وهو لغة : القصد ، قال تعالى : ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وشرعا : قصد التراب ، أو ما يقوم مقامه على وجه مخصوص ، ولاعتبار القصد في مفهومه اللغوي وجبت النية فيه عندنا بخلاف أصليه من الوضوء والغسل ، وأيضا الغسل بالماء طهارة حسية ، فلا يشترط فيها النية إلا لخصوص الأجر والمثوبة بخلاف التيمم ، فإنه طهارة حكمية ، وفي الظاهر إنما هو غبرة صورية ، فاحتاج إلى النية ; ليصير بها كالطهارة الحقيقية ، ثم التيمم ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، واختلفوا في وقت فرضيته ومكانها وسببها ، وأجمعوا على انه مختص بالوجه واليدين ، وإن كان الحدث أكبر ، وهو من خصائص هذه الأمة إجماعا .
الفصل الأول
526 - ( عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضلنا " ) : بصيغة المجهول مشددا ( على الناس ) أي : فضلنا الله تعالى على جميع الأمم السالفة ( بثلاث ) أي : بثلاث خصال لم تكن لهم واحدة منها ; لأن الأمم السالفة كانوا يقفون في الصلاة كيفما اتفق ، ولم تجز لهم الصلاة إلا في الكنائس والبيع ، ولم يجز لهم التيمم ، وليس فيه انحصار خصوصيات هذه الأمة في الثلاث ; لأنه عليه الصلاة والسلام كان تنزل عليه خصائص أمته شيئا فشيئا ، فيخبر عن كل ما نزل عليه عند إنزاله مما يناسبه ( جعلت صفوفنا ) أي : وقوفنا في الصلاة ( كصفوف الملائكة ) قيل : في المعركة ، وقيل : في الصلاة ، وقيل : في الطاعة . قال تعالى حكاية عنهم : وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون ( وجعلت لنا الأرض كلها ) تأكيد ليشمل ما في حكمها من الجبال ( مسجدا ، وجعلت تربتها ) أي : تراب الأرض لنا طهورا ) أي : مطهرا ( إذا لم نجد الماء ) ومفهوم الحديث : أن غير التراب لا يكون طهورا ، وهو معتبر عندنا خلافا لغيرنا . ( رواه مسلم ) .