هذا أصح حديث يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب لا يختلف أهل العلم بالحديث في ذلك ، والمجن الترس والدرق وذلك معروف يستغني عن التفسير ، والذي عول عليه مالك وجعله أصلا يرد إليه قيمة العروض المسروقة كلها في هذا الباب هو هذا الحديث فمن سرق شيئا من الأشياء التي يحل تملكها إذا كان لها مالك وكانت في حرز فسرق السارق شيئا منها وأخرجه عن حرزه وبان به وبلغ في قيمته عند التقويم في حين السرقة ثلاثة دراهم كيلا من ورق طيبة لا دلسة فيها وجب قطع يد السارق لذلك كان حرا أو [ ص: 376 ] عبدا شريفا كان أو وضيعا إذا كان بالغا مكلفا تجري عليه الفرائض ، والحدود ، ولم يكن عبدا سرق من مال سيده ، ولا خائنا فيما اؤتمن عليه ، وإن نقصت قيمة المسروق عن ثلاثة دراهم لم يجب قطعه وكان عليه الغرم ، وإن رأى الحاكم باجتهاده أن يؤدبه بالدرة ، أو بالسوط ضربا غير مبرح أدبه كذلك ، فإن كان المسروق ذهبا عينا ، أو تبرا مصوغا أو غير مصوغ لم ينظر فيه إلى قيمة الثلاثة دراهم وروعي فيه ربع دينار واعتبر ذلك ، فإن بلغ ربع دينار وزنا قطع يد سارقه على الشروط التي وصفنا ، وإن كان المسروق فضة اعتبر فيه وزن الثلاثة دراهم المذكورة ، فإن بلغ ذلك الوزن ، ففيه القطع وما عدا الذهب ، والورق فالاعتبار في تقويمه عند مالك ، وأصحابه لثلاثة دراهم المذكورة دون مراعاة ربع دينار ، فقف على هذا وافهمه . وبهذا كله قال nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في الذهب والفضة وتقويم العروض كقول مالك سواء لا يخالف في شيء من ذلك ؛ قال أحمد إن سرق من الذهب ربع دينار فصاعدا قطعت يده ، وإن سرق من الدراهم ثلاثة دراهم فصاعدا قطعت يده ، وإن سرق عرضا ، قوم ، فإن بلغت قيمته ثلاثة دراهم قطعت يده ، وهذا وقول مالك سواء .
والحجة لمن ذهب هذا المذهب حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المذكور في هذا الباب وقرأت على nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، وسعيد بن نصر أن nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثهم [ ص: 377 ] قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16434عبد الله بن روح المديني ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون قال : أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن رجلا سرق جحفة فأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بها فقومت بثلاثة دراهم فقطعه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرنا إسماعيل بن أمية أن نافعا حدثه أن عبد الله بن عمر حدثهم nindex.php?page=hadith&LINKID=1014159أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد رجل سرق ترسا من صنعة النساء ثمنه ثلاثة دراهم ، وقال أيوب ، وعبيد الله ، ( وعبد الله ) ابنا عمر nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد ، وغيرهم ، عن نافع ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1014157أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم كما قال مالك : والمعنى كله واحد لم يختلف فيه ؛ لأن الترس والحجفة والمجن شيء واحد , وهي أسماء مختلفة لمعنى واحد .
وأما حديث الربع دينار فحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14171الحميدي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، قال : حدثنا أربعة عن عمرة ، عن عائشة لم يرفعوه : عبد الله [ ص: 378 ] بن أبي بكر ورزيق بن حكيم الأيلي ، nindex.php?page=showalam&ids=16506وعبد ربه بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى بن سعيد إلا أن في حديث يحيى ما دل على الرفع لقوله - صلى الله عليه وسلم - ما نسيت ، ولا طال علي القطع في ربع دينار فصاعدا . قال : وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وكان أحفظهم قال : أخبرتني عمرة ، عن عائشة أنها سمعتها تقول nindex.php?page=hadith&LINKID=1014160إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقطع في ربع دينار فرفعه nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري وهو أحفظهم .
قال أبو عمر : رفع هذا الحديث صحيح من رواية nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، وغيره ، وسنذكر الإشارة في باب nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد من هذا الكتاب إن شاء الله . وهو حديث مدني ثابت لا مدفع فيه أيضا ، ولا مطعن لأحد ، وعليه عول مالك وأهل المدينة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وفقهاء وجماعة أصحاب الحديث فيمن سرق ربع دينار ذهبا أنه يقطع لكن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي جعل هذا الحديث أصلا رد إليه تقويم العروض فمن سرق عنده من ذهب تبرا و عين ربع دينار على ما ذكرنا [ ص: 379 ] من شروط السرقة وجب عليه القطع ، ومن سرق فضة وزن ثلاثة دراهم كيلا فعليه أيضا القطع إذا كانت ربع دينار ، لأن الثلاثة دراهم التي قوم بها المجن في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وقوم بها عثمان إلا تريجة كانت عندهم في ذلك الوقت من صرف اثني عشر درهما بدينار ، ومن سرق عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي شيئا من العروض قوم بالربع دينار لا بالثلاثة دراهم على غلاء الذهب ورخصه ، فإن بلغ العرض المسروق ربع دينار بالتقويم قطع سارقه وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وجماعة من التابعين ، وقال داود بن علي لا تقطع اليد في أقل من ربع دينار عينا من الذهب ، أو قيمة ذلك من كل شيء . قال : وحديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في تقويم المجن بثلاثة دراهم إنما كان ذلك ، لأن الثلاثة دراهم كانت يومئذ قيمة ربع دينار ، لأن الدية كانت تقوم اثني عشر ألف درهم بدينار قال : فليس في حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر خلاف لحديث عائشة في الربع دينار ولو خالفه كانت الحجة فيما روته عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014161القطع في ربع دينار ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فليس فيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : اقطعوا اليد في ثلاثة دراهم . وإنما ذلك من قول nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن قيمة المجن [ ص: 380 ] كانت ثلاثة دراهم يومئذ فاحتمل ما ذكرنا على أنه قد خالفه غيره في ذلك ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ومحمد لا يقطع اليد إلا في عشرة دراهم يعني كيلا ، أو دينار ذهبا عينا أو وزنا ، ولا يقطع حتى يخرج بالمتاع من ملك الرجل . وحجة من ذهب هذا المذهب ما حدثناه nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12562ابن إدريس ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1014162قيمة المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم . وحدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا قاسم ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا يوسف قال nindex.php?page=showalam&ids=12562ابن إدريس ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قوم : المجن الذي قطع فيه النبي عليه السلام عشرة دراهم وحدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر وأحمد بن محمد قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17284وهب بن مسرة ، nindex.php?page=showalam&ids=16802وقاسم بن أصبغ قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير ، وعبد الأعلى قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12349أيوب بن موسى ، عن عطاء ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان ثمن المجن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة دراهم . [ ص: 381 ] قال أبو عمر : اختلفت الآثار في ثمن المجن فروى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ما وصفنا . وروى nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما ذكرنا ، وكذلك روى nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، وقد روي أن ثمنه كان دينارا ، أو عشرة دراهم هكذا ، وروي أن ثمنه كان ثلاثة دراهم أو خمسة دراهم . رواه سعيد ، عن قتادة ، عن أنس مرفوعا ، وخالف nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة سعيدا فرواه ، عن قتادة قال : سمعت أنسا يقول : سرق رجل مجنا على عهد أبي بكر فقوم خمسة دراهم فقطع ، وهذا عند أهل الحديث أولى من حديث سعيد ، وليس في شيء من هذه الأسانيد التي وردت بذكر المجن أصح من إسناد حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عند أهل العلم بالنقل ، وكان nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى يقولان تقطع اليد في خمسة دراهم فصاعدا ذهبا إلى حديث يرويه nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن عيسى بن أبي عزة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=1014163أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في قيمة خمسة دراهم ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي لم يسمع من nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وهذا الحديث عندهم ضعيف ، وقد اختلف في حديث أنس كما ذكرنا ، وإنما مال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله في التقويم إلى حديث الربع دينار ، لأنه حديث مدني صحيح رواه جماعة الأئمة بالمدينة وترك حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لما رآه - والله أعلم - من اختلاف الصحابة في المجن الذي قطع فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول : ثلاثة دراهم ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو يقولان : عشرة دراهم ، وغيرهم يقول : ما وصفنا . وحديث عائشة في الربع [ ص: 382 ] دينار حديث صحيح ثابت لم يختلف فيه عن عائشة إلا أن بعضهم وقفه ، ورفعه من يجب العمل بقوله لحفظه وعدالته ، حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، قال : حدثنا سليمان بن داود ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن عمرة ، عن عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=1014164أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقطع في ربع دينار ، وكذلك رواه معمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16008وابن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=17423ويونس بن يزيد ، وابن مسافر ، وسائر أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب متصلا مرفوعا وحسبك nindex.php?page=showalam&ids=12300بابن شهاب ، وقد ذكرنا الآثار عنه وعن غيره في ذلك عند ذكر nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن عمرة من كتابنا هذا ، والحمد لله .
والقطع في السرقة من مفصل الكوع تقطع يده اليمنى في أول سرقته وتحسم بالنار إن خشي عليه التلف ، ثم إن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى من المفصل تحت الكعبين ثم إن عاد فسرق قطعت رجله اليسرى من المفصل تحت الكعبين ثم إن عاد فسرق قطعت يده اليسرى ثم إن عاد ضرب عشرة [ ص: 383 ] أسواط ، أو أقل على قدر ما يراه الحاكم اجتهادا لذنبه وردعا للساق ثم حبسه ، وعلى هذا الترتيب في قطع اليد ثم الرجل ثم اليد ثم الرجل على ما وصفنا - مذهب جماعة فقهاء الأمصار أهل الفقه ، والأثر وهو عمل الصحابة ، والتابعين بالمدينة ، وغيرها ، وشذ قوم ، عن الجمهور فلم يروا قطع رجل السارق ، ولم نعده خلافا فتركناهم . روي ذلك عن ربيعة وبه قال أصحاب داود وأجمع الفقهاء على أن السرقة إذا وجدها صاحبها بعينها بيد السارق قبل أن يقطع ، أو بعد ذلك كله أخذها ، وإنها ماله لا يزيل ملكها عنه قطع يد السارق ، واختلفوا في وجوب الغرم على السارق إذا قطع وفاتت السرقة عنده فقال : nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وسائر الكوفيين إذا قطع السارق فلا غرم عليه وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وحجة من ذهب هذا المذهب حديث المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، وبعضهم يرويه عن المسور ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا أقيم على السارق الحد فلا غرم عليه .
قال أبو عمر : هذا حديث ليس بالقوي ، ولا تقوم به حجة ، وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : القياس أن عليه غرم ما استهلك ولكن تركنا ذلك اتباعا للأثر في ذلك يعني الحديث الذي ذكرنا ، عن nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف . [ ص: 384 ] قال أبو عمر : ترك القياس لضعف جائز ، لأن الضعف لا يوجب حكما ، وقال مالك وأصحابه إن كان موسرا غرم ، وإن كان معسرا لم يتبع به دينا ، ولم يكن عليه شيء ، ويروى مثل ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحابه nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور وداود وهو قول الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : يغرم السارق قيمة السرقة موسرا كان أو معسرا ، وتكون دينا عليه متى أيسر أداه ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : أغرم السارق ما سرق قطع أو لم يقطع ، وكذلك إذا قطع الطريق قال : الحمد لله عز وجل فلا يسقط حد الله غرم ما أتلف للعباد .