هكذا قال يحيى : حميدة بنت أبي عبيدة بن فروة ، ولم يتابعه أحد على قوله ذلك ، وهو غلط منه ، وإنما يقول الرواة للموطأ كلهم : ابنة عبيد بن رفاعة ، إلا أن nindex.php?page=showalam&ids=15945زيد بن الحباب قال فيه عن مالك : حميدة بنت عبيد بن رافع ، والصواب رفاعة ، وهو رفاعة بن رافع الأنصاري ، وقد ذكرناه في كتابنا في الصحابة .
واختلف الرواة عن مالك في رفع الحاء ونصبها من حميد ، فبعضهم قال : حميدة ، بفتح الحاء وكسر الميم ، وبعضهم قال : حميدة ، بضم الحاء وفتح الميم ، وحميدة هذه هي امرأة إسحاق ، ذكر ذلك nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان ، nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن الشيباني في هذا الحديث عن مالك .
[ ص: 319 ] حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا يحيى ، عن مالك قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=12423إسحاق بن عبد الله قال : حدثتني امرأتي حميدة ، قالت : حدثتني كبشة ابنة كعب بن مالك ، قالت : رأيت أبا قتادة توضأ ثم أصغى إناءه للهرة ، قالت : فنظر إلي ، فقال : أتعجبين ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافات عليكم والطوافين .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ، عن مالك ، عن إسحاق بإسناده مثله إلا أنه قال : كبشة امرأة nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، وهذا وهم منه ، وإنما هي امرأة ابن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، وأما حميدة فامرأة إسحاق ، وكنيتها أم يحيى .
وفي هذا الحديث أن خبر الواحد النساء فيه والرجال سواء ، وإنما المراعاة في ذلك الحفظ والإتقان والصلاح ، وهذا لا خلاف فيه بين أهل الأثر .
وفيه إباحة اتخاذ الهر ، وما أبيح اتخاذه للانتفاع به جاز بيعه وأكل ثمنه إلا إن يخص شيئا من ذلك دليل فيخرجه عن أصله .
وفيه أن الهر ليس ينجس ما شرب منه ، وأن سؤره طاهر ، وهذا قول مالك وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ، وأبي يوسف القاضي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح بن حي .
[ ص: 320 ] وكذلك قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره في الهر : إنها من متاع البيت ، حدثنا أحمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13423محمد بن فطيس قال : حدثنا محمد بن إسحاق بن شبويه السجسي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : حدثنا معمر ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد ، أو عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : الهر من متاع البيت ، والطواف والخادم .
ومن ذلك قوله يطوف عليهم ولدان أي يخدمهم ولدان ويترددون عليهم بما يشتهون ، وطهارة الهر تدل على طهارة الكلب ، وأن ليس في حي نجاسة سوى الخنزير ، والله أعلم ; لأن الكلب من الطوافين علينا ، ومما أبيح لنا اتخاذه في مواضيع الأمور ، وإذا كان حكمه كذلك في تلك المواضيع ، فمعلوم أن سؤره في غير تلك المواضيع كسؤره فيها ; لأن عينه لا تنتقل .
ودل ما ذكرناه على أن ما جاء في الكلب من غسل الإناء من ولوغه سبعا أنه تعبد واستحباب ; لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - في الهر : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010259إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم بيان أن الطوافين علينا ليسوا بنجس في طباعهم وخلقتهم ، وقد أبيح لنا اتخاذ الكلب للصيد والغنم والزرع أيضا ، فصار من الطوافين علينا ، والاعتبار أيضا يقضي بالجمع بينهما لعلة أن كل واحد منهما سبع يفترس ويأكل الميتة ، فإذا جاء نص في أحدهما كان حكم نظيره حكمه ، ولما فارق غسل الإناء من ولوغ الكلب سائر غسل النجاسات كلها علمنا أن ذلك ليس لنجاسة ، ولو كان لنجاسة [ ص: 321 ] سلك به سبيل النجاسات في الإنقاء من غير تحديد ، وأما قول من قال : إنه ليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ما يدل من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على طهارة الهر ، وزعم أن أبا قتادة هو القائل إنها ليست بنجس ، ثم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010260إنها من الطوافين عليكم فإنه شبهه عليه برواية من روى هذا الحديث ، عن إسحاق وغيره فقال فيه عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة : إنها ليست بنجس ، وقال : قال أبو قتادة : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " nindex.php?page=hadith&LINKID=1010261هي من الطوافين عليكم " قال : ويكون الطوافون علينا ينجسون الماء ، قال : فقول nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة إنها ليست بنجس ، لم يضفه إلى رسول الله ، وإنما أضاف إلى رسول الله قوله إنها من الطوافين .
قال أبو عمر : هذا اعتلال لا معنى له ; لأن حديث مالك ، وهو أصح الناس له نقلا ، عن إسحاق ، فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010259إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم وفي هذا بيان جهله بحديث مالك ، ثم يقول : إن ذلك لو كان كما ذكر من قول nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ولم يكن مرفوعا لكنا أسعد [ ص: 322 ] بالتأويل منه ; لأن أبا قتادة إنما خاطبها بما فهمه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهر ، ومن شهد القول وعرف مخرجه سلم له في التأويل ، والنجاسة في الحيوان أصلها مأخوذ من التوقيف لا من جهة الرأي ، فاستحال أن يكون ذلك رأي nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة مع أن رواية مالك في طهارة الهر مرفوعة ، ومن خالف مالكا فوقفها ليس بحجة فيما قصر عنه على مالك ، ومالك عليه حجة عند جميع أهل النقل إن شاء الله .
وقد روى هذا الحديث جماعة عن إسحاق كما رواه مالك ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى ، nindex.php?page=showalam&ids=15716وحسين المعلم ، nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة ، وإن كان هشام nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة لم يقيما إسناده ، وهؤلاء كلهم يقولون في هذا الحديث ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : إنها ليست بنجس ، وإن كان بعضهم يخالف في إسناده ، فمالك ومن تابعه قد أقام إسناده وجوده ، وقد روى [ ص: 323 ] nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16379الدراوردي ، عن أسيد بن أبي أسيد ، عن أمه ، عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، عن النبي - صلى الله عليه - مثله ، قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010262إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم .
وقد روي عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يمر به الهر ، فيصغي لها الإناء فتشرب ، ثم يتوضأ بفضلها .
وممن روينا عنه أن الهر ليس بنجس ، وأنه لا بأس بفضل سؤره للوضوء والشرب ، nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وعائشة ، وأبو قتادة ، والحسن ، والحسين ، وعلقمة ، وإبراهيم ، وعكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16572وعطاء بن يسار .
واختلف في ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ، فروى عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن الهر كالكلب يغسل منه الإناء سبعا ، وروى أبو صالح ذكوان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : السنور من أهل البيت .
وروى أشعث ، عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا بسؤر السنور ، وروى يونس ، عن الحسن أنه قال : يغسل الإناء من ولوغه مرة ، وهذا [ ص: 324 ] يحتمل أن يكون رأى في فمه أذى ليصح مخرج الروايتين عنه ، ولا نعلم أحدا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روي عنه في الهر أنه لا يتوضأ بسؤره إلا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة على اختلاف عنه .
وأما التابعون ، فروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=16972ومحمد بن سيرين أنهم أمروا بإراقة ماء ولغ فيه الهر وغسل الإناء منه ، وسائر التابعين بالحجاز والعراق يقولون في الهر : إنه طاهر لا بأس بالوضوء بسؤره .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم قال : أخبرني سعيد ، عن قتادة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، والحسن أنهما كرها الوضوء بفضل الهر ، قال الوليد : فذكرت ذلك nindex.php?page=showalam&ids=13760لأبي عمرو الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ، فقالا : توضأ به ، فلا بأس به ، وإن وجدت غيره .
قال أبو عمر : الحجة عند التنازع والاختلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد صح عنه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة في هذا الباب ما ذكرنا ، وعليه اعتماد الفقهاء في كل مصر إلا nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ومن قال بقوله ، قال nindex.php?page=showalam&ids=17032أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي : الذي صار إليه جل أهل الفتوى من علماء الأمصار من أهل الأثر والرأي جميعا أنه لا بأس بسؤر السنور اتباعا للحديث الذي رويناه ، يعني عن nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة عن النبي ، صلى الله عليه وسلم .
قال : وممن ذهب إلى ذلك ، nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، وأهل المدينة ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد في من وافقه من أهل مصر والمغرب ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي في أهل الشام ، nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري فيمن وافقه من أهل العراق ، قال : وكذلك قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي [ ص: 325 ] وأصحابه ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأبي عبيدة وجماعة أصحاب الحديث ، قال : وكان النعمان يكره سؤره ، وقال : إن كان توضأ به أجزأه ، وخالفه أصحابه ، فقالوا : لا بأس به .
قال أبو عمر : ما حكاه المروزي عن أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فليس كما حكاه عندنا ، وإنما خالفه من أصحابه أبو يوسف وحده ، وأما محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ، nindex.php?page=showalam&ids=14111والحسن بن زياد ، فيقولون بقوله ، وأكثرهم يروون عنه أنه لا يجزئ الوضوء بفضل الهر ، ويحتجون لذلك ويروون عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر أنهما كرها الوضوء بسؤر الهر ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، فقد اختلف عنه في سؤر الهر ، فذكر في جامعه أنه كان يكره سؤر ما لا يؤكل لحمه ، وما يؤكل لحمه فلا بأس بسؤره ، وهو ممن يكره أكل الهر ، وذكر المروزي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16707عمرو بن زرارة قال : حدثنا أبو النضر قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=13709الأشجعي ، عن سفيان قال : لا بأس بفضل السنور .
قال أبو عمر : لا أعلم لمن كره سؤر الهر حجة أحسن من أنه لم يبلغه حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة ، وبلغه حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في الكلب ، فقاس الهر على الكلب ، وقد فرقت السنة بين الهر والكلب في باب التعبد وجمعت بينهما على حسب ما قدمنا ذكره من باب الاعتبار والنظر ، ومن حجته السنة خصمته ، وما خالفها مطروح ، وبالله التوفيق .
وهذا الحديث لم يرفعه إلا nindex.php?page=showalam&ids=16823قرة بن خالد ، nindex.php?page=showalam&ids=16823وقرة بن خالد ثقة ثبت ، وأما غيره فيرويه عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قوله ، وفي هذا الحديث من رأي nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة دليل على أن الماء اليسير تلحقه النجاسة ، ألا ترى إلى قوله : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010262ليست بنجس ، فدل هذا أن الهر لو كان عنده من باب النجاسات لأفسد الماء ، وإنما حمله على أن يصغي لها الإناء طهارتها ، ولو كان مما تنجس لم يفعل ، فدل هذا على أن الماء عنده تفسده النجاسة ، وإن لم تظهر فيه ; لأن شرب الهر وغيره من الحيوان في الإناء إذا لم يكن في فمه أذى من غيره ليس ترى معه نجاسة في الإناء .
وهذا المعنى اختلف فيه أصحابنا وسائر العلماء ، فذهب المصريون من أصحاب مالك إلى أن قليل الماء يفسده قليل النجاسة ، وأن الكثير لا يفسده إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه من المحرمات ، وما غلب عليه من الأشياء الطاهرة أخرجه من باب التطهير وأبقاه على طهارته ، ولم يحدوا بين القليل من الماء الذي يفسده قليل النجاسة وبين الكثير الذي لا يفسده إلا ما غلب عليه - حدا يوقف عنده إلا أن ابن القاسم روى عن مالك في الجنب يغتسل في حوض من الحياض التي تسقى فيها الدواب ولم يكن غسل [ ص: 327 ] ما به من الأذى أنه قد أفسد الماء ، وروي عن مالك في الجنب يغتسل في الماء الدائم الكثير مثل الحياض التي تكون بين مكة والمدينة ولم يكن غسل ما به من الأذى أن ذلك لا يفسد الماء ، وهذا مذهب ابن القاسم ، وأشهب ، وابن عبد الحكم ، ومن اتبعهم من أصحابهم المصريين إلا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب فإنه قال في الماء بقول المدنيين من أصحاب مالك ، وقولهم ما حكاه أبو المصعب عنهم ، وعن أهل المدينة أن الماء لا تفسده النجاسة الحالة فيه قليلا كان أو كثيرا إلا أن تظهر فيه النجاسة وتغير منه طعما أو ريحا أو لونا ، وكذلك ذكر nindex.php?page=showalam&ids=12234أحمد بن المعذل أن هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس في الماء .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15790خالد بن أبي عمران أنه سأل nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله ، عن الماء الراكد الذي لا يجري تموت فيه الدابة أيشرب منه ويغسل منه الثياب ؟ فقالا : انظر بعينك ، فإن رأيت ماء لا يدنسه ما وقع فيه فنرجو أن لا يكون بأس .
قال : وأخبرني يونس ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : كل ماء فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه ، فهو طاهر يتوضأ به .
[ ص: 328 ] قال : فإن تغيرت نزع منها قدر ما يذهب الرائحة عنها ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، وإلى هذا ذهب nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، ومحمد بن بكير ، وأبو الفرج ، والأبهري ، وسائر المنتحلين لمذهب مالك من البغداديين .
وروي هذا المعنى عن nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب على اختلاف عنه ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، وداود بن علي ، وهو مذهب أهل البصرة أيضا ، وهو الصحيح في النظر وجيد الأثر .
وأما الكوفيون ، فالنجاسة عندهم تفسد قليل الماء وكثيره إذا حلت فيه إلا الماء المستجد الكثير الذي لا يقدر آدمي على تحريك جميعه ؛ قياسا على البحر الذي قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010266هو الطهور ماؤه الحل ميتته .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فمذهبه في الماء نحو مذهب المصريين من أصحاب مالك ، وروايتهم في ذلك عن مالك أن قليل الماء يفسده قليل النجاسة ، ولا يفسد كثيره إلا ما غلب عليه فغير طعمه أو رائحته أو لونه ، إلا أن مالكا في هذه الرواية عنه لا يحد حدا بين قليل الماء الذي تلحقه النجاسة وبين كثيره الذي لا تلحقه النجاسة إلا بالغلبة عليه إلا ما غلب على النفوس أنه قليل ، وما الأغلب عند الناس أنه كثير ، وهذا لا يضبط لاختلاف آراء الناس وما يقع في نفوسهم .
وأما nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فحد في ذلك حدا بين القليل والكثير لحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010267إذا كان الماء قلتين لم تلحقه نجاسة . أو : لم يحمل خبثا [ ص: 329 ] وهو حديث يرويه nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=15498والوليد بن كثير جميعا ، عن محمد بن جعفر بن الزبير ، وبعض رواة nindex.php?page=showalam&ids=15498الوليد بن كثير يقول فيه عنه : عن nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد بن جعفر ، ولم يختلف عن nindex.php?page=showalam&ids=15498الوليد بن كثير أنه قال فيه : عن عبد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه يرفعه ، nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق يقول فيه : عن محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، وعاصم أيضا ، فالوليد يجعله عن nindex.php?page=showalam&ids=4897عبد الله بن عبد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق يجعله عن nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله ، ورواه عاصم بن المنذر ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، فاختلف فيه عليه أيضا ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة : عن عاصم بن المنذر ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، وقال فيه nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : عن عاصم بن المنذر ، عن أبي بكر بن عبيد الله ، عن عبد الله بن عمر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة فيه : إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شيء .
وبعضهم يقول فيه : إذا كان الماء قلتين لم يحصل الخبث ، وهذا اللفظ محتمل للتأويل ، ومثل هذا الاضطراب في الإسناد يوجب التوقف عن القول بهذا الحديث إلى أن القلتين غير معروفتين ، ومحال أن يتعبد الله عباده بما لا يعرفونه .
وأما حديث ولوغ الكلب في الإناء ، وحديث النهي عن إدخال اليد في الإناء قبل غسلها لمن انتبه من نومه ، وحديث النهي عن البول في الماء الدائم الراكد ، فقد عارضها ما هو أقوى منها ، والأصل في الماء الطهارة [ ص: 330 ] فالواجب أن لا يقضى بنجاسته إلا بدليل لا تنازع فيه ولا مدفع له ، ونحن نذكر ما نختاره من المذاهب في الماء هاهنا ، ونذكر معنى حديث ولوغ الكلب وغسل اليد في باب nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد إن شاء الله عز وجل .
قال أبو عمر : الدليل على أن الماء لا يفسد إلا بما ظهر فيه من النجاسة أن الله عز وجل سماه طهورا ، فقال : وأنزلنا من السماء ماء طهورا ، وفي " طهورا " معنيان : أحدهما أن يكون " طهورا " بمعنى " طاهر " ، مثل صبور وصابر ، وشكور وشاكر ، وما كان مثله ، والآخر أن يكون بمعنى فعول ، مثل قتول ، وضروب ، فيكون فيه معنى التعدي والتكثير ، يدل على ذلك قوله عز وجل وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم .
وقد أجمعت الأمة أن الماء مطهر للنجاسات ، وأنه ليس في ذلك كسائر المائعات الطاهرات ، فثبت بذلك هذا التأويل ، وما كان طاهرا مطهرا استحال أن تلحقه النجاسة ; لأنه لو لحقته النجاسة لم يكن مطهرا أبدا ; لأنه لا يطهرها إلا بممازجته إياها واختلاطه بها ، فلو أفسدته النجاسة من غير أن تغلب عليه ، وكان حكمه حكم سائر المائعات التي تنجس بمماسة النجاسة لها ، لم تحصل لأحد طهارة ولا استنجى أبدا .
والسنن شاهدة لما قلنا بمثل ما شهد به النظر من كتاب الله عز وجل ، فمن ذلك أمر رسول الله - صلى الله عليه - أن يصب على بول الأعرابي دلو من ماء ، أو ذنوب من ماء ، وهو أصح حديث يروى في الماء عن النبي صلى الله عليه .
وهكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=16108شعيب بن أبي حمزة ، ومحمد بن الوليد الزبيدي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، كما رواه nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد بإسناده ، وكذلك رواه النعمان بن راشد بهذا الإسناد ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وتابعه سفيان على هذا الإسناد .
ورواه nindex.php?page=showalam&ids=16892محمد بن أبي حفصة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن سعيد ، وأبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي عليه السلام ، وكل ذلك صحيح لأنه ممكن أن يكون الحديث عند ابن شهاب .
عن عبيد الله ، وسعيد ، وأبي سلمة ، فحدث به مرة عن هذا ، ومرة عن هذا ، وربما جمعهم ، وهذا موجود nindex.php?page=showalam&ids=13283لابن شهاب ، معروف له كثير جدا ، وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قصة الأعرابي هذا ، وسنذكر طرق حديثه في ذلك في باب مرسل nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد من كتابنا هذا إن شاء الله .
[ ص: 332 ] ومن ذلك أيضا قوله - صلى الله عليه - إذ سئل عن بئر بضاعة ، فقيل له : إنه يطرح فيها لحوم الكلاب والعذرة وأوساخ الناس ، فقال : الماء لا ينجسه شيء يعني ما لم يغيره أو يظهر فيه ، والله أعلم ; لأنه قد روي عنه - صلى الله عليه - الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب عليه فغير طعمه أو لونه أو ريحه .
وهذا إجماع في الماء المتغير بالنجاسة ، وإذا كان هذا هكذا فقد زال عنه اسم الماء مطلقا .
وحديث بئر بضاعة ذكره أبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن النبي عليه السلام .
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قال : حدثنا حسين بن محمد قال : حدثنا الفضيل - يعني ابن سليمان - قال : حدثنا محمد بن أبي يحيى ، عن أمه قالت : سمعت nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد الساعدي يقول : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010272سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي من بئر بضاعة ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل ، عن محمد بن أبي يحيى ، عن أمه ، قالت : دخلنا على nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد في نسوة ، فقال : لو أني سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك ، وقد والله سقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي منها ، ومن ذلك أيضا قوله - صلى الله عليه وسلم - إذ سئل عن ماء اغتسلت منه امرأة من نسائه وهي جنب ، فقال : الماء لا ينجسه شيء رواه جماعة ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، منهم شعبة والثوري ، إلا أن جل أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة يروونه عنه ، عن سماك ، عن عكرمة مرسلا ، ووصله عنه [ ص: 333 ] محمد بن بكر ، وقد وصله جماعة عن سماك ، منهم nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وحسبك بالثوري حفظا وإتقانا .
وهكذا رواه أبو الأحوص ، وشريك ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مرفوعا ، وكل من أرسل هذا الحديث nindex.php?page=showalam&ids=16004فالثوري أحفظ منه ، والقول فيه قول nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ومن تابعه على إسناده ، وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق القاضي ، عن الحماني ، عن شريك ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=hadith&LINKID=1010275الماء لا ينجسه شيء قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16937محمد بن جعفر ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن ثوبة العنبري أنه سمع سلم بن غياث يحدث عن جده ، قال : سألت nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، قلت : إنا نرد الحوض يكون فيه السؤر من الماء ، فيلغ فيه الكلب ويشرب منه الحمار ، فقال : الماء لا يحرمه شيء .
قال أبو عمر : حسبك بجواب nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة في هذا الباب ، وهو الذي روى حديث ولوغ الكلب في الإناء ، وحديث غسل اليد قبل إدخالها فيه ، وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من وجوه أن الماء لا ينجسه شيء ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 334 ] الماء يطهر ولا يطهر ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : الماء طهور لكل ما أصاب ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى وجماعة من التابعين : الماء لا ينجسه شيء ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن يزيد الرشك ، عن معاذ ، عن عائشة : الماء لا ينجسه شيء ، وعن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود مثله ، وروى nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن حماد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير في ماء الحمام يغتسل فيه الجنب وغير الطاهر ، قال : الماء لا ينجسه شيء ، nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن الغدر التي في الطرق تلغ فيها الكلاب وتبول فيها الدواب أيتوضأ منها ؟ فقال : الماء طهور لا ينجسه شيء .
قال أبو عمر : هذا يدل على أن ما روي عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في سؤر الهر أنه كرهه لم يكن إلا لشيء ظهر في الماء ، والله أعلم ، ومعنى قوله فيما بالت فيه الدواب من الماء أنه طهور ، محمول على أن البول لم يظهر في الماء منه طعم ولا لون ولا ريح .
أخبرنا يوسف بن محمد ، ومحمد بن إبراهيم قالا : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14907جعفر بن محمد الفريابي قال : [ ص: 335 ] حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15863دحيم قال : حدثنا الوليد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، في الغدير تقع فيه الدابة فتموت ، قال : الماء طهور ما لم تنجس الميتة طعمه أو ريحه .
وأما ما ذهب إليه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي من حديث القلتين ، فمذهب ضعيف من جهة النظر ، غير ثابت في الأثر ; لأنه حديث قد تكلم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل ، ولأن القلتين لم يوقف على حقيقة مبلغهما في أثر ثابت ولا إجماع ، ولو كان ذلك حدا لازما لوجب على العلماء البحث عنه ليقفوا على حد ما حرمه رسول الله - صلى الله عليه - وما أحله من الماء ، لأنه من أصل دينهم وفرضهم ، ولو كان ذلك كذلك ما ضيعوه ، فلقد بحثوا عما هو أدق من ذلك وألطف ، ومحال في العقول أن يكون ماءان أحدهما يزيد على الآخر بقدح أو رطل والنجاسة غير قائمة ولا موجودة في واحد منهما ، أحدهما نجس ، والآخر طاهر ، وكذلك كل من قال بأن قليل الماء يفسده قليل النجاسة دون كثيره وإن لم تظهر فيه ولم تغير شيئا منه وجد في ذلك الماء المستجد بغير أثر يشهد له - فقوله مدفوع بما ذكرنا من الآثار المرفوعة في هذا الباب وأقاويل علماء أهل الحجاز فيه .
وأما ما ذهب إليه المصريون من أصحاب مالك في أن قليل الماء يفسد بقليل النجاسة من غير حد حدوه في ذلك ، وما قالوه من أجوبة مسائلهم في البئر تقع فيها الميتة من استحباب نزح بعضها وتطهير ما مسه ماؤها ، وفي إناء الوضوء يسقط فيه مثل رءوس الإبر من البول ، وفي سؤر النصراني والمخمور ، وسؤر الدجاجة المخلاة ، وغير ذلك من مسائلهم في هذا الباب - فذلك كله على التنزه والاستحباب ، هكذا ذكره nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق ، وهو الصواب عندنا ، وبالله توفيقنا .
[ ص: 336 ] حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا الجوطي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية قال : قلت nindex.php?page=showalam&ids=13760للأوزاعي جب كان يعصر فيه العصير ، فلما فرغوا بقيت في أسفله بقية فصارت خمرا ثم جاءت الأمطار فملأت الجب ، ما تقول في الوضوء منه ؟ قال : تجد له طعما أو ريحا ؟ قلت : لا ، قال : لا بأس بالوضوء منه .
وكذلك الطير كله لا بأس بسؤره إلا أن يكون في فمه أذى يغير الماء اعتبارا بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهر وفي الماء أنه لا ينجسه إلا ما ظهر فيه من النجاسة .
وقد روى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يغسل شيء من أثرها ولا يرش ، وهذا يدل على أنه ليس في حي نجاسة ، والله أعلم .
وإنما النجاسة في الميتة ، وفيما ثبتت معرفته عند الناس من النجاسات المجتمع عليها والتي قامت الدلائل بنجاستها كالبول والغائط والمذي والخمر .
[ ص: 337 ] وقد يكون من الميتة ما ليس بنجس ، وهو كل شيء ليس له دم سائل ، مثل بنات وردان والزنبور والعقرب والجعلان والصرار والخنفساء ، وما أشبه ذلك ، والأصل في ذلك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذباب .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم قال : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15397أحمد بن شعيب قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14923عمرو بن علي قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب قال : حدثنا سعيد بن خالد ، عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، عن النبي - صلى الله عليه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010276إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليمقله وأخبرنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12757ابن السكن قال : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري قال : حدثنا قتيبة قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12430إسماعيل بن جعفر ، عن عقبة بن مسلم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16529عبيد بن حنين مولى بني زريق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010277إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء .
وروي هذا الحديث من وجوه كثيرة عن أبي سعيد nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ، كلها ثابتة ، ومعلوم أن الذباب إذا غمس في الطعام الحار أو البارد أن الأغلب عليه مع ضعف خلقه الموت ، فلو كان موته في الماء والطعام يفسده لم يأمر رسول الله - صلى الله عليه - بغمسه فيه ، وإذا لم ينجس الطعام بموته فليس بنجس على حال البتة .
وكره أكل ذلك جماعة من أهل العلم ، وقالوا : لا يؤكل شيء من ذلك لأنه ليس له حلق ولبة فيذكى ، ولا هو من صيد الماء فيحل بغير الذكاة ، واحتجوا بقول رسول الله - صلى الله عليه - في الذباب nindex.php?page=hadith&LINKID=1010278فليغمسه ثم ليطرحه قالوا : ولو كان أكله مباحا لم يأمر بطرحه .
وأما القملة والبرغوث ، فأكثر أصحابنا يقولون : لا يؤكل طعام ماتت فيه قملة أو برغوث ; لأنهما نجسان ، وهما من الحيوان الذي عيشه من دم الحيوان ، لا عيش لهما غير الدم ، فهما نجسان وهما دم .
وكان سليمان بن سالم القاضي الكندي من أهل أفريقية ، يقول : إن ماتت القملة في الماء طرح ولم يشرب ، وإن وقعت في الدقيق ولم تخرج في الغربال لم يؤكل الخبز ، وإن ماتت في شيء جامد طرحت وما حولها كالفأرة .
وقال غيره من أصحابنا وغيرهم : إن القملة كالذباب سواء ، فأما الماء فالأصل فيه عندنا ما ذكرنا وأوضحنا في هذا الباب ، وقد علم أن الذباب يعيش من الدم ، ويتناول من الأقذار ما لا تتناول القملة ، وفيه من الدم مثل ما في القملة أو أكثر ، وقد حكم فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما تقدم ذكرنا له .
وهذا ما لم يكن فيه دم ; لأن الحديث إنما يدل على أن النجس من الحيوان ما له دم سائل ، وكذلك قال إبراهيم : ما ليس له نفس سائلة فليس بنجس . يعني بالنفس : الدم .