654 - ( عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( المؤذنون أطول الناس أعناقا ) : بفتح الهمزة " ( يوم القيامة " ) : أي : أكثرهم أعمالا يقال : لفلان عنق من الخير ، أي : قطعة منه ، وقيل : أكثرهم رجاء ، لأن من يرجو شيئا طال عنقه إليه ، فالناس يكونون في الكرب ، وهم في الروح يشرئبون أن يؤذن لهم في دخول الجنة ، وقيل : معناه الدنو من الله تعالى ، لأن طول العنق يدل غالبا على طول القامة ، وطولها لا يطلب لذاته ، بل لدلالته على تميزهم عن سائر الناس ، وارتفاع شأنهم عليهم ، وقيل : طول العنق كناية عن عدم التشوق والخجالة الناشئة عن التقصير ، وقيل : أراد أنهم لا يلجمهم العرق يوم يبلغ أفواه الناس ، فإن الناس يوم القيامة يكونون في العرق بقدر أعمالهم ، فالوصف بطول القامة ليس لذاته هنا أيضا ، بل للنجاة من المكروه ، وقيل : معناه أنهم يكونون رؤساء يومئذ ، والعرب تصف السادة بطول العنق كما قال : الرءوس والنواصي والصدور ، وقيل : الأعناق الجماعات يقال : جاء عنق من الناس ، أي : جماعة : ومعنى الحديث أن جمع المؤذنين يكون أكثر ، فإن من أجاب دعوتهم يكون معهم ، فالطول مجاز عن الكثرة ; لأن الجماعة إذا توجهوا لمقصدهم يكون لهم امتداد في الأرض ، وقيل : طول العنق كناية عن الفرح وعلو الدرجة ، كما أن خضوع العنق كناية عن الهم والهوان . وقال ميرك : وعندي والله أعلم أن يكون المراد بطول الأعناق استقامتهم طمأنينة لقلوبهم وإظهارا لكرامتهم وأنهم غير واقفين موقف الهوان والذلة مهطعين مقنعي رءوسهم ولا ناكسي رءوسهم كالمجرمين جزاء بما كانوا عليه في الدنيا من مد أعناقهم في الأذان . قال الطيبي : وروى بعضهم : ( إعناقا ) بكسر الهمزة أي : إسراعا من أعنق إذا أسرع اهـ . قال الشيخ الجزري : وقد بالغ من ضبط ( إعناقا ) بكسر الهمزة على أنه مصدر أي إسراعا إلى الجنة ، فخالف الرواية وحرف المعنى ، نقله ميرك . ( رواه مسلم ) .