صفحة جزء
الفصل الثاني

6090 - عن عمران بن حصين - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عليا مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن " . رواه الترمذي .


الفصل الثاني

6090 - ( عن عمران بن حصين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن عليا مني وأنا منه " ) أي : في النسب والمصاهرة والمسابقة والمحبة وغير ذلك من المزايا لا في محض القرابة وإلا فغيره مشارك له فيها ( " وهو ولي كل مؤمن " ) . أي : حبيبه كما قاله ابن الملك أو ناصره أو متولي أمره . قال الطيبي : هو إشارة إلى قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون وفي الكشاف ، قيل : نزلت في علي - رضي الله عنه - فإن قلت : كيف يصح أن يكون لعلي ، واللفظ لفظ جماعة ؟ قلت : جيء به ترغيبا للناس في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه ، ولينبه على أن سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البر والإحسان .

قال البيضاوي قوله : وهم راكعون أي متخشعون في صلاتهم وزكاتهم ، وقيل : هو حال مخصوصة بيؤتون أي : يؤتون الزكاة في حال ركوعهم في الصلاة حرصا على الإحسان ومسارعة إليه ، فإنها نزلت في علي - كرم الله وجهه - حين سأله سائل وهو راكع في صلاته ، فطرح له خاتمه انتهى والحديث رواه ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه بروايات مختلفة . قال القاضي : واستدل به الشيعة على إمامته زاعمين أن المراد بالولي المتولي للأمور ، والمستحق للتصرف فيهم ، والظاهر ما ذكرناه من أنه تعالى لما نهى عن موالاة الكفرة ذكر عقيبه من هو حقيق بها ، وإنما لم يقل أولياؤكم للتنبيه على أن الولاية لله على الأصالة ولرسوله وللمؤمنين على التبع ، مع أن حمل الجمع على الواحد أيضا خلاف الظاهر . قال السيد معين الدين الصفوي : ما قبل الآية ينادي على أن المراد من الولاية ليس التولي للأمور والمستحق للتصرف كما قالت الشيعة ، بل ذكره بلفظ الجمع تحريضا على المبادرة على الصدقة ، فيدخل فيه كل من يبادر ، فلا يستدل بهذه الآية على إمامة علي - رضي الله عنه - انتهى . والحاصل أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، لا سيما واللفظ بصيغة الجمع ، فيدخل علي - كرم الله وجهه - فيه دخولا أوليا لا أن الأمر محصور فيه حقيقيا . ( رواه الترمذي ) .

وفي الرياض ، عن عمران بن حصين قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية واستعمل عليها عليا قال : فمضى على السرية فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، وتعاقد أربعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إذا لقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرناه بما صنع علي ، فقال عمران : وكان المسلمون إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلموا عليه ، ثم انصرفوا إلى رحالهم ، فلما قدمت السرية سلموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام أحد الأربعة فقال : يا رسول الله ، ألم تر أن عليا صنع كذا وكذا ؟ فأعرض عنه ، ثم قام الثاني فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه ، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته ، فأعرض عنه ، ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا ، فأقبل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والغضب يعرف في وجهه فقال : " ما تريدون من علي " ثلاثا " إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي " أخرجه الترمذي ، وقال : حسن غريب . وأخرجه أحمد وقال فيه : فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الأربع ، وقد تغير وجهه فقال : " دعوا عليا ، علي مني وأنا منه ، وهو ولي كل مؤمن من بعدي " وله طريق آخر عن بريدة ، وله في صحيح البخاري ، وأخرجه أحمد في المناقب عن أبي رافع قال : لما قتل علي أصحاب الألوية يوم أحد قال جبريل : يا رسول الله إن هذه لهي المواساة ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنه مني وأنا منه " فقال جبريل : وأنا منكما يا رسول الله .

[ ص: 3937 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية