5249 - ( وعن عبد الله بن عمرو ) : بالواو ( قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : " nindex.php?page=hadith&LINKID=10366208الدنيا سجن المؤمن " ) أي : حبسه وعذابه بالنسبة إلى ما أعد الله له في الآخرة من نعيمه وثوابه ( " وسنته " ) ، بفتحتين أي : قحطه وشدة معيشته ، ولذا روي : لا يخلو المؤمن من قلة أو علة أو ذلة ، وقد يجتمع للمؤمن الكامل جميع ذلك . قال الطيبي رحمه الله : السنة من الأسماء الغالبة للقحط ، وقال ابن عطاء : ما دمت في هذه الدار لا تستغرب وقوع الأكدار أي : بل استغرب خلاف ذلك إن وقع شيء هنالك . ( " وإذا فارق الدنيا " ) أي : المؤمن ( فارق السجن والسنة ) ولعل الجمع بينهما لدفع ما يتوهم أن السجن قد يكون فيه السعة ، كما قد يقع نادرا فدفع هذا الوهم بقوله ، والسنة فيكون زيادته من باب التذييل والتكميل ، وأطلق فيما سبق من الحديث الصحيح اعتمادا على غالب الأحوال ، مع أنه لا يخلو من ضيق مكان وبطء رزق وتشتت البال ، ولو قام بخدمته الرجال . ( رواه في " شرح السنة " ) : وقد أخرجه ابن المبارك والطبراني عنه . قال ميرك : رواه الحاكم في صحيحه ، لكن في سنده عبد الله بن أيوب المغافري انتهى . وقد سبق طرف هذا الحديث وبعض معانيه في أول الباب والله تعالى أعلم بالصواب .
قال الإمام الحافظ أبو القاسم الوراق إن قيل : كيف يكون معنى الحديث وقد نرى مؤمنا في عيشة رغد وكافرا في ضنك وقصر يد ؟ قلنا : الجواب من وجهين . أحدهما أن الدنيا كالجنة للكافر في جنب ما أعد الله له من العذاب في الآخرة ، وأنها كالسجن للمؤمن بالإضافة إلى ما وعده الله له من الثواب في الآخرة ونعيمها ، فالكافر يحب المقام فيها ويكره مفارقتها ، والمؤمن يتشوف الخروج منها ويطلب الخلاص من آفاتها كالمسجون الذي يريد أن يخلى سبيله . الثاني : أن يكون هذا صفة المؤمن المستكمل الإيمان الذي قد غرق نفسه عن ملاذ الدنيا وشهواتها فصارت عليه بمنزلة السجن في الضيق والشدة ، وأما الكافر ، فقد أهمل نفسه وأمرحها في طلب اللذات وتناول الشهوات ، فصارت الدنيا كالجنة له في السعة والنعمة .