صفحة جزء
720 - وعنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي ، فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن ، أو آية أوتيها رجل ثم نسيها ) ، رواه الترمذي ، وأبو دواد .


720 - ( وعنه ) ، أي ; عن أنس ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عرضت علي ) : الظاهر أنه في ليلة المعراج ( أجور أمتي ) ، أي : ثواب أعمالهم ( حتى القذاة ) ، بالرفع أو الجر وهي بفتح القاف ، قال الطيبي : القذاة هي ما يقع في العين من تراب أو تبن أو وسخ ، ولا بد في الكلام من تقدير مضاف ، أي : أجور أعمال أمتي ، وأجر القذاة ، أي : أجر إخراج القذاة إما بالجر ، وحتى بمعنى ( إلى ) ، والتقدير إلى إخراج القذاة وعلى هذا ( يخرجها الرجل من المسجد ) : جملة مستأنفة للبيان ، وإما بالرفع عما على أجور ، فالقذاة مبتدأ أو يخرجها خبره ( وعرضت علي ذنوب أمتي ، فلم أر ذنبا ) ، أي : يترتب على نسيان ( أعظم من سورة ) ، من ذنب نسيان سورة كائنة ( من القرآن ) ، فإن قلت : هذا مناف لما مر في باب الكبائر ، قلت : إن سلم أن أعظم وأكبر مترادفان ، فالوعيد على النسيان لأجل أن مدار هذه الشريعة على القرآن ، فنسيانه كالسعي في الإخلال بها ، فإن قلت : النسيان لا يؤاخذ به ، قلت : المراد تركها عمدا إلى أن يفضي إلى النسيان ، وقيل : المعنى أعظم من الذنوب الصغائر ، إن لم تكن عن استخفاف وقلة تعظيم ، كذا نقله ميرك عن الأزهار ، ( أو آية أوتيها ) ، أي : تعلمها ( رجل ) ، وفي نسخة الرجل ، وأو للتنويع ( ثم نسيها ) ، قال الطيبي : شطر الحديث مقتبس من قوله تعالى : كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى يعني على قول في الآية ، وأكثر المفسرين على أنها في المشرك ، والنسيان بمعنى ترك الإيمان ، وإنما قال : أوتيها دون حفظها إشعارا بأنها كانت نعمة جسيمة أولاها الله ليشكرها ، فلما نسيها فقد كفر تلك النعمة ، فبالنظر إلى هذا المعنى كان أعظم جرما ، وإن لم يعد من الكبائر ، واعترضه ابن حجر وقال : قول الشارح وإن لم يعد من الكبائر عجيب ، مع تصريح أئمتنا بأن نسيان شيء منه ولو حرفا بلا عذر كمرض وغيبة عقل كبيرة اهـ .

والنسيان عندنا أن لا يقدر أن يقرأ بالنظر ، كذا في شرح شرعة الإسلام ، قال الطيبي : فلما عد إخراج القذاة التي لا يؤبه له من الجحور تعظيما لبيت الله ، عد أيضا النسيان من أعظم الجرم ; تعظيما لكلام الله سبحانه ، فكأن فاعل ذلك عد الحقير عظيما بالنسبة إلى العظيم ، فأزاله عنه ، وصاحب هذا عد العظيم حقيرا فأزاله عن قلبه ( رواه الترمذي ) ، وقال : غريب نقله ميرك ، ( وأبو داود ) ، والمنذري ، وابن ماجه ، وابن خزيمة في صحيحه ذكره ميرك ، قال ابن حجر : وأخرج الترمذي ، وأبو داود أيضا : من قرأ القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة أجذم .

[ ص: 606 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية