بضم أوله ، وهو قرن ينفخ فيه ، والمراد به النفخة الثانية ، ففي النهاية هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل - عليه الصلاة والسلام - عند بعث الموتى إلى المحشر .
الفصل الأول
5521 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ما بين النفختين " ) أي : نفخة الصعق وهي الإماتة ، ونفخة النشور وهي الإحياء ( أربعون ) : أبهم في الحديث وبين في غيره أنه أربعون عاما ، ولعل اختيار الإبهام لما فيه من الإيهام ، ( قالوا : يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ! أربعون يوما ) ؟ باستفهام مقدر ( قال : أبيت ) أي : امتنعت عن الجواب لأني لا أدري ما هو الصواب ، أو عن السؤال من صاحب المقال ; فلا أدري ما الحال ، ( قالوا : أربعون شهرا ؟ قال : أبيت ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت ) ، قال : القاضي رحمه الله : أي لا أدري أن الأربعين الفاصل بين النفختين أي شيء أياما أو شهورا أو أعواما ، وأمتنع عن الكذب على الرسول - صلى الله تعالى عليه وسلم - والإخبار عما لا أعلم . ( قال ) : كذا في نسخة ، والظاهر أن ضميره إليه - صلى الله تعالى عليه وسلم - ويحتمل أن يكون إلى nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فيكون موقوفا ، أو التقدير : راويا عنه وناقلا منه ، وليس في الجامع لفظ قال فيه ولا فيما بعده ، ( ثم ينزل الله من السماء ماء ) أي : مطرا كالطل على ما سبق ( فينبتون ) أي : فينبت أجساد الخلق منه ( كما ينبت البقل ) ، أي : من المطر ، والظاهر أن هذا قبل النفخة الثانية كما فهم من الرواية الماضية ، فتعبيره بـ " ثم " هنا للتراخي الرتبي أي : بعدما علمت ما سبق ، فاعلم هذا فإنه أمر محقق .
( قال : وليس من الإنسان شيء ) أي : جزء من أجزائه ( لا يبلى ) أي : لا يخلق ولا يرم ممن يبلى جسده ; nindex.php?page=hadith&LINKID=10366396فإن الله تعالى حرم على الأرض أن تأكل من أجساد الأنبياء ، وكذا من في معناهم من الشهداء والأولياء ، بل قيل : ومنهم المؤذنون المحتسبون فإنهم من قبورهم أحياء أو كالأحياء ، ( إلا عظما واحدا ) ، ولفظ الجامع : إلا عظم واحد بالرفع على البدلية من ( شيء ) وهو واضح ، وقيل : منصوب لأنه استثناء من موجب ; لأن قوله : ليس شيء من الإنسان لا يبلى إلا عظما نفي النفي ، ونفي النفي إثبات ; فيكون تقديره كل شيء منه يبلى إلا عظما فإنه لا يبلى ، ويحتمل أن يكون منصوبا على أنه خبر ليس ; لأن اسمه موصوف ، كقولك : ليس زيد إلا قائما ، فـ " من الإنسان " حال من شيء ( وهو عجب الذنب ) : بفتح العين المهملة وسكون الجيم ، وحكى اللحياني تثليث العين مع الباء والميم ، ففيه ست لغات ، وهو العظم بين الأليتين الذي في أسفل الصلب .
قال بعض علمائنا من الشراح : المراد طول بقائه تحت التراب ، لا أنه لا يفنى أصلا ; فإنه خلاف المحسوس ، وجاء في حديث آخر : إنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى ، ومعنى الحديثين واحد ، وقال بعضهم : الحكمة فيه أنه قاعدة بدن الإنسان وأسه الذي يبنى عليه ، فبالحري أن يكون أصلب من الجميع ، كقاعدة الجدار وأسه ، وإذا كان أصلب كان أطول بقاء .
أقول : التحقيق - والله ولي التوفيق - أن عجب الذنب يبلى آخرا ، كما شهد به حديث ، لكن لا بالكلية ، كما يدل عليه هذا الحديث ، وهو الحديث المتفق عليه ، ولا عبرة بالمحسوس ، كما حقق في باب عذاب القبر على أن الجزء القليل منه المخلوط بالتراب غير قابل لأن يتميز بالحس ، كما لا يخفى على أرباب الحس . ( ومنه يركب ) : بتشديد الكاف المفتوحة ( الخلق ) أي : سائر الأعضاء المخلوقات من الحيوانات ( يوم القيامة ) أي : كما خلق أولا في الإيجاد كذلك خلق أولا في الإعادة ، أو أبقي حتى يركب عليه الخلق ثانيا .
[ ص: 3506 ] ( وفي رواية لمسلم ) ، وكذا للبخاري ذكره السيد ، وفي الجامع رواه مسلم ، وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ( قال ) أي : النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( كل ابن آدم ) : بالرفع وفي نسخة بالنصب أي : أعضاء بدن الإنسان ، وكذا سائر الحيوان ( يأكله التراب ، إلا عجب الذنب ) أي : فإنه لا يأكله كله أو بعضه ، ( منه ) أي : من عجب الذنب ( خلق ) : بصيغة المجهول أي : ابتدئ منه خلق الإنسان أولا ( وفيه ) : وفي نسخة : منه ، وهو رواية الجامع ، وسبق أن في تأتي مرادفة لمن ( يركب ) أي : ثانيا . قال النووي - رحمه الله : هذا مخصوص فيخص منه الأنبياء ; فإن الله حرم على الأرض أجسادهم ، وهو كما صرح به في الحديث .