1029 [ ص: 61 ] حديث رابع لثور بن زيد مرسل شركه فيه حميد بن قيس مالك عن حميد بن قيس وثور بن زيد أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس ، فقال : ما بال هذا ؟ ، قالوا : نذر ألا يتكلم ، ولا يستظل ، ولا يجلس ويصوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه ، قال مالك : ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه أمره بكفارة ، وقد أمره أن يتم ما كان لله طاعة ، وأن يترك ما كان لله معصية .
قال أبو عمر : هذا الحديث يتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه ، منها حديث جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه ، ومن حديث nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن أبي إسرائيل رجل من أصحاب النبي عليه [ ص: 62 ] السلام وأظن - والله أعلم - أن حديث جابر هو هذا ; لأن مجاهدا رواه ، عن جابر وحميد بن قيس صاحب nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
وقد جاء عن مالك في هذا الباب مسألة ذكرها في موطئه في الرجل يقول للرجل : أنا أحملك إلى بيت الله ، قال : إن نوى أن يحمله على رقبته يريد بذلك المشقة ، فليس ذلك عليه وليمش على رجليه وليهد ، وإن لم يكن نوى شيئا من ذلك فليحج وليركب وليحج به معه إن أطاعه ، وإن أبى ، فلا شيء عليه . وقد أنكر قوم على مالك إيجاب الهدي في هذه المسألة على الذي نوى أن يحمله على رقبته ، وقالوا : ليس هذا أصله فيمن ترك الوفاء بما لا طاعة فيه من نذره أن يكفر بهدي ، أو غيره ; لأن حمله على رقبته ليس لله فيه طاعة ، وهو يشبه نذر الذي نذر أن لا يتكلم ، ولا يستظل .
وقد سئل nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل القاضي عن هذا ، فقال : لو قدر أن يحمله لكان طاعة ، قال : ومن هنا وجب عليه الهدي عند مالك ولم يجعله كالمستظل والمتكلم بعد نذره أن لا يستظل ، ولا يتكلم .
حدثني أحمد بن محمد بن أحمد قال : أخبرنا أحمد بن الفضل الخفاف قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16949محمد بن حميد ، قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13655سلمة بن الفضل ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن أبان بن صالح عن nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : كان أبو إسرائيل رجلا من بني فهر فنذر ليقومن في الشمس حتى يصلي النبي عليه السلام الجمعة وليصومن ذلك اليوم فرآه النبي عليه السلام ، فقال : ما شأنه ؟ فأخبروه فأمره أن يجلس ويستظل ويصوم ، ولم يأمره بكفارة ، وهذا الحديث يدل على أن كل ما ليس لله بطاعة حكمه حكم المعصية في أنه لا يلزم الوفاء ، ولا الكفارة عنه ، فإن ظن ظان أن إيجاب الكفارة بالهدي ، أو غيره احتياط ، قيل له : لا مدخل للاحتياط في إيجاب شيء لم يوجبه الله في ذمة بريئة ، بل الاحتياط الكف عن إيجاب ما لم يأذن الله بإيجابه ، وفي هذا الحديث أيضا دليل على فساد قول من قال : إن من نذر معصية كان [ ص: 64 ] عليه مع تركها كفارة يمين ، فإن احتج محتج بحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين وحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة جميعا ، عن النبي عليه السلام أنه قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1010382لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين ، قيل : له هذان حديثان مضطربان ، لا أصل لهما عند أهل الحديث ; لأن حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إنما يدور على سليمان بن أرقم وسليمان بن أرقم متروك الحديث ، وحديث nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يدور على زهير بن محمد عن أبيه ، وأبوه مجهول لم يرو عنه غير ابنه زهير وزهير أيضا عنده مناكير ، وقد بينا العلة في هذين الحديثين في باب طلحة بن عبد الملك من كتابنا هذا ، ويدل هذا الحديث أيضا على صحة قول من ذهب إلى أن من نذر أن ينحر ابنه أنه لا شيء عليه من كفارة ، ولا غيرها ، وقد قاله مالك على اختلاف عنه ، وهو الصحيح إن شاء الله ; لأنه لا معصية أعظم من إراقة دم امرئ مسلم بغير حق ، ولا معنى لإيجاب كفارة يمين على من نذر ذلك ، ولا للاعتبار في ذلك بكفارة الظهار في قول المنكر والزور ; لأن الظهار ليس بنذر والمنذر في المعصية قد جاء فيه نص عن النبي صلى الله عليه قولا وعملا ، فأما العمل فهو ما في حديث جابر هذا . وأما القول فحديث عائشة ، عن النبي عليه السلام أنه قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله ، فلا يعصه ، وقد ذكرنا في كتابنا هذا في باب طلحة بن عبد الملك . [ ص: 65 ]