واختلف العلماء فيمن لم يدفع مع الإمام على ما سنذكره إن شاء الله . والمزدلفة هي المشعر الحرام ، وهي جمع ثلاثة أسماء لموضع واحد ، ومن الدليل على أن ذلك كذلك لإمام الحاج والناس في تلك الليلة قوله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=111لأسامة بن زيد : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012849الصلاة أمامك بالمزدلفة وسنذكر هذا الحديث ووجه القول فيه ، في باب nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى .
واختلف العلماء في هيئة الجمع بين الوقوف بالمزدلفة على وجهين ، أحدهما : الأذان والإقامة ، والآخر : هل يكون جمعهما متصلا لا يفصل بينهما بعمل ، أم يجوز العمل بينهما بعمل مثل العشاء ، وحط الرحال ، ونحو ذلك ؟ .
وأما اختلافهم في الأذان والإقامة ، فإن مالكا وأصحابه يقولون : يؤذن لكل واحدة منهما ويقام بالمزدلفة ، وكذلك قوله في الظهر والعصر بعرفة أيضا ، إلا أن ذلك في أول وقت الظهر بإجماع . قال : ابن القاسم [ ص: 261 ] قال لي مالك في جمع الصلاتين بعرفة وبالمشعر الحرام ، قال : لكل صلاة أذان وإقامة ، وقال مالك : كل شيء إلى الأئمة ، فلكل صلاة أذان وإقامة .
قال أبو عمر :
لا أعلم فيما قاله مالك في هذا الباب حديثا مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجه من الوجوه ، ولكنه روى عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب من حديث إسرائيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن النعمان بن حميد أبي قدامة ، أنه صلاها مع عمر بالمزدلفة كذلك ، واختلف فيه وليس بقوي الحديث ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود من حديث أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : خرجت مع nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود إلى مكة ، فلما أتى جمعا - صلى الصلاتين - كل واحد منهما بأذان وإقامة ، ولم يصل بينهما شيئا ، رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16102وشعبة ، وجماعة ، عن أبي إسحاق ، والذي يحضرني من الحجة في هذا الباب من جهة النظر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سن في الصلاتين بعرفة والمزدلفة ، أن الوقت لهما جميعا وقت واحد ، وإذا كان وقتهما واحدا ، وكانت كل واحدة تصلى في وقتها ، لم تكن واحدة منهما أولى بالأذان والإقامة من الأخرى ، لأن ليس [ ص: 262 ] واحدة منهما فائتة تقضى ، وإنما هي صلاة تصلى في وقتها ، وكل صلاة صليت في وقتها ، فسنتها أن يؤذن لها ويقام في الجماعة ، وهذا بين ، والله أعلم .
وقال آخرون : أما الأولى منهما فتصلى بأذان وإقامة ، وأما الثانية فتصلى بلا أذان ولا إقامة ، قالوا : وإنما أمر عمر بالتأذين للثانية ، لأن الناس كانوا قد تفرقوا لعشائهم ، فأذن ليجمعهم ; قالوا : وكذلك نقول نحن إذا تفرق الناس عن الإمام لعشاء أو غيره ، أمر المؤذنين فأذنوا لجمعهم ، وإذا أذن أقام ، قالوا : فهذا معنى ما روي عن عمر - رضي الله عنه - قالوا : والذي روي عن nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فمثل ذلك أيضا .
وذكروا ما حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : كان nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال : كنت مع nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بجمع ، فجعل بين المغرب والعشاء العشاء ، وصلى كل صلاة بأذان وإقامة . وذكر nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي قال : حدثنا ابن أبي داود ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12298أحمد بن يونس ، قال : [ ص: 263 ] حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، أنه صلى الصلاتين مرتين بجمع كل صلاة بأذان وإقامة ، والعشاء بينهما ، وقال آخرون : تصلى الصلاتان جميعا بالمزدلفة بإقامة واحدة ولا يؤذن في شيء منهما .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق وعبد الملك بن الصباح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16024سلمة بن كهيل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012851جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء ، بجمع صلاة المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة ، وقالا أيضا عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك ، قال : صليت مع nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المغرب ثلاثا ، والعشاء ركعتين بالمزدلفة بإقامة واحدة ، فقال مالك بن خالد ، قال : عبد الرزاق : [ ص: 264 ] هو الحارثي ، وقال عبد الملك : هو المحاربي ، ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : صليتها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذا المكان بإقامة واحدة .
قال أبو عمر :
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة هذا الحديث عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن مالك بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن مالك بن الحارث ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصواب ما قاله nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، والله أعلم .
وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا أحمد بن مطرف ، قال : حدثنا سعيد بن عثمان ، قال : حدثنا يونس ، قال : حدثنا سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : حدثني أربعة كلهم ثقة ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، وعلي الأزدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن ابن أبي حسين ، عن علي الأزدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مثله . وبه يقول nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وجماعة ، وقد حمل قوم حديث nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن [ ص: 265 ] عمر ، عن أبيه ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1012847صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا لم يناد في واحدة منهما إلا بالإقامة على هذا أيضا أي بإقامة واحدة ، وحمله غيرهم على الإقامة لكل صلاة منهما دون أذان ، وهو الصواب ، وهو محفوظ في حديث ابن أبي ذئب من رواية الحفاظ الثقات . وكذلك ذكر معمر وغيره في هذا الحديث عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب على ما سنذكره - إن شاء الله .
وقد روي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة ، ولا يصح قوله فيه بإقامة واحدة ، لأن مالكا وغيره من الحفاظ لم يذكروا ذلك فيه . وروي ذلك أيضا من حديث البراء ، وهو عند أهل الحديث خطأ ، وسنذكر ذلك في بابه - من كتابنا هذا إن شاء الله .
وقال آخرون : تصلى الصلاتان جميعا بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين . واحتجوا بحديث nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك ، وهو أكمل حديث روي في الحج وأتمه وأحسنه مساقا ، رواه بتمامه عن nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ، nindex.php?page=showalam&ids=15667وحاتم بن إسماعيل وجماعة ، وإلى هذا ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي واختاره ، وزعم أن النظر يشهد له ، لأن الآثار لم تختلف أن الصلاتين بعرفة صلاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأذان واحد [ ص: 266 ] وإقامتين ، فكذلك صلاتا المزدلفة في القياس ، لأنهما في حرمة الحج ، والآثار مختلفة في ذلك بالمزدلفة ، وغير مختلفة في ذلك بعرفة ، خالف nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي في ذلك nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة وأصحابه ، لأنهم يقولون إن الوقوف تصليان بالمزدلفة بأذان واحد وإقامة واحدة ، وذهبوا في ذلك إلى ما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة واحدة ، ولم يجعل بينهما شيئا ، قالوا : فكان محالا أن يكون nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أدخل بينهما أذانا إلا وقد علمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروي مثل هذا مرفوعا من حديث nindex.php?page=showalam&ids=2546خزيمة بن ثابت وليس بالقوي .
وقد حكى nindex.php?page=showalam&ids=14032الجوزجاني ، عن محمد بن الحسن ، عن أبي يوسف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، أنهما تصليان بأذان وإقامتين ، يؤذن للمغرب ويقام للعشاء فقط ، وإلى هذا ذهب nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور .
وحجتهم في ذلك ، حديث nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتلوا بنحو ما قدمنا ذكره من أن عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، إنما أذنا للثانية من أجل تأخيرهما العشاء ، وقال آخرون : تصلى الصلاتان جميعا بإقامتين دون أذان لواحدة منهما ; وممن قال ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه ، ومن حجة من ذهب إلى ذلك ، ما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق ، [ ص: 267 ] عن معمر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن سالم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1012853لما جاء المزدلفة ، جمع بين المغرب والعشاء ، صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة لكل واحدة منهما ، ولم يصل بينهما شيئا . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد ، عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . وليس في حديث مالك هذه الزيادة ، وهؤلاء حفاظ زيادتهم مقبولة ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عن عبد الله بن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17346ابن أبي حبيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، أنه ، قال : لم يناد بينهما ، ولا على إثر واحدة منهما إلا بإقامة .
هذه الآثار ثابتة عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وهي من أثبت ما روي في هذا الباب عنه ، ولكنها محتملة للتأويل ، وحديث جابر لم يختلف عليه فيه : أخبرني عبد الرحمن بن يحيى وغيره ، عن أحمد بن سعيد ، قال : سمعت أحمد بن خالد يعجب من مالك في هذا الباب ، إذ أخذ بحديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ولم يروه ، وترك الأحاديث التي روى .
[ ص: 269 ] قال أبو عمر :
فهذا اختصار ما بلغنا من الآثار واختلافها في هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وتهذيب ذلك ; وأجمع العلماء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع من عرفة بالناس - بعدما غربت الشمس يوم عرفة ، فأفاض إلى المزدلفة ، وأنه - عليه السلام - أخر حينئذ صلاة المغرب ، فلم يصلها حتى أتى المزدلفة ، فصلى بها بالناس بالمغرب والعشاء جميعا - بعدما غاب الشفق ودخل وقت العشاء الآخرة ، وأجمعوا أن ذلك سنة الحاج في ذلك الموضع ، وقد قدمنا ذكر ما اختلف فيه عنه - صلى الله عليه وسلم - من كيفية الأذان والإقامة في حين جمعه للصلاتين بالمزدلفة ; وأما اختلاف الفقهاء في ذلك ، فإن مالكا ذهب إلى أن كل صلاة منهما يؤذن لها ويقام ، واحدة بإثر أخرى ، وعلى ذلك أصحابه . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري إلى أنهما - جميعا - تصليان بإقامة واحدة ولا يفصل بينهما إلا بالتسليم . وذهب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إلى أن كل واحدة منهما تصلى بإقامة إقامة ، ولا يؤذن لواحدة منهما ; وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، وهو أحد قولي nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وروي ذلك عن سالم والقاسم ; وذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه إلى أنهما يصليان بأذان واحد وإقامتين ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=11956أبي ثور ، واحتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك وقد ذكرنا حجة كل واحد [ ص: 270 ] منهم من جهة الأثر ، ولا مدخل في هذه المسألة للنظر ، وإنما فيها الاتباع ; واختلفوا فيمن صلى الصلاتين المذكورتين قبل أن يصل إلى المزدلفة ، فقال مالك : لا يصليهما أحد قبل جمع إلا من عذر ، فإن صلاهما من عذر لم يجمع بينهما حتى يغيب الشفق . وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : لا يصليهما حتى يأتي جمعا ، وله السعة في ذلك إلى نصف الليل ; فإن صلاهما دون جمع أعاد . وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن صلاهما قبل أن يأتي المزدلفة فعليه الإعادة ، وسواء صلاهما قبل مغيب الشفق أو بعده ، عليه أن يعيدهما إذا أتى المزدلفة .
واختلف ، عن أبي يوسف ومحمد ، فروي عنهما مثل ذلك ، وروي عنهما إن صلاهما بعرفات أجزأه .
وعلى قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا ينبغي أن يصليهما قبل جمع ، فإن فعل أجزأه ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور ، وأحمد ، وإسحاق وروي ذلك عن عطاء ، وعروة ، وسالم ، والقاسم ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير .
وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : لا صلاة إلا بجمع .
ومن الحجة لمن ذهب إلى ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - خذوا عني مناسككم . وصلاهما جميعا بعد مغيب الشفق بجمع ، فليس لأحد أن يصليهما إلا في ذلك الموضع كذلك ، إلا من عذر - كما قال مالك - والله أعلم .
[ ص: 271 ] وقد ذكرنا أقوال الفقهاء فيمن فاتته الصلاة مع الإمام بالمزدلفة ، هل له أن يجمع الصلاتين أم لا ، في كتابنا هذا ثم ذكر الصلاة بعرفة . واختلفوا فيمن لم يمر بالمزدلفة ليلة النحر ولم يأتها ولم يبت بها غداة النحر ، فقال مالك : من لم ينخ بالمزدلفة ولم ينزل بها ، وتقدم إلى منى فرمى الجمرة ، فإنه يهريق دما ، فإن نزل بها ثم دفع منها في أول الليل أو وسطه أو آخره ، وترك الوقوف مع الإمام ، فقد أجزأه ولا دم عليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : من لم يقف بجمع ، ولم يقف بها ليلة النحر ، فعليه دم ، وهو قول عطاء في رواية ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وقتادة ، وبه قال أحمد وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد : إذا ترك الوقوف بالمزدلفة ولم يقف بها ولم يمر بها ولم يبت فيها ، فعليه دم ; قالوا : فإن بات وتعجل في الليل ، رجع إذا كان خروجه لعذر حتى يقف مع الإمام أو يصبح بها ، فإن لم يفعل ، فعليه دم ، قالوا : وإن كان رجلا مريضا أو ضعيفا أو غلاما صغيرا فتقدموا من المزدلفة بالليل فلا شيء عليهم .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن نزل وخرج منها بعد نصف الليل ، فلا شيء عليه ، وإن خرج قبل نصف الليل فلم يعد إليها ليقف بها مع الإمام ويصبح ، فعليه شاة . قال : وإنما حددنا نصف الليل ، لأنه بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة أهله أن يرتحلوا من آخر الليل ، ورخص [ ص: 272 ] لهم في أن لا يصبحوا ، بها ولا يقفوا مع الإمام ; والفرض على الضعيف والقوي - سواء ، ولكنه تأخر لمواضع الفضل وتعليم الناس ; قال : وما كان بعد نصف الليل فهو من آخر الليل ، وروي عن عطاء أنه إن لم ينزل بجمع فعليه دم ، وإن نزل بها ثم ارتحل بليل فلا شيء عليه . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وغيره ، وهو الصحيح عنه ; وكان عبد الله بن عمر يقول : إنما تدلج منه إذا شئت .
وقال علقمة nindex.php?page=showalam&ids=14577وعامر الشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري : من لم ينزل بالمزدلفة ، وفاته الوقوف بها ، فقد فاته الحج ، ويجعلها عمرة ; وهو قول عبد الله بن الزبير ، وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي إن الوقوف بالمزدلفة فرض واجب ، يفوت الحج بفواته . وقد روي عن nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري مثل ذلك ولا يصح عنه ، والأصح عنه - إن شاء الله - ما قدمنا ذكره .
وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان أنه قال : من فاتته الإفاضة من جمع ، فقد فاته الحج فليحل بعمرة ثم يحج قابلا .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي : ظاهر هذا الحديث إن كان صحيحا - والله أعلم - يدل على أن الرجل سأله عما فاته من الوقوف بالنهار بعرفة ، فأعلمه أن من وقف بعرفة ليلا أو نهارا ، فقد تم حجه ، فدار الأمر على أن الوقوف بالنهار لا يضره إن فاته ، لأنه لما قال : ليلا أو نهارا ، فالسائل يعلم أنه ( إذا وقف بالليل وقد فاته الوقوف بالنهار ، أن ذلك لا يضره ، وأنه قد تم حجه ; لأنه رأى له بهذا القول أن يقف بالنهار دون الليل ) وعلم أن المعنى فيه إذا وقف بالليل وقد فاته الوقوف بالنهار ، أن ذلك لا يضره ، قال : ولو حمل هذا الحديث أيضا على ما يحتج به من احتج به ، لوجب على من لم يدرك الصلاة مع الإمام بجمع ، أن يكون حجه فاسدا ، ولكن الكلام يحمل على صحته ، وصحة هذا المعنى فيه ، لأن [ ص: 275 ] الرجل إنما سأل وقد أدرك الصلاة بجمع ، وقد وقف بعرفة ليلا فأعلم أن حجه تام .
وقال أبو الفرج : معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عروة بن مضرس - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012859وقد أفاض قبل ذلك ليلا أو نهارا أراد - والله أعلم - ليلا ، أو نهارا وليلا فسكت عن أن يقول ليلا ، لعلمه بما قدم من فعله ، لأن من وقف نهارا ، فقد أدرك الليل ، لأنه أراد بذكر النهار اتصال الليل به . قال : وقد يحتمل أن يكون قوله ليلا أو نهارا ، بمعنى ليلا ونهارا ، فتكون أو بمعنى الواو ، كما قال الله عز وجل : ولا تطع منهم آثما أو كفورا - أي آثما وكفورا - والله أعلم .
قال أبو عمر :
لو كان كما ذكر ، كان الوقوف واجبا ليلا ونهارا ، ولم يغن أحدهما عن صاحبه ، وهذا لا يقوله أحد ، وقد أجمع المسلمون أن الوقوف بعرفة ليلا يجزئ عن الوقوف بالنهار ، إلا أن فاعل ذلك عندهم إذا لم يكن مراهقا ، ولم يكن له عذر ، فهو مسيء ، ومن أهل العلم من رأى عليه دما ، ومنهم من لم ير عليه شيئا ، وجماعة العلماء يقولون : إن من وقف بعرفة ليلا أو نهارا - بعد زوال الشمس من يوم عرفة - أنه مدرك للحج ، إلا nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، ومن قال بقوله ، فإن الفرض عنده الليل دون النهار ، وعند سائر العلماء الليل والنهار بعد الزوال في ذلك سواء في الفرض ; إلا أن السنة أن يقف كما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهارا يتصل [ ص: 276 ] له بالليل ; ولا خلاف بين أهل العلم أن الوقوف بعرفة فرض ، لا حج لمن فاته الوقوف بها يوم عرفة - كما ذكرنا ، أو ليلة النحر - على ما وصفنا ; وسنذكر ما يجب من القول في أحكام الوقوف بعرفة والصلاة بها في أولى المواضع من كتابنا هذا ، وذلك حديث nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن سالم ، في قصة nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مع الحجاج - إن شاء الله .
واحتج أيضا بعض من لم ير الوقوف بالمزدلفة فرضا من غير أصحابنا ، بأن قال : ليس في حديث عروة بن مضرس دليل على ما ذكر لمن أوجب الوقوف بالمزدلفة فرضا ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما قال فيه : nindex.php?page=hadith&LINKID=1012860من صلى صلاتنا هذه - وكان قد أتى قبل ذلك عرفة من ليل أو نهار ، فقد قضى حجه ، وتم تفثه ، فذكر الصلاة بالمزدلفة ، وكان أجمع أنه لو بات بها ، ووقف ونام عن الصلاة فلم يصلها مع الإمام حتى فاتته ، أن حجه تام ، فلما كان حضور الصلاة مع الإمام المذكور في هذا الباب ليس من صليب الحج ، كان الوقوف بالموطن الذي تكون فيه الصلاة أحرى أن يكون كذلك ; قالوا : فلم يتحقق بهذا الحديث ذلك الفرض إلا بعرفة خاصة ، قالوا : فإن احتج محتج بقول الله عز وجل : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام وقال : قد ذكر الله المشعر الحرام كما ذكر عرفات ، وذكر ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنته ، فحكمهما واحد ، لا يجزئ الحج إلا بإصابتهما ; قيل له : ليس في قول الله عز وجل : فاذكروا الله عند المشعر الحرام دليل على أن ذلك على الوجوب في الوقوف ، وكل قد أجمع أنه لو وقف بالمزدلفة - ولم يذكر الله - أن حجه تام ، فإذا لم يكن الذكر المأمور به من صلب الحج ، فشهود الموطن أولى بأن لا يكون كذلك .
[ ص: 277 ] قال : وقد ذكر الله في كتابه أشياء من أمر الحج لم يرد بذكرها إيجابها ; هذا ما احتج به أبو جعفر الأزدي ، وذكر حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : الحج عرفات . وفي بعض ألفاظ هذا الحديث : الحج يوم عرفة فمن أدرك جمعا قبل صلاة الفجر فقد أدرك .