5187 - ( وعن سهل بن سعد قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ! دلني على عمل ) أي : جامع نافع في باب المحبة ( إذا أنا ) : للتأكيد ( عملته أحبني الله وأحبني الناس ) : بفتح ياء المتكلم ويسكن ( قال : " ازهد في الدنيا " ) أي : بترك حبها ، والإعراض عن زوائدها ، والإقبال على الآخرة وعوائدها ، ( " يحبك الله " ) أي : لعدم محبتك عدو الله تعالى ، وهو بفتح الموحدة المشددة للجزم على جواب الأمر ، وقيل مرفوع على الاستئناف ( " وازهد فيما عند الناس " ) أي : من المال والجاه ( " يحبك الناس " ) : لتركك محبوبهم ، وعدم المزاحمة على مطلوبهم وأنشد بعضهم :
وما الزهد إلا في انقطاع الخلائق وما الحق إلا في وجود الحقائق وما الحب إلا حب من كان قلبه عن الخلق مشغولا برب الخلائق
[ ص: 3247 ] وقيل : الزهد عبارة عن عزوب النفس عن الدنيا مع القدرة عليها لأجل الآخرة خوفا من النار ، أو طمعا في الجنة أو ترفعا عن الالتفات إلى ما سوى الحق ، ولا يكون ذلك إلا بعد شرح الصدر بنور اليقين ، ولا يتصور الزهد ممن ليس له مال ولا جاه ، وقيل لابن المبارك رحمه الله : يا زاهد ! قال : الزاهد nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إذ جاءته الدنيا راغمة فتركها ، وأما أنا ففيم زهدت ؟ قلت : هذا بيان كمال الزهد ، وإلا فأصل الزهد هو عدم الميل إلى الشيء ، وهو في الحقيقة لا يحصل إلا بجذبة إلهية تصرف السالك عن الأمور الفانية ، وتشغل بالأحوال الفانية ، وغايته أن النفس مدعية للزهد ، ولا يظهر صدقها من كذبها إلا عند القدرة على الدنيا وجودها ، وأما عند فقدها فالأمر دائر بين أحد الاحتمالين والله تعالى أعلم . وثمرته القناعة من الدنيا بقدر الضرورة من زاد الطريق ، وهو مطعم يدفع الجوع ، وملبس يستر عورته ، ومسكن يصونه عن الحر والبرد ، وأثاث يحتاج إليه كما سبق في الحديث المتقدم . وفي المنازل ما حاصله : أن الزهد إسقاط الرغبة في الشيء عنه بالكلفة ، وهو على ثلاث مراتب : الزهد في الشبهة بالحذر عن معتبة الحق عليه ، ثم الزهد فيما زاد على البلاغ من القوت باغتنام التفرع إلى عمارة الوقت بالاشتغال بالمراقبة ، ثم الزهد والزهد باستحقار ما زهدت فيه بالنسبة إلى عظمة الرب ، واستواء الزهد وعدمه عنده ، والذهاب عند اكتساب أجر بتركها ناظرا بعين الحقيقة إلى وحدانية الفاعل الحق ، فيشاهد تصرف الله في العطاء والمنع والأخذ والترك . قال الطيبي رحمه الله : وفيه دليل على أن الزهد أعلى المقامات وأفضلها ، لأنه جعله سببا لمحبة الله تعالى ، وأن محب الدنيا متعرض لبغض الله سبحانه . ( رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ) .
قال ميرك : أظن أن ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وقع سهوا من نساخ الكتاب أو من صاحبه ، فإن الحافظ المنذري ، والإمام النووي ، والشيخ الجزري رحمهم الله تعالى قالوا كلهم : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه فقط فتأمل . قلت : ذكر النووي في أربعينه أنه حديث حسن رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه وغيره . اه . لكن nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي غير مذكور في الأصول ، ويؤيده أنه ذكر في الجامع من قوله : ازهد في الدنيا إلخ . وقال : رواه nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، والطبراني ، والحاكم ، والبيهقي عن سهل بن سعد . نعم في حديث رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ، nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن أبي ذر مرفوعا : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366096الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال ولا إضاعة المال ، ولكن الزهادة في الدنيا أن لا تكون بما في يديك أوثق منك في يد الله تعالى ، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أنت أصبت بها أرغب منك فيها لو أنها أبقيت لك " . وفي حديث رواه أحمد في الزهد ، والبيهقي عن طاوس مرسلا : الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن ، والرغبة في الدنيا تطيل الهم والحزن . رواه القضاعي ، عن ابن عمر مرفوعا ولفظه : يكثر بدل يطيل ورواه الطبراني في الأوسط ، وابن عدي والبيهقي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا . والبيهقي عن عمر موقوفا : تشعب القلب والبدن .