6225 - ( وعن علي - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا ) : كذا في جميع النسخ الحاضرة ، والظاهر إياي فكأنه من باب استعارة المرفوع للمنصوب ( nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير ) أي : ابن العوام ، وقد سبق ذكره في العشرة ( والمقداد ) . بكسر الميم ، وهو ابن عمرو الكندي ، وذلك أن أباه حالف كندة فنسب إليها ، وإنما سمي بأبي الأسود لأنه كان حليفه ، أو لأنه كان في حجره ، وقيل : بل كان عبدا فتبناه ، وكان سادسا في الإسلام . روى عنه علي وطارق بن شهاب وغيرهما ، مات بالجرف على ثلاثة أميال من المدينة ، فحمل على رقاب الناس ، ( دفن بالبقيع سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين . ( وفي رواية : وأبا مرثد بدل المقداد ) : بفتح الميم والمثلثة وسكون راء بينهما . قال المؤلف : هو كناز بن حصين ، ويقال ابن حصين الغنوي مشهور بكنيته ، شهد بدرا هو وابنه مرثد ، وهو من كبار الصحابة ، روى عن حمزة ، وعنه nindex.php?page=showalam&ids=105واثلة بن الأسقع ، وعبد الله بن عمر ، كانت سنة اثني عشرة . وقال السيد جمال الدين : هو وابنه حليفا nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب . قال nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي وابن إسحاق : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت . قال محمد بن سعد : شهد أبو مرثد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومات بالمدينة في خلافة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق ، وهو ابن ست وستين سنة ، ثم الحاصل من الجمع بين الروايتين أنه - صلى الله عليه وسلم - بعث الأربعة إلا أن المذكور في بعض الروايات المقداد ، وفي بعضها أبو مرثد . وتوضيحه ما قال الطيبي : إنه لم يرد بذلك أن المبدل منحى ، بل المراد أنه ذكر في رواية هذا ، وفي رواية ذاك ، لأن الأربعة قد بعثوا لهذا الأمر . انتهى : ولا يخفى أن المبدل منحى في الرواية الثانية ، ولذا قال بدل المقداد ، وإن كان في نفس الأمر غير منحى عن المراد ، وفي شرح مسلم : وعن علي - رضي الله عنه - قال : بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا مرثد الغنوي ، nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام . وفي الرواية السابقة : والمقداد بدل أبي مرثد ، ولا منافاة ، بل بعث الأربعة : عليا والزبير والمقداد وأبا مرثد ( فقال : " انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ " ) بخاءين معجمتين مصروفا وقد لا يصرف . قال الطيبي بالخاءين المعجمتين هو الصواب ، وهي موضع بين مكة والمدينة بقرب المدينة . وفي القاموس : وخاخ يصرف ويمنع ( " فإن بها ظعينة " ) ، أي : امرأة اسمها سارة ، وقيل أم سارة مولاة لقريش ( " معها كتاب " ) ، أي : مكتوب من أهل المدينة إلى أهل مكة ( " فخذوه منها " فانطلقنا تتعادى ) ، أي : تتسابق ( بنا خيلنا حتى أتينا إلى الروضة ) ، أي : روضة خاخ ( فإذا نحن بالظعينة ) ، أي : المرأة ( فقلنا : أخرجي الكتاب ، قالت : ما معي من كتاب ) : من زائدة لمزيد تأكيد النفي .
[ ص: 4013 ] ( فقلنا : لتخرجن ) : بفتح لام فضم فسكون فكسرتين وتشديد نون أي : لتظهرن ( الكتاب أو لتلقين ) : بفتح فضم فسكون فكسر ففتح فتشديد وفي نسخة صحيحة بكسر التحتية ، وفي نسخة بحذفها وهو ظاهر أي : لترمين ( الثياب ) : وتتجردن عنها ليتبين لنا الأمر ، وفي نسخة بصيغة المجهول ، ورفع الثياب وهو ظاهر أيضا . قالميرك : كذا جاءت الرواية بإثبات الياء مكسورة ومفتوحة . فإن قلت : القواعد العربية تقتضي أن تحذف تلك الياء ، ويقال : لتلقن . قلت : القياس ذلك ، وإذا صحت الرواية بالياء فتأويل الكسر أنها لمشاكلة لتخرجن ، والفتح بالحمل على المؤنث الغائب على طريق الالتفات من الخطاب إلى الغيبة ، وفي بعض النسخ بفتح القاف ورفع الثياب ، كذا قاله الكرماني في شرح البخاري ، وقال الشيخ ابن حجر العسقلاني ، في شرحه : كذا فيه بإثبات الياء والوجه حذفها . وقيل : إنما ثبتت لمشاكلة لتخرجن . قال : ويظهر لي أن صواب الرواية لتلقين الثياب بالنون بلفظ الجمع ، وهو ظاهر جدا لا شك فيه البتة ، ولا يحتاج إلى تخريج تكلف ، والله أعلم . انتهى كلامه . أقول : ويريده ما وقع عند البخاري في باب فضل من شهد بدرا بلفظ : لتخرجن الكتاب أو لنجردنك . انتهى .
( فأخرجته من عقاصها ) ، وهو بكسر العين جمع عقيصة وهي الشعر المضفور . قال العسقلاني : والجمع بينه وبين رواية ( أخرجته من حجزتها ) بضم الحاء وسكون الجيم وبالزاي أي : معقد الإزار لأن عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجزتها ، فربطته في عقيصتها وغرزته بحجزتها ( فأتينا به النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه ) ، أي : في الكتاب ( من حاطب ) : بكسر الطاء ( ابن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين ) : قال الطيبي : ليس هذا حكاية المكتوب ، بل هو من كلام الراوي ، وضع موضع قوله : إلى فلان وفلان وفلان ( من أهل مكة ، يخبرهم ) ، أي : حاطب أو مكتوبه مجازا ( ببعض أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) . أي : ببعض شأنه وحاله ، وهو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويريدكم فخذوا حذركم ، فنزل جبريل فأخبره ( فقال رسول الله ) ، أي : لحاطب ( " ما هذا " ) ؟ أي : الفعل الشنيع ( فقال : يا رسول الله ! لا تعجل علي ) ، أي : في الحكم بالكفر ونحوه ، ثم استأنف يبين عذره في فعله بقوله : ( إني كنت امرأ ملصقا ) : بصيغة المجهول أي حليفا ( في قريش ) ، أي : فيما بينهم ( ولم أكن من أنفسهم ) : قال النووي : وكان حليف الزبير بن العوام ( وكان من معك من المهاجرين لهم قرابة ) ، أي : ذوو قرابة أي : أقارب أو قرابة مع ناس ( يحمون ) ، أي : الأقارب أو الناس الذين أقاربهم يحفظون ويراعون ( بها ) ، أي : بتلك القرابة ( أموالهم ) ، أي : أموال المهاجرين ( وأهلهم بمكة ) ، يحتمل أن يكون ظرفا ليحمون ، والأقرب أن التقدير أموالهم وأهليهم الكائنين بمكة ( فأحببت إذ فاتني ذلك ) ، أي : القرب ( من النسب فيهم ) ، أي : في قريش . قال الطيبي : إذ فاتني تعليل وقع بين الفعل ومفعوله وهو قوله : ( أن أتخذ فيهم يدا ) ، أي : صنيعة ( يحمون ) ، أي : قريش ( بها ) ، أي : بتلك اليد ( قرابتي ) أي : الكائنة بمكة . قال الطيبي ، قوله : يحمون صفة ( يدا ) ، وأراد باليد يد إنعام أو قدرة ( وما فعلت ) ، أي : ذلك ( كفرا ) ، أي : أصليا ( ولا ارتدادا عن ديني ) أي : حادثا ( ولا رضا بالكفر ) ، أي : بوجوده ( بعد الإسلام ) . أي : بعد حصوله وهو تأكيد لما قبله أو تعميم لأنواع حدوث الكفر ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) أي : خطابا للأصحاب ( إنه قد صدقكم " ) بتخفيف الدال أي : قال الصدق ( فقال عمر : دعني ) ، أي : اتركني ( يا رسول الله ! أضرب ) : بالجزم أي أقطع ( عنق هذا المنافق ) . وإنما قال ذلك مع تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحاطب في معذرته لما كان عند عمر من قوة في الدين وبغض من ينتسب إلى النفاق ، وظن أن من خالف ما أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - .
[ ص: 4014 ] استحق القتل ، لكنه لم يجزم بذلك ، فلذلك استأذن في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خلاف ما أظهر ، وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا ولا ضرر فيه ( قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إنه " ) ، أي : حاطبا ( قد شهد بدرا ) أي : حضره ( " وما يدريك " ) ، أي : أي شيء يعلمك أنه مستحق للقتل ( " لعل الله اطلع " ) : بتشديد الطاء أي : أقبل ( " على أهل بدر " ) : ونظر إليهم نظر الرحمة والمغفرة ( " فقال : اعملوا ما شئتم " ) ، أي : من الأعمال الصالحة والأفعال النافلة قليلة أو كثيرة ( " قد وجبت لكم الجنة " ) . أي : ثبتت أو وجبت بموجب إيجابي من الوعد الواجب وقوعه .
قال الطيبي : معنى الترجي فيه راجع إلى عمر - رضي الله عنه - لأن وقوع هذا الأمر محقق عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوثر على التحقيق بعثا له على التفكر والتأمل ، فلا يقطع الأمر في كل شيء انتهى . والأقرب أن ذكر لعل لئلا يتكل من شهدبدرا على ذلك وينقطع عن العمل بقوله : اعملوا ما شئتم ، فإن المراد به إظهار العناية لا الترخص لهم في كل فعل ، بل الحديث الآتي عن حفصة صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - كان في مقام الرجاء لا في حال القطع والله أعلم .