صفحة جزء
6008 - وعن أبي بردة ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : رفع - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - رأسه إلى السماء ، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء . فقال : ( النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ؟ وأنا أمنة أصحابي ، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون ، وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) . رواه مسلم .


6008 - ( وعن أبي بردة عن أبيه ) : وهو أبو موسى الأشعري ( قال ) أي : أبوه ( رفع يعني النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ) : هذا قول أبي بردة وضمير يعني إلى أبيه أي : يريد أبو موسى بالضمير الفاعل في قوله : رفع النبي وترك اسمه لظهوره ، والمعنى رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - ( رأسه إلى السماء ، وكان كثيرا مما يرفع رأسه إلى السماء ) أي : انتظارا للوحي الإلهي بالنزول الملكي . قال الطيبي : من بيان لكثيرا ، ويجوز أن تكون من زائدة ، وهو خبر كان أي : كان كثيرا رفع رأسه ، وما : مصدرية انتهى . والجملة معترضة حالية . ( فقال : النجوم أمنة للسماء ) : بفتح الهمز والميم أي : أمن ، وقيل : أمان ومرحمة . وقيل : حفظة جمع أمين وهو الحافظ ذكره شارح . وقال الطيبي : يقال أمنته وأمنته غيري ، وهو في أمن منه وأمنة وفلان أمنة وأمنة بسكون الميم كأنها المرة من الأمن ، ويجوز أن يكون جمع أمن كبار وبررة ، ( إذا ذهبت النجوم ) أي : الشاملة للشمس والقمر ( أتى السماء ما توعد ) أي : ما وعد له من الانشقاق والطي يوم القيامة ، والمراد بذهاب النجوم تكويرها وانكدارها وانعدامها على ما في ( النهاية ) وغيره . ( وأنا أمنة لأصحابي ) : قال الطيبي : إذا نسب أمنة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحتمل وجهين . أحدهما : أن يكون مصدرا مبالغة نحو : رجل معجزة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدل أو جمعا فيكون من باب قوله تعالى : شهابا رصدا أي : راصدين وقوله تعالى : إن إبراهيم كان أمة قانتا فجعل - صلى الله عليه وسلم - أمنا لأصحابه بمنزلة الجماعة ، ( فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يوعدون ) . أي : من الفتن والمخالفات والمحن ( وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي ) أي : جميعهم ( أتى أمتي ما يوعدون ) أي : من ذهاب أهل الخير ، ومجيء أهل الشر وقيام الساعة عليهم . قال في ( النهاية ) : والإشارة في الجملة إلى مجيء الشر عند ذهاب أهل الخير ، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه ، فلما توفي وجالت الآراء ، واختلفت الأهواء كان أصحابه يسندون الأمر إليه - صلى الله عليه وسلم - في قول أو فعل أو دلالة حال ، فلما فقدوا قلت الأنوار وقويت الظلم ، وكذلك حال السماء عند ذهاب النجوم . قلت : ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) . ( رواه مسلم ) . وكذا الإمام أحمد في ( مسنده ) .

[ ص: 3877 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية