5144 - وعنه أبي ثعلبة - رضي الله عنه - nindex.php?page=hadith&LINKID=10365992في قوله تعالى : عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم . فقال : أما والله لقد سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " بل ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، ورأيت أمرا لا بد لك منه فعليك نفسك ، ودع أمر العوام ، فإن وراءكم أيام الصبر ، فمن صبر فيهن قبض على الجمر ، للعامل فيهن أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله " . قالوا : يا رسول الله ! أجر خمسين منهم ؟ قال : أجر خمسين منكم " . رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه .
5144 - ( وعن أبي ثعلبة ) أي : ابن جرهم بن ثابت الخشني ، بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - بيعة الرضوان ، وأرسله إلى قومه فأسلموا ، ونزل بالشام ، ومات بها سنة خمس وخمسين . ( في قوله تعالى : عليكم أنفسكم ) : قال البيضاوي - رحمه الله - أي : احفظوها والزموا إصلاحها ، والجار مع المجرور جعل اسما للزموا ، ولذلك نصب ( أنفسكم ) ، وقرئ بالرفع على الابتداء لا يضركم من ضل إذا اهتديتم أي : لا يضركم الضلال إذا كنتم مهتدين ، ومن الاهتداء أن ينكر المنكر حسب طاقته على ما سبق من الحديث . ولا يضركم يحتمل الرفع على أنه مستأنف ، ويؤيده أن قرئ لا يضركم بالجزم على الجواب أي : للأمر أو على النهي ، لكنه ضمت الراء اتباعا لضمة الضاد المنقولة إليها من الراء المدغمة ، ويؤيده قراءة من قرأ لا يضركم بالفتح ولا يضركم بكسر الضاد وضمها أي : مع سكون الراء من ضاره يضيره ويضوره . قال الطيبي رحمه الله : يقول الراوي : سئل أبو ثعلبة في شأن قوله تعالى : عليكم أنفسكم ( فقال ) أي : أبو ثعلبة ( أما ) : بتخفيض الميم للتنبيه ( والله لقد سألت عنها ) أي : عن الآية ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : بل ائتمروا ) أي : امتثلوا ( بالمعروف ) أي : ومنه الأمر به ( وتناهوا ) أي : انتهوا واجتنبوا ( المنكر ) : ومنه الامتناع عن نهيه أو الائتمار بمعنى التأمر كالاختصام بمعنى التخاصم ، ويؤيده التناهي ، والمعنى ليأمر بعضكم بعضا بالمعروف ، وتنه طائفة منكم طائفة عن المنكر . وقال الطيبي رحمه الله : قوله : بل ائتمروا إضراب عن مقدر أي : سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلت : أما نترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بناء على ظاهر الآية ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10365993لا تتركوا ، بل ائتمروا بالمعروف إلخ . اهـ .
والمعنى كونوا قائمين بهما على وجه كمالهما ، ( حتى إذا رأيت ) أي : أيها المخاطب خطابا عاما ونكتة الإفراد انفراد المستقيم ، واجتماع العامة على العدول عن الطريق القويم ، والمعنى إذا علمت الغالب على [ ص: 3215 ] الناس ( شحا مطاعا ) : أو إذا عرفت شحا أي : بخلا مطاعا بأن أطاعته نفسك وطاوعه غيرك ( وهوى متبعا ) : بصيغة المفعول أي : وهوى للنفس متبوعا ، وطريق الهدى مدفوعا ، وحاصله أن كلا يتبع هواه وما تأمره نفسه الأمارة وما تتمناه ( ودنيا ) : بالقصر ، وفي نسخة بالتنوين وهي عبارة عن المال والجاه في الدار الدنية ( مؤثرة ) أي : مختارة على أمور الدين ودرجات الآخرة ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10365994وإعجاب كل ذي رأي برأيه ) أي : من غير نظر إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة ، والقياس على أقوى الأدلة وترك الاقتداء بنحو الأئمة الأربعة ، والإعجاب بكسر الهمز هو وجدان الشيء حسنا ، ورؤيته مستحسنا بحيث يصير صاحبه به معجبا ، وعن قبول كلام الغير مجنبا وإن كان قبيحا في نفس الأمر ، ( ورأيت أمرا لا بد لك منه ) : بضم الموحدة وتشديد المهملة في جميع النسخ المصححة والأصول المعتمدة . وقال الطيبي رحمه الله : يحتمل أن يكون بالباء الموحدة بمعنى لا فراق لك منه ، والمعنى رأيت أمرا يميل إليه هواك ونفسك من الصفات الذميمة ، حتى إذا قمت بين الناس لا محالة أن تقع فيها ( فعليك نفسك ) : واعتزل عن الناس حذرا من الوقوع ، وأن يكون بالياء المثناة كما في بعض نسخ المصابيح ، والمعنى ، فإن رأيت أمرا لا طاقة لك من دفعه فعليك نفسك اهـ . ونفسك منصوب ، وقيل مرفوع أي : فالواجب أو فيجب عليك حفظها من المعاصي ، لكن يؤيد الأول وهو أن يكون للإغراء بمعنى الزم خاصة نفسك . قوله : ( ودع أمر العوام ) أي : واترك أمر عامة الناس الخارجين عن طريق الخواص ، وحاصله أنه إذا رأيت بعض الناس يعملون المعاصي ، ولا بد لك من السكوت لعجزك فاحفظ نفسك عن المعاصي ، واترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واشتغل بنفسك ، ودع أمر الناس إلى الله ، فإنه تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ( فإن وراءكم ) أي : قدامكم من الأزمان الآتية ، أو خلفكم من الأمور الهاوية ( أيام الصبر ) أي : أياما لا طريق لكم فيها إلا الصبر ، أو أياما يحمد فيها الصبر وهو الحبس على خلاف النفس من اختيار العزلة وترك الخلطة والخلوة ، ( فمن صبر فيهن ) أي : في تلك الأيام ( قبض على الجمر ) : يرى يلحقه المشقة بالصبر كمشقة الصابر على قبض الجمر بيده ، وقد أشار إليه الشاطبي بقوله :
وهذا زمان الصبر من لك بالتي كقبص على جمر فتنجو من البلا
( للعامل ) أي : الكامل ، ولو لم يكن مكملا لغيره . ( أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله ) أي : في غير زمانه ( قالوا : يا رسول الله ! أجر خمسين ) : بتقدير الاستفهام ( منهم ) : فيه تأويلان أحدها : أن يكون أجر كل واحد منهم على تقدير أنه غير مبتلى ولم يضاعف أجره ، وثانيهما : أن يراد أجر خمسين منهم أجمعين لم يبتلوا ببلائه ( قال : " أجر خمسين منكم " رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ) : وقد صححه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، ورواه ابن جرير ، والبغوي في معجمه ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وأبو الشيخ ، وابن مردويه ، والحاكم ، وصححه ، والبيهقي في الشعب عن أبي أمية الشعباني قال : أتيت nindex.php?page=showalam&ids=1500أبا ثعلبة الخشني فقلت له : كيف تصنع في هذه الآية ؟ قال : أي آية ؟ قلت : قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم قال : أما والله لقد سألت عنها خبيرا ، سألت عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث إلى أن قال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10365995فإن من ورائكم أيام الصبر ، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم " . وقد ذكر البغوي في تفسيره بإسناده إلى ابن المبارك ، عن عتبة بن أبي حكيم ، كما في أصل المشكاة إلى قوله : مثل عمله ، ثم قال : وزاد في غيره ، قال : يا رسول الله ! أجر خمسين منهم ؟ قال : ( أجر خمسين منكم ) .