5510 - ( وعن جابر قال : سمعت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - يقول قبل أن يموت بشهر : " تسألوني " ) : بتشديد النون وتخفيفه على صيغة الخطاب للأصحاب ، وهمزة الإنكار مقدرة ، أي : أتسألون ( " عن الساعة " ) ؟ أي : القيامة وهي النفخة الأولى أو الثانية ( " وإنما علمها عند الله " ) أي : لا يعلمها إلا هو .
قال الطيبي - رحمه الله : حال مقررة لجهة الإشكال ، أنكر عليهم سؤالهم ، وأكده بقوله : وإنما علمها عند الله ، وقوله : ( " وأقسم بالله " ) : مقرر له يعني : تسألوني عن القيامة الكبرى وعلمها عند الله ، وما أعلمه هو
[ ص: 3498 ] القيامة الصغرى انتهى . وهو يؤيد تقسيمنا المتقدم في الساعة ( " ما على الأرض " ) : ما : نافية ، ومن في قوله ( " من نفس " ) : زائدة للاستغراق ، وقوله : ( منفوسة " ) صفة نفس ، وكذا ما يأتي ، والمعنى : ما من نفس مولودة اليوم ( " يأتي عليها مائة سنة وهي حية يومئذ " ) ، يقال : نفست المرأة غلاما بالكسر ، ونفست على البناء للمفعول إذا ولدت نفسا ، فهي نافس ونفساء ، والولد منفوس . قال الشاعر :
كما سقط المنفوس بين القوابل
قال الأشرف : معناه ما تبقى نفس مولودة اليوم مائة سنة ، أراد به موت الصحابة - رضي الله عنهم - وقال - صلى الله تعالى عليه وسلم - هذا على الغالب وإلا فقد عاش بعض الصحابة أكثر من مائة سنة انتهى . ومنهم : nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، وسلمان وغيرهما . والأظهر أن المعنى لا تعيش نفس مائة سنة بعد هذا القول ، كما يدل عليه الحديث الآتي ; فلا حاجة إلى اعتبار الغالب ، فلعل المولودين في ذلك الزمان انقرضوا قبل تمام المائة من زمان ورود الحديث ، ومما يؤيد هذا المعنى استدلال المحققين من المحدثين وغيرهم من المتكلمين على بطلان دعوى بابارتن الهندي وغيره ممن ادعى الصحبة ، وزعم أنه من المعمرين إلى المائتين والزيادة . بقي أن الحديث بظاهره يدل على عدم حياة الخضر وإلياس ، وقد قال البغوي - رحمه الله - في معالم التنزيل : أربعة من الأنبياء في الحياة ، اثنان في الأرض : الخضر وإلياس ، واثنان في السماء : عيسى وإدريس عليهم الصلاة والسلام ، فالحديث مخصوص بغيرهم ، أو المراد ما من نفس منفوسة من أمتي ، والنبي - عليه الصلاة والسلام - لا يكون من أمته نبي آخر ، وقيل : قيد الأرض يخرج الخضر وإلياس ; فإنهما كانا على البحر حينئذ ، والله تعالى أعلم . ( رواه مسلم ) .