صفحة جزء
5070 - وعن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الحياء لا يأتي إلا بخير " . وفي رواية : " الحياء خير كله " . متفق عليه .


5070 - ( وعن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحياء لا يأتي إلا بخير ) أي : لا يغري الإنسان إلا بخير . والحياء تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به ويذم ، ذكره الطيبي . وقال النووي : قد يشكل على بعض الناس هذا الحديث من حيث إن صاحب الحياء قد يستحي أن يواجه بالحق من يجله ويعظمه ، فيترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، وقد يحمله الحياء على الإخلال ببعض الحقوق وغير ذلك ما هو معروف في العادة ، والجواب ما أجاب عنه جماعة من العلماء منهم : الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أن هذا المانع الذي ذكرناه ليس حياء حقيقة ، بل هو عجز وخور ، وتسميته حياء ، بحسب اللغة ، وإنما حقيقة الحياء في اصطلاح أهل الشرع خلق يبعث على ترك القبيح ، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق يدل عليه ما روى الإمام أبو القاسم القشيري عن السيد الجليل أبي القاسم الجنيد . قال : الحياء رؤية الآلاء ، ورؤية التقصير فيتولد بينهما حالة تسمى الحياء . قال القاضي عياض وغيره : إنما جعل الحياء من الإيمان ; لأنه قد يكون تخلقا واكتسابا كسائر أعمال البر ، وقد يكون غريزة ، ولكن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى اكتساب ونية وعلم ، وهذا المعني بقوله صلى الله عليه وسلم : ( الحياء من الإيمان ) . قال الطيبي : ويمكن أن يحمل التعريف فيه على العهد ، ويكون إشارة إلى ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : " الاستحياء من الله أن يحفظ الرأس وما وعى والبطن وما حوى " الحديث اهـ . وهو معنى حسن وقيد مستحسن يزول به الإشكال السابق ، وبيانه أن الحياء من الله هو الذي خير كله ، وهو الذي لا يأتي إلا بخير ، وهو الذي لا ينفك عن الإيمان ، وأما الحياء من الخلق فالغالب فيه أيضا أن يكون محمودا ، فالحصر ادعائي أو كله محمود إلا إذا عارضه ترك الحياء من الله ، فيترك جانبه من أداء الحقوق ويراعي جانب المخلوق ، فحينئذ يستحق ذلك الحياء أن لا يسمى حياء فالحياء كله خير والله أعلم . ( وفي رواية ) أي : لهما على ما هو ظاهر لكن في الجامع أسندها إلى مسلم وأبي داود ( الحياء خير كله ) : قيل عام أريد به الخاص أي : الحياء عن فعل ما لا يرضاه الله سبحانه ( متفق عليه ) : وفي رواية الطبراني عن قرة : الحياء هو الدين كله .

التالي السابق


الخدمات العلمية