5628 - ( وعنه ) أي : عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ( قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : ( سيحان وجيحان ) : بفتح أولهما نهران بالشام ، أولهما من السيح بالسين والحاء المهملتين ، وهو جري الماء على وجه الأرض ، والنون فيه زائدة ، وثانيهما من حجن الصبي - بالجيم فالحاء - إذا ساء غداؤه ، والنون فيه أصلية ( والفرات ) : نهر بالكوفة ( والنيل ) ، نهر مصر ، وأما سيحون فنهر بالهند ، وجيحون نهر بلخ ، وينتهي إلى خوارزم كذا قاله شارح ، وقيل : سيحان نهر بالشام ، وقيل بالهند ، وجيحان نهر بلخ . وقال النووي - رحمه الله - : سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون ، والمذكوران في الحديث في بلاد الأرمن ، فسيحان نهر المصيصة ، وجيحان نهر أذنة ، وهما نهران عظيمان جدا ، هذا هو الصواب . وأما قول الجوهري : جيحان نهر بالشام فغلط ، وقال صاحب نهاية الغريب : فسيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس ، واتفقوا على أن جيحون بالواو نهر خراسان ، وقيل سيحون نهر بالهند . ( كل ) أي كل واحد منها ( من أنهار الجنة ) إنما جعل الأنهار الأربعة من أنهار الجنة لما فيها من العذوبة والهضم ، ولتضمنها البركة الإلهية وتشرفها بورود الأنبياء إليها وشربهم منها ، ذلك ومثل قوله - صلى الله تعالى عليه وسلم - في عجوة المدينة : ( إنها من ثمار الجنة ) . ويحتمل أنه عن الأنهار التي هي أصول أنهار الجنة بتلك الأسامي ليعلم أنها في الجنة بمثابة الأنهار الأربعة في الدنيا ، أو لأنها مسميات بتلك الأسماء ، فوقع الاشتراك فيها ، كذا ذكر شارح من علمائنا .
وقال القاضي - رحمه الله - : جعل الأنهار الأربعة لعذوبة مائها وكثرة منافعها ، كأنها من أنهار الجنة ، ويحتمل أن يكون المراد بها الأنهار الأربعة التي هي أصول أنهار الجنة ، وسماها بأسامي الأنهار الأربعة التي هي أعظم أنهار الدنيا وأشهرها ، وأعذبها ، وأفيدها عند العرب - على سبيل التشبيه والتمثيل ، ليعلم أنها في الجنة بمثابتها ، وأن ما في الدنيا من أنواع المنافع والنعائم أنموذجات لما يكون في الآخرة ، وكذا ما فيها من المضار المردية والمستكرهات المؤذية .
وفي شرح مسلم للنووي قال القاضي عياض - رحمه الله - : كون هذه الأنهار من الجنة أن الإيمان لهم ببلادها ، وأن الأجسام المتغذية بمائها صائرة إلى الجنة ، والأصح أنها على ظاهرها ، وأن لها مادة من الجنة مخلوقة ؛ لأنها موجودة اليوم عند أهل السنة ، وقد ذكر مسلم في كتاب الإيمان في حديث الإسراء : أن الفرات والنيل يجريان من الجنة . وفي البخاري من أصل سدرة المنتهى ، وفي معالم التنزيل روى ابن عباس أن الله تعالى أنزل هذه الأنهار من عين واحدة من عيون الجنة ، من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل ، استودعها الجبال ، وأجراها في الأرض ، وجعل فيها منافع للناس ، وذلك قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فإذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج أرسل الله جبريل يرفع من الأرض القرآن ، والعلم ، والحجر الأسود ، ومقام إبراهيم ، وتابوت موسى ، وهذه الأنهار ، فذلك قوله تعالى : وإنا على ذهاب به لقادرون ( رواه مسلم ) .