صفحة جزء
647 - وعن جابر - رضي الله عنه - ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : ( إذا أذنت فترسل ، وإذا أقمت فاحدر ، واجعل ما بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر

إذا دخل لقضاء حاجته ، ولا تقوموا حتى تروني
) . رواه الترمذي . وقال : لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم ، وهو إسناد مجهول .


647 - ( وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : ( إذا أذنت فترسل ) : أي : تمهل ، وافصل الكلمات بعضها من بعض بسكتة خفيفة . في النهاية : أي تأن ولا تعجل . يقال : ترسل فلان في كلامه ومشيته إذا لم يعجل وهو الترسيل سواء وفي الفائق : حقيقة الترسل طلب الرسل وهو الهينة والسكون ، وقال ابن حجر : أي تأن في ذلك بأن تأتي بكلمات مبينة من غير تمطيط مجاوز للحد ، ومن ثم تأكد على المؤذنين أن يحترزوا من أغلاط يقعون فيها ، فإن بعضها كفر لمن تعمده كمد همزة أشهد ، فيصير استفهاما ومد باء أكبر فيصير جمع كبر بالفتح ، وهو قول له وجه واحد ، ومن الوقف على إله والابتداء بالله ، وبعضها لحن خفي كترك إدغام دالمحمد في راء رسول الله ومد ألف الله والصلاة والفلاح ، وقلب الألف هاء من الله ، وعدم النطق بهاء الصلاة ، لأنه يصير دعاء إلى النار اهـ .

وبقي عليه من الكفريات مد همزة أكبر ، فإنه يصير استفهاما أيضا . وقوله : والابتداء بالله ليس من الكفريات ، بل الوقف على إله فقط فذكره لغو ، وقوله إدغام دال محمد أي تنوين داله وإلا فإدغام داله من أكبر اللحون ، وإطلاق مد ألف الله وما بعده غير صحيح ، لأنه يجوز قصره وتوسطه ومده قدر ثلاث ألفات حالة الوقف ، وأراد بقوله : قلب الألف قلب الهمزة ففي عبارته مسامحة . ( وإذا أقمت فاحدر " ) : بضم الدال وكسرها أي : أسرع في التلفظ بها وصل بين الكلمات من غير درج ودمج ، ولا تسكت بينها ( واجعل بين أذانك وإقامتك ) : أي : زمانا يسيرا بحيث يكون ( قدر ما يفرغ الآكل من أكله ) : قيل : كأنه في العشاء لاتساع وقته ( والشارب من شربه ) : بتثليث الشين ، والمشهور الضم . قال ابن الملك . كأنه في المغرب لضيق وقته اهـ .

وفيه أن هذا الكلام منه مبني على قول الشافعي في تضييق وقت المغرب ، والظاهر أنه عليه السلام أراد قضاء الحاجة الضرورية العامة التي قد باشرها مريد الصلاة حقيقة أو حكما ، غير مختصة بصلاة دون صلاة " ( والمعتصر ) : أي : ويفرغ الذي يحتاج إلى الغائط ويعصر بطنه وفرجه ، كنى بذلك حذرا عن التفوه بالتصريح بما

[ ص: 552 ] يستوحش بذكره صريحا ، وهو من العصر أو المعصر وهو الملجأ . وقيل : هو الحاقن أي : الذي يؤذيه البول والغائط ( إذا دخل ) : أي : الخلاء ( لقضاء حاجته ) : يعني : فاصبر حتى يتوضأ المحتاج إلى التأهب للصلاة . قال ابن الملك : كأنه في الفجر والظهر والعصر لتقارب أوقاتها ( ولا تقوموا ) : أي : للصلاة إذا أقام المؤذن ( حتى تروني ) : أي : في المسجد لأن القيام قبل مجيء الإمام تعب بلا فائدة ، كذا قاله بعضهم ، ولعله عليه السلام كان يخرج من الحجرة بعد شروع المؤذن في الإقامة ، ويدخل في محراب المسجد عند قوله ، حي على الصلاة ، ولذا قال أئمتنا : ويقوم الإمام والقوم عند حي على الصلاة ، ويشرع عند قد قامت الصلاة . وقال ابن حجر : وكان صلى الله عليه وسلم يخرج عند فراغ المقيم من إقامته فأمرهم بالقيام حينئذ لأنه وقت الحاجة إليه ، ولهذا قال أصحابنا : السنة أن لا يقوم المأموم حتى يفرغ المقيم من جميع إقامته اهـ .

وهو موقوف على صحة رفعه إليه عليه السلام ، ويمكن أن يكون النهي للمؤذنين أي : لا تقوموا للإقامة حتى تروني أخرج من الحجرة الشريفة . ( رواه الترمذي . وقال : لا نعرفه إلا من حديث عبد المنعم ، وهو ) : أي : إسناده ( إسناد مجهول ) : وفي نسخة صحيحة : وإسناده مجهول ، لكن قال ابن حجر : صحح الحاكم وغيره الأمر بترسل الأذان وإدراج الإقامة . وروى الشيخان خبر : لا تقوموا حتى تروني .

التالي السابق


الخدمات العلمية