صفحة جزء
5874 - وعنه ، قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه ، وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم . إذ نظر إلى المشرك أمامه خر مستلقيا ، فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع ، فجاء الأنصاري ، فحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة ) فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين . رواه مسلم .


5874 - ( وعنه ) أي : عن ابن عباس رضي الله عنه ( قال : بينما رجل ) أي : أنصاري ( من المسلمين يومئذ يشتد ) أي : يسرع ويعدو ( في إثر رجل ) : بكسر الهمز وسكون المثلثة ، وفي نسخة بفتحها أي : في عقب رجل ( من المشركين أمامه ) ، أي : واقع قدامه ( إذ سمع ) أي : المسلم ، فالحديث من مراسيل الصحابة كما يدل عليه آخره ( ضربة ) أي : صوت ضربة ( بالسوط فوقه ) ، أي فوق المشرك ( وصوت الفارس يقول : أقدم ) : بفتح الهمزة وكسر الدال بمعنى أعزم ( حيزوم ) . أي : يا حيزوم ، وهو اسم فرسه ، وفي نسخة بضمهما بمعنى تقدم ، قال النووي : هو بهمزة قطع مفتوحة وبكسر الدال من الإقدام . قالوا : هي كلمة زجر للفرس . أقول : فكأنه يؤمر بالإقدام ، فإنه ليس له فهم الكلام ، وأما بالنسبة إلى فرس الملك ، فيمكن حمله على الحقيقة ، أو على خرق العادة ، ويؤيده النداء باسمه والله أعلم . ثم قال : وقيل بضم الدال وبهمزة وصل مضمومة من التقدم ، والأول أشهرها .

وحيزوم : اسم فرس الملك ، وهو منادى بحذف حرف النداء وقال شارح : سمي بأقوى ما يكون من الأعضاء منه ، وشد ما يستظهر به الفارس في ركوبه منه ، وهو وسط الصدر ، وما يضم عليه الحزام . قلت : ويمكن أن يكون فيعول للمبالغة من مادة الحزم وهو شدة الاحتياط في الأمر . ( إذ نظر ) أي : المسلم ( إلى المشرك أمامه خر مستلقيا ) ، أي سقط على قفاه ( فإذا هو ) أي : المشرك ( قد خطم ) : بضم الخاء المعجمة من الخطم ، وهو الأثر على الأنف ، فقوله : ( أنفه ) ، للتأكيد أو إيماء إلى التجريد ، وقال شارح للمصابيح أي : كسر فهو أثره اهـ . وهو يشعر بأن رواية المصابيح بالحاء بالمهملة كما لا يخفى ، والحاصل أنه جرح أنفه ( وشق وجهه ) أي : قطع ، طولا ( كضربة السوط ، فاخضر ذلك أجمع ) ، بتشديد الراء أي : صار موضع الضرب كله أخضر أو أسود ، فإن الخضرة قد تستعمل بمعنى السواد كعكسه للمبالغة ، ومن قبيل الثاني قوله تعالى : مدهامتان ( فجاء الأنصاري ، فحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : صدقت ) ، فيه أن هذا الكشف كرامة للصحابي ، وكرامة الاتباع بمنزلة معجزة المتبوع ، لا سيما ووقوعه في حضرته وحصوله لأجل بركته ، أو يقال : أخبر الصحابي وهو ثقة بنقل صحيح عما يدل على نزول الملك للمعاونة ، وقد صدقه الصادق المصدوق في هذه المقالة فيصبح عده من المعجزة ثم في قوله : ( ذلك من مدد السماء الثالثة ) . تنبيه على أن المدد كان من السماوات كلها ، وهذا من الثالثة خاصة ، فالإشارة إلى الملك في ذلك ، وهو مبتدأ خبره ما بعده . وأغرب الطيبي حيث أعرب وقال : ذلك مفعول صدقت . وقال : إشارة إلى المذكور من قوله : جمع ضربة إلخ . ( فقتلوا ) أي : المسلمون ( يومئذ سبعين وأسروا سبعين ) ، وفي نسخة على بناء المفعول فيهما فضميرهما راجع إلى المشركين . ( رواه مسلم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية