقصير الصلاة من موضعه إلى مكة ، وذلك أقرب المواقيت .
وعند nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وأصحابه هم أهل المواقيت ، ومن وراءها من كل ناحية فمن كان من أهل المواقيت أو من أهل ما وراءها فهم من حاضري المسجد الحرام وعند غير هؤلاء ( هم ) أهل الحرم .
وعلى هذه الأقاويل الأربعة مذاهب السلف في تأويل قول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فليس له التمتع بالعمرة إلى الحج ، ولا يكون متمتعا أبدا - أعني التمتع الموجب للهدي - ما كان هو وأهله كذلك .
والثلاثة الأيام في الحج آخرها يوم عرفة ، فإن صامها من حين يحرم بحجه إلى يوم النحر فقد أدى ما عليه من صيام أيام الحج ، وإن فاته ذلك فليس له صيام يوم النحر بإجماع من علماء المسلمين نقلا عن النبي صلى الله عليه وسلم .
واختلف في صيامه أيام التشريق ؛ إذ هي من أيام الحج ، فرخص له خاصة في ذلك قوم ، وأبى من ذلك آخرون ، وسنذكر ذلك إن شاء الله .
فهذا إجماع من أهل العلم قديما وحديثا في المتعة ، والتمتع المراد بقول الله فمن تمتع بالعمرة إلى الحج والمعنى - والله أعلم - أنه تمتع بحله كله فحل له النساء ، وغير ذلك مما يحرم على المحرم ، وسقط عنه السفر لحجه من بلده ، وسقط عنه الإحرام من ميقاته ( في الحج ) .
وقد قال بعض أصحابنا : إنما ذلك لسقوط السفر خاصة ، لا لتمتعه بالحل ; لأن القارن لم يتمتع بحل ، وعليه دم .
والوجه العام ما ذكرت لك من تمتعه بحله وسقوط سفره ، وسقوط الإحرام من ميقاته فلذلك كله وجب الدم عليه إذ حصل حاجا ، ولم يحرم بحجه ذلك من ميقات أهله ، ولا شخص لذلك الحج من موضعه بعد أن حصل محرما في أشهر الحج وزمانه ، وحج من عامه ، فهذه العلة الموجبة عليه الدم ، والله [ ص: 345 ] أعلم .
فإن اعتمر في أشهر الحج ، ثم رجع إلى بلده ، ومنزله ، ثم حج من عامه ذلك فليس بمتمتع ، ولا هدي عليه ، ولا صيام عند جماعة العلماء أيضا ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، فإنه قال : عليه هدي ، حج أو لم يحج . قال ; لأنه كان يقال : عمرة في أشهر الحج متعة .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتمرون في أشهر الحج ، ثم يرجعون ، ولا يهدون ، فقيل nindex.php?page=showalam&ids=15990لسعيد بن المسيب : فإن حج من عامه ؟ قال : عليه الهدي . قال قتادة : وقال الحسن : عليه الهدي حج أو لم يحج .
nindex.php?page=showalam&ids=17249وهشيم ، عن يونس ، ، عن الحسن أنه قال : عليه الهدي حج أو لم يحج .
وقد روي عن يونس ، عن الحسن ، قال : ليس عليه هدي ، والصحيح عن الحسن ما ذكرنا ، أخبرنا أحمد بن محمد : حدثنا أحمد بن الفضل : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير ، قال : أخبرنا ابن حميد : حدثنا هارون بن المغيرة ، عن عنبسة ، عن أشعث النجار ، عن الحسن ، قال : إن اعتمر في أشهر الحج ، ثم رجع إلى أهله ، ( ثم حج ) من عامه ذلك فعليه هدي ; لأنه كان يقال : عمرة في أشهر الحج متعة .
وقد روي عن الحسن أيضا في هذا الباب قول لم يتابع عليه أيضا ، ولا ذهب إليه أحد من أهل العلم ، وذلك أنه قال : من اعتمر بعد يوم النحر فهي متعة ، والذي عليه جماعة الفقهاء ، وعامة العلماء ما ذكرت لك قبل هذا .
[ ص: 346 ] روى nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم وغيره ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : من اعتمر في أشهر الحج ، ثم أقام حتى يحج ، فهو متمتع ، وعليه الهدي ، فإن رجع إلى مصره ، ثم حج من عامه فلا شيء عليه ، وعلى هذا الناس .
فإن ظن ظان أن معنى حديث مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار ، عن عبد الله بن عمر ، قال : من اعتمر في أشهر الحج شوال ، أو ذي القعدة ، أو ذي الحجة قبل الحج ، فقد استمتع ، ووجب عليه الهدي ( أو الصيام ، إن لم يجد هديا .
كمعنى ما روي عن الحسن في إيجاب الهدي ) على من اعتمر في أشهر الحج ، وإن لم يحج ، فليس كما ظن ، ولا يعرف ذلك من مذهب nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
وفي قوله ( في ) هذا الحديث " قبل الحج " دليل على أنه حج ، مالك في الموطإ ، فقال بأثر حديثه ذلك : قال مالك : وذلك إذا أقام حتى الحج ، ثم حج .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل بن إسحاق القاضي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12370إبراهيم بن حمزة الزبيري ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ؛ أنه كان يقول : من اعتمر في أشهر الحج شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة ، ثم أقام حتى يحج ، فهو متمتع ، عليه الهدي ، أو الصيام إن لم يجد هديا .
قال إسماعيل : وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد المسيب ؛ أنه قال : إذا اعتمر الرجل في أشهر الحج ، ثم رجع إلى أهله ، ثم حج من عامه ، فليس عليه هدي ، وعلى هذا جماعة العلماء ، على ما قدمنا .
[ ص: 347 ] وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس في التمتع قولان ، هما أشد شذوذا مما ذكرنا عن الحسن ; أحدهما : أن من اعتمر في غير أشهر الحج ، ثم أقام حتى الحج ، ثم حج من عامه أنه متمتع ، وهذا لم يقل به أحد من العلماء ( - فيما علمت - ) غيره ، ولا ذهب إليه أحد من فقهاء الأمصار .
وذلك - والله أعلم - أن شهور الحج أحق بالحج من العمرة ; لأن العمرة جائزة في السنة كلها ، والحج إنما موضعه شهور معلومة ، فإذا جعل أحد العمرة في أشهر الحج ( ، ولم يأت في ذلك العام بحج ) فقد جعلها في موضع كان الحج أولى به ( .
ثم رخص الله عز وجل في كتابه ، وعلى لسان رسوله في عمل العمرة في أشهر الحج للمتمتع والقارن للحج معها ، ولمن شاء أن يفردها في أشهر الحج ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
والآخر قاله في المكي : إذا تمتع من مصر من الأمصار فعليه الهدي ، وهذا لم يعرج عليه لظاهر قول الله عز وجل ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام والتمتع على ما قد أوضحنا عن جماعة العلماء بالشرائط التي وصفنا ، وبالله توفيقنا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : إذا قدم الرجل معتمرا في شهر رمضان ، وقد بقي عليه منه يوم أو يومان ، فلم يطف لعمرته حتى رأى هلال شوال ، فكان إبراهيم يقول : هو متمتع ، وأحب إلي أن يهريق دما .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه : إن طاف للعمرة ثلاثة أشواط في رمضان ، وأربعة أشواط في شوال كان متمتعا ، وإن طاف لها أربعة في رمضان ، وثلاثة في شوال لم يكن متمتعا .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا طاف بالبيت في أشهر الحج للعمرة فهو متمتع إن حج من عامه ذلك ، وذلك أن العمرة إنما تكمل بالطواف بالبيت ، وإنما ينظر إلى إكمالها .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : إذا دخل في العمرة في أشهر الحج ، فسواء طاف لها في رمضان أو في شوال لا يكون بهذه العمرة متمتعا .
واختلفوا في وقت وجوب الهدي على المتمتع ، فذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن مالك ؛ أنه سئل عن المتمتع بالعمرة إلى الحج يموت بعدما يحرم بالحج بعرفة أو غيرها ، أترى عليه هديا قال : من مات من أولئك قبل أن يرمي جمرة العقبة ، فلا أرى عليه هديا ، ومن رمى الجمرة ثم مات فعليه الهدي .
قيل له : فالهدي من رأس المال أو من الثلث ؟ قال : بل من رأس المال .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أحرم بالحج فقد وجب عليه دم المتعة إذا كان [ ص: 349 ] واجدا لذلك ، ذكره الزعفراني عنه ، وقال عنه الربيع : إذا أهل المتمتع بالحج ثم مات من ساعته أو بعد ، قبل أن يصوم ففيها قولان :
أحدهما : أن عليه دم المتعة ; لأنه دين عليه ، ولا يجوز أن يصام عنه .
والآخر : أنه لا دم عليه ; لأن الوقت الذي وجب عليه فيه الصوم قد زال وغلب عليه .
واتفق مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم أن المتمتع إذا لم يجد هديا صام الثلاثة أيام إذا أحرم ، وأهل بالحج إلى آخر يوم عرفة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور .
وقال عطاء : لا بأس أن يصوم المتمتع في العشر ، وهو حلال قبل أن يحرم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس : إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه .
فذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن مالك ، قال : إذا دخل في الصوم ، ثم وجد هديا فأحب إلي أن يهدي ، وإن لم يفعل أجزأه الصيام ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يمضي في صومه ، وهو فرضه ، وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إذا أيسر المتمتع في اليوم الثالث من صومه بطل عليه الهدي ، وإن صام ثلاثة أيام في الحج ثم أيسر كان له أن يصوم السبعة الأيام ، ولا يرجع إلى الهدي .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إذا وجد ما يذبح قبل أن يحل فليذبح ، وإن كان قد صام وإن لم يجد ما يذبح حتى يحل فقد أجزأه ( الصوم ) .
وقال عطاء : إن صام ثم وجد ما يذبح ، فليذبح ، حل أم لم يحل ، ما كان في أيام التشريق .
واختلفوا فيما على من [ ص: 350 ] فاته صوم الثلاثة الأيام قبل يوم النحر فذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن مالك ، قال : من نسي صوم الثلاثة الأيام في الحج ، أو مرض فيها ، فإن كان بمكة فليصم ( الأيام الثلاثة بمكة ، وقال : إن لم يصم قبل يوم عرفة ، فليصم ) أيام منى الثلاثة ، وليصم إذا رجع إلى أهله سبعة ، وإن كان رجع إلى أهله فليهد إن قدر ، فإن لم يقدر فليصم ثلاثة أيام في بلده وسبعة بعد ذلك ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور .
وتحصيل مذهب مالك أنه إذا قدم بلده ، ولم يصم ، ثم وجد الهدي لم يجزه الصوم ، ولا يصوم إلا إذا لم يجد هديا ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : إن انقضى يوم عرفة ولم يصم الثلاثة أيام فعليه دم ، لا يجزيه غيره ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بالعراق : يصوم أيام منى إن لم يكن صام قبل يوم النحر ، وقال : لا يصومها ، وعليه أكثر أصحابه ، ويصومها كلها إذا رجع إلى بلده فإن مات قبل ذلك أطعم عنه .
واتفق مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة وأصحابهم ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور على أن المتمتع يطوف لعمرته بالبيت ، ويسعى بين الصفا والمروة ، وعليه بعد ( أيضا ) طواف آخر لحجه ، وسعي بين الصفا والمروة .
وروي عن عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، ومجاهد أنه يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة .
وأما طواف القارن فقد ذكرناه في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة .
واختلفوا في حكم المتمتع الذي يسوق الهدي فقال مالك : إن كان متمتعا حل إذا طاف وسعى ، ولا ينحر هديه ( إلا بمنى ) إلا أن يكون مفردا للعمرة ، فإن كان مفردا للعمرة نحر هديه بمكة ، وإن كان قارنا نحره بمنى ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن مالك ، وقال مالك : من أهدى هديا للعمرة ، وهو متمتع لم يجز ذلك ، وعليه هدي آخر للمتعة ; لأنه إنما يصير متمتعا إذا أنشأ الحج بعد أن حل من عمرته ، وحينئذ يجب عليه الهدي [ ص: 352 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، وإسحاق لا ينحر المتمتع هديه إلى يوم النحر ، وقال أحمد : إن قدم المتمتع قبل العشر طاف وسعى ونحر هديه ، وإن قدم في العشر لم ينحر إلا يوم النحر ، وقاله عطاء .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يحل من عمرته إذا طاف وسعى ساق هديا أو لم يسق ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : يحل ، ولكن لا ينحر هديه حتى يحرم بالحج ، وينحره يوم النحر .
وقول nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في التمتع ، ومسائله المذكورة ههنا كلها كقول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي سواء ، وله قولان أيضا في صيام المتمتع أيام التشريق إن لم يصم قبل يوم النحر .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : إذا لم يسق المتمتع هديا فإذا فرغ من عمرته صار حلالا ، فلا يزال كذلك حتى يحرم بالحج فيصير حراما ، ولو ( كان ) هديا لمتعته لم يحل من عمرته حتى يحل من حجته ; لأنه الهدي على حديث حفصة .
وحجة nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في جواز إحلاله : أن المتمتع إنما يكون متمتعا إذا استمتع بإحلاله إلى أن يحرم بالحج ، فأما من لم يحل من المعتمرين فإنما هو قارن لا متمتع ، والقران قد أباح التمتع [ ص: 353 ]
فهذه جملة أصول التمتع بالعمرة إلى الحج ، وهذا هو الوجه المشهور في التمتع ، وقد قيل : أن هذا الوجه هو الذي روي عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود كراهيته ، وقالا أو أحدهما : يأتي أحدهم منى ، وذكره يقطر منيا .
وقد أجمع علماء المسلمين على جواز هذا ، وعلى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أباحه وأذن فيه .
وقد قال جماعة من العلماء : إنما كرهه عمر - رضي الله عنه - لأن أهل الحرم كانوا قد أصابتهم يومئذ مجاعة فأراد عمر أن ينتدب الناس إليهم لينعشوا بما يجلب من المير .
وقال آخرون : أحب أن يزار البيت في العام مرتين ( مرة ) أن الإفراد أفضل ؛ فكان يميل إليه ، ويأمر به ، وينهى عن غيره استحبابا ؛ ولذلك قال : افصلوا بين حجكم وعمرتكم ، فإنه أتم لحج أحدكم ولعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحج .
أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا صدقة بن موسى ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16871مالك بن دينار ، قال : سألت بالحجاز عطاء بن [ ص: 354 ] أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوسا ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله ، وسألت بالبصرة الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، ومعبدا الجهني ، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبا المتوكل الناجي كلهم أمرني بمتعة الحج .
والوجه الثاني من وجوه التمتع بالعمرة إلى الحج : هو أن يجمع الرجل بين العمرة ، والحج فيهل بهما جميعا في أشهر الحج أو غيرها يقول : لبيك بعمرة وحجة معا فإذا قدم مكة طاف لحجته ، وعمرته طوافا واحدا ، وسعى سعيا واحدا ، أو طاف طوافين ، وسعى سعيين على مذهب من رأى ذلك .
وقد ذكرنا القائلين بالقولين جميعا ، وحجة كل فريق منهم في باب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة ، وإنما جعل القران من باب التمتع ; لأن القارن متمتع بترك النصب في السفر إلى العمرة مرة ، وإلى الحج أخرى ، وتمتع بجمعهما ، لم يحرم لكل واحدة من ميقاته ، وضم إلى الحج فدخل تحت قول الله عز وجل : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي .
وهذا وجه من التمتع لا خلاف بين العلماء في جوازه ، وأهل المدينة لا يجيزون الجمع بين الحج والعمرة إلا بسياق الهدي ، وهو عندهم لا يجوز دونها .
وأهل العراق يختارون البدنة ، ويستحبونها ، وتجزي عندهم عن القارن شاة ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقد قال في بعض كتبه : القارن أخف [ ص: 355 ] حالا من المتمتع فإن لم يجد القارن الهدي صام ثلاثة أيام في الحج ، وسبعة إذا رجع إلى بلده ، حكمه في ذلك حكم المتمتع بالعمرة إلى الحج ، ومما يدلك على أن القران تمتع قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إنما جعل القران لأهل الآفاق ، وتلا : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فمن كان من حاضري المسجد الحرام ، وتمتع أو قرن لم يكن عليه دم قران ولا تمتع ، ومن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، وقرن أو تمتع فعليه دم .
وكان nindex.php?page=showalam&ids=12873عبد الملك بن الماجشون يقول إذا قرن المكي الحج مع العمرة ، كان عليه دم القران ؛ من أجل أن الله تعالى إنما أسقط عن أهل مكة الدم والصيام في التمتع لا في القران .
وقال مالك : لا أحب لمكي أن يقرن بين الحج والعمرة ، وما سمعت أن مكيا قرن ، فإن فعل لم يكن عليه دم ، ولا صيام ، وعلى قول مالك جمهور الفقهاء في ذلك .
وقد تنازع العلماء بعده في جواز هذا الوجه هلم جرا ، وذلك أن يهل الرجل بالحج حتى إذا دخل مكة فسخ حجه في عمرة ، ثم حل ، وأقام حلالا حتى يهل بالحج يوم التروية ، فهذا هو الوجه الذي تواترت الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه أنه أمر أصحابه في [ ص: 356 ] حجته من لم يكن معه منهم هدي ، ولم يسقه ، وكان قد أحرم بالحج أن يجعلها عمرة .
[ ص: 357 ] ففي هذا دليل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما فسخ الحج في العمرة ؛ ليريهم أن العمرة في أشهر الحج لا بأس بها ، فكان ذلك معه خاصة ; لأن الله قد أمر بإتمام الحج والعمرة كل من دخل فيهما أمرا مطلقا ، ولا يجب أن يخالف ظاهر كتاب الله إلا إلى ما لا إشكال فيه من كتاب ( ناسخ ) أو سنة مبينة .
واحتجوا من الحديث بما حدثنا به nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن معاوية ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب ، قال : أنبأنا إسحاق بن إبراهيم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن ، عن الحارث بن بلال ، عن أبيه ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012569قلنا يا رسول الله ، فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة ، فقال : بل لنا خاصة .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ( حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ) : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16379عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، قال : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن يذكر عن الحارث ( بن بلال بن الحارث ) المزني ، عن أبيه ، قال : قلت : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012570يا رسول الله ، فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة ؟ قال : بل لنا خاصة .
وحدثنا سعيد ، وعبد الوارث قالا : حدثنا قاسم : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15698حجاج بن منهال : حدثنا أبو عوانة ، عن معاوية بن [ ص: 358 ] إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، قال : سئل nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان عن متعة الحج ، فقال : كانت لنا ليست لكم .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا أبو معاوية ، nindex.php?page=showalam&ids=17390ويعلى بن عبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن ابن ذر ، قال : إنما كانت المتعة بالحج لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصة .
وقال أبو معاوية : يعني أن يجعل الحج عمرة ، وقال إسماعيل : حدثنا حجاج : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب الثقفي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، قال : أخبرني المرقع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال : ما كانت لأحد بعدنا أن يحرم بالحج ، ثم يفسخها بعمرة ، وعلى هذا جماعة فقهاء الحجاز ، والعراق ، والشام كمالك ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وأصحابهم ، وأكثر علماء التابعين ، وجمهور فقهاء المسلمين إلا شيء يروى عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : لا أرد تلك الآثار المتواترة الصحاح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فسخ الحج في العمرة بحديث الحارث بن بلال ، عن أبيه ، وبقول nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ، قال : ولم يجمعوا على ما قال أبو ذر ، ولو أجمعوا كان حجة ، وقد خالف nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أبا ذر ، ولم يجعله خصوصا .
وذكر عن nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان ، عن الأجلح ، عن عبد الله بن أبي [ ص: 359 ] الهذيل ، قال : كنت جالسا عند nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فأتاه رجل يزعم أنه مهل بالحج ، وأنه طاف بالبيت ، وبالصفا والمروة ، فقال له nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنت معتمر ؟ فقال له الرجل : لم أرد عمرة ، فقال : أنت معتمر ، .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أنه قال nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : أضللت الناس ، قال : وما ذاك ؟ قال : تفتي الناس إذا طافوا بالبيت فقد حلوا ، وقال أبو بكر ، وعمر من أحرم بالحج لم يزل محرما إلى يوم النحر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أحدثكم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحدثوني عن أبي بكر ، وعمر ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة : كانا أعلم برسول الله منك .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، عن أشعث ، عن الحسن جواز فسخ الحج في العمرة .
وهذا يحتمل أن يكون أراد وجوب ذلك مرة في الدهر ، والله أعلم .
والوجه الرابع من المتعة متعة المحصر ، ومن صد عن البيت . ذكر nindex.php?page=showalam&ids=17383يعقوب بن شيبة ، أنبأنا nindex.php?page=showalam&ids=13941أبو سلمة التبوذكي : حدثنا وهيب : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12420إسحاق بن سويد ( قال ) سمعت عبد الله بن الزبير ، وهو يخطب ، ويقول : يا أيها الناس إنه والله ليس التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ، ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج ، أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو [ ص: 360 ] أو أمر يعذر به ، حتى تذهب أيام الحج فيأتي البيت فيطوف ، ويسعى بين الصفا والمروة ، ثم يتمتع بحله إلى العام المستقبل ثم يحج ، ويهدي .
وسنذكر وجوه ذلك في باب نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إن شاء الله .
ويحتمل قوله صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعنى أذن فيها ، وأباحها ، وإذا أمر الرئيس بالشيء جاز أن يضاف فعله إليه ، كما يقال : رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزنا ، وقطع في السرقة ، ونحو هذا ، ومن هذا المعنى قول الله عز وجل ونادى فرعون في قومه أي أمر فنودي ، والله أعلم .