5320 - ( وعن أنس : أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قال : " من كانت نيته " ) أي : قصده الأصلي في الأمر العلمي والعملي ( " طلب الآخرة " ) أي : مرضاة مولاه ( " جعل الله غناه في قلبه " ) أي : جعله قانعا بالكاف والكفالة كيلا يتعب في طلب الزيادة ( " وجمع له شمله " ) أي : أموره المتفرقة بأن جعله مجموع الخاطر بتهيئة أسبابه من حيث لا يشعر به ( " وأتته الدنيا " ) أي : ما قدر وقسم له منها ( " وهي راغمة " ) أي : ذليلة حقيرة تابعة له ، لا يحتاج في طلبها إلى سعي كثير ، بل تأتيه هينة لينة ، على رغم أنفها وأنف أربابها ; ولذا قيل : العلم يعطي ولو يبطي ، ( " ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله الفقر " ) أي : جنس الاحتياج إلى الخلق ، كالأمر المحسوس منصوبا ( " بين عينيه وشتت " ) بتشديد التاء الأولى ، أي : فرق ( " عليه أمره ولا يأتيه منها " ) أي : من الدنيا ( " إلا ما كتب له " ) أي : وهو راغم فلا يأتيه ما يطلب من الزيادة ، على رغم أنفه وأنف أصحابه .
قال الطيبي - رحمه الله تعالى - : يقال جمع الله شمله أي : ما تشتت من أمره ، وفرق الله شمله أي : ما اجتمع من أمره ، فهو من الأضداد ، والحديث من باب التقابل والمطابقة ، فقوله : جعل الله غناه في قلبه ، مقابل لقوله : جعل الله الفقر بين عينيه ، وقوله : جمع الله شمله ، مقابل لقوله : وشتت عليه أمره ، وقوله : وأتته الدنيا وهي راغمة ، لقوله : ولا يأتيه منها إلا ما كتب له ، فيكون معنى الأول : وأتاه ما كتب له من الدنيا وهي راغمة ، ومعنى الثاني : وأتاه ما كتب له من الدنيا وهو راغم . ( رواه nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ) أي : عن أنس .