5716 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ليلة أسري بي " ) : ظرف مقدم لقوله : ( لقيت موسى فنعته ) أي : فوصف موسى فقال في حقه ( فإذا ) أي : هو ( رجل مضطرب ) ، قال القاضي وغيره من الشراح : يريد به أنه كان مستقيم القد حادا ، فإذ الحاد يكون قلقا متحركا ، كان فيه اضطراب ، ولذلك يقال : رمح مضطرب إذا كان طويلا مستقيما ، وقيل : معناه أنه كان مضطربا من خشية الله تعالى ، وهذه صفة النبيين والصديقين ، كما روي nindex.php?page=hadith&LINKID=10367097أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي ولقلبه أزيز كأزيز المرجل . ( رجل الشعر ) ، بكسر الجيم ويسكن ويفتح ، في القاموس : شعر رجل وككتف وجبل بين السبوطة والجعودة . وفي النهاية أي : لم يكن شديد الجعودة ، ولا شديد السبوطة ، بل بينهما . قلت : الظاهر أن تكون جعودته غالبة على سبوطته ، لئلا ينافي ما سبق من كونه موسى عليه الصلاة والسلام جعدا ، ( " كأنه من رجال شنوءة " ) : سبق بيانه ( ولقيت عيسى ربعة ) : بتسكين الموحدة ويجوز فتحه على ما ذكره العسقلاني أي : مربوع الخلق . وفي النهاية أي : لا طويل ولا قصير ، والتأنيث على تأويل النفس ( أحمر ) أي : شديد الحمرة ( كأنه خرج من ديماس ) : بكسر الدال وتفتح على ما في القاموس : ( الكن والسرب والحمام . قال الجوهري : فإن فتحت الدال جمعت على دياميس ، مثل شيطان وشياطين ، وإن كسرتها جمعت على دماميس كقيراط وقراريط ، ثم لما كان الديماس له معان . قال الراوي : ( يعني ) ، أي يريد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( الحمام ) ، قالالعسقلاني : هذا في تفسير عبد الرزاق ، والمراد وصفه بصفاء اللون ونضارة الجسم وكثرة ماء الوجه ، كأنه خرج من حمام وهو عرق . ( ورأيت إبراهيم وأنا أشبه ولده ) أي : أولاده من نسل ولد إسماعيل أو مطلقا ( وبه ) أي إبراهيم صورة ومعنى ، فالمشابهة الصورية عنوان للمناسبة المعنوية مع أن الولد سر أبيه في مبانيه ومعانيه .
( قال ) أي : النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - ( فأتيت بإناءين ) أي : أحضرت بهما ( أحدهما لبن ) : قال التوربشتي - رحمه الله : العالم القدسي يصاغ فيه الصور من العالم الحسي ليدرك بها المعاني ، فلما كان اللبن في عالم الحس من أول ما يحصل به التربية ، ويرشح به المولود صيغ عنه مثال للفطرة التي تتم بها القوة الروحانية ، وتنشأ عنها الخاصية الإنسانية ، وقال بعضهم : ولم يقل فيه لبن كأنه جعله لبنا كله تغليبا للبن على الإناء لكثرته ، وتكثيرا لما اختاره ، ولما كان الخمر منهيا عنه قليله فقال : ( والآخر فيه خمر ) أي : خمر قليل ( فقيل لي : خذ أيهما شئت ) . أي : أي الإناءين ، أو أي المشروبين أردته واشتهيته ( فأخذت اللبن فشربته ) ، أي لما يدل الأمر بالأخذ على جواز الشرب ، لأنه المقصود منه ، وإنما عرض عليه كلاهما إظهارا على الملائكة فضله باختياره الصواب ، ( فقيل لي هديت الفطرة ) ، بصيغة الخطاب مجهولا أي فقالت الملائكة : هداك الله إلى الفطرة ، وهو يحتمل الإخبار والدعاء ، والأول أظهر لما سيأتي في آخر الحديث ، والمعنى أنك هديت الفطرة الكاملة الشاملة لأتباعك العالمة العاملة .
قال القاضي - رحمه الله : المراد بها الفطرة الأصلية التي فطر الناس عليها ، فإن منها الإعراض عما فيه غائلة وفساد ، كالخمر المخل بالعقل الداعي إلى الخير الوازع عن الشر المؤدي إلى صلاح الدارين ، وخير المنزلين ، والميل إلى ما فيه نفع حال عن مضرة دنيوية ومعرة دينية ، كشرب اللبن ، فإنه من أصلح الأغذية ، وأول ما حصل به التربية . وقال ابن الملك : وفي هذا القول له عند أخذ اللبن لطف ومناسبة ، فإن اللبن لما كان في العالم الحسي ذا خلوص وبياض ، وأول ما يحصل به تربية المولود صيغ منه العالم القدسي مثال الهداية والفطرة التي يتم بها القوة الروحانية ، بخلاف الخمر فإنها لكونها ذات مفسدة صيغ منها مثال الغواية ، وما يفسد القوة الروحانية ولهذا قيل له أيضا : ( أما ) : بالتخفيف للتنبيه ( إنك لو أخذت الخمر ) أي : شربت أو ما شربت ، والمعنى لو ملت إليها أدق الميل ( غوت ) أي : ضلت ( أمتك ) . أي نوعا من الغواية المترتبة على شربها بناء على أنه لو شربها لأحل للأمة شربها ، فوقعوا في ضررها وشرها ، ولما كان هو معصوما لم يقل له : غويت على ما تقتضيه المقابلة ، وفيه إيماء إلى أن استقامة المقتدى من النبي والعالم والسلطان ، ونحوهم سبب لاستقامة أتباعهم ، لأنهم . بمنزلة القلب للأعضاء . ( متفق عليه ) .