6039 - ( وعن ابن عمر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10367615بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن ) : وفي رواية : إذ رأيت قدحا أتيت به فيه لبن ( فشربت حتى إني ) : بكسر الهمز وقد يفتح ( لأرى الري ) : بكسر الراء وتشديد الياء أي أثر اللبن من الماء ( يخرج ) أي : يظهر وفي رواية يجري ( في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي ) أي : سؤري الكثير الخالص ( عمر بن الخطاب ) . فلا ينافي أن سؤره حصل للصديق أيضا فإنه كان قليلا جدا ، ولا أن سؤره لعثمان وعلي أيضا وصل فإنه لهما لم يكن صافيا ( قالوا : فما أولته ) ؟ أي اللبن ، وفي رواية : فما أولت ذلك ( يا رسول الله ؟ قال : ( العلم ) . بالنصب وروي بالرفع على ما قدمناه ، والمراد بالعلم هو علم الدين والله أعلم .
[ ص: 3897 ] قال العلماء بين عالم الأجسام وعالم الأرواح عالم آخر يقال له عالم المثال ، وهو عالم نوراني شبيه بالجسماني ، والنوم سبب لسير الروح المنور في عالم المثال ، ورؤية ما فيه من الصور غير الجسدانية ، والعلم مصور بصور اللبن في ذلك العالم بمناسبة أن اللبن أول غذاء البدن وسبب صلاحه ، والعلم أول غذاء الروح وسبب صلاحه . وقيل : التجلي العلمي لا يقع إلا في أربع صور : الماء واللبن والخمر والعسل ، تناولتها آية فيها ذكرت أنهار الجنة ، فمن شرب الماء يعطى العلم اللدني ، ومن شرب اللبن يعطى العلم بأسرار الشريعة ، ومن شرب الخمر يعطى العلم بالكمال ، ومن شرب العسل يعطى العلم بطريق الوحي ، وقد قال بعض العارفين : إن الأنهار الأربعة عبارة عن الخلفاء ، ويطابقه تخصيص اللبن بعمر - رضي الله عنه - في هذا الحديث ، وأما الري في العلم ; فقد اختلف فيه ، فمنهم من قال بوجوده لأن الاستعداد متناه ولا يزيد على ما لم يقبل فيحصل الري ، وظاهر الحديث معهم . ومنهم من قال بعدمه لقوله تعالى : وقل رب زدني علما فالأمر بطلب زيادة العلم بلا ذكر النهاية يدل على أنه لا ينتهي ، ولذا قيل : من لم يكن في زيادة فهو في نقصان ، وإن التوقف ليس في طور الإنسان ويدل عليه حديث : ( nindex.php?page=hadith&LINKID=10355920منهومان لا يشبعان طالب العلم وطالب الدنيا ) . ومنه ما نقل عن nindex.php?page=showalam&ids=12195أبي يزيد البسطامي قدس الله سره السامي أنه قال :
شربت الحب كأسا بعد كأس فما نفد الشراب ولا رويت
.
ويمكن الجواب عن دليل الأولين بأن العلم إذا حصل بقدر الاستعداد القابل أعطاه الله تعالى استعدادا لعلم آخر فيحصل له عطش آخر ، وعن هذا قيل : طالب العلم كشارب البحر ، كما كلما ازداد شربا ازداد عطشا . وعن الحديث بأنه محمول على البداية قبل نزول الآية التي تدل على عدم النهاية . ( متفق عليه ) . وأخرجه أحمد وأبو حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه ، ولهذا بلغ علمه ما روي عن ابن مسعود أنه قال : لو جمع علم أحياء العرب في كفة ميزان ، ووضع علم عمر في كفة لرجح علم عمر ، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم .