773 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=9473أبي جحيفة ) : هو وهب بن عبد الله السوائي بضم السين والمد ( قال : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو بالأبطح ) : بفتح الهمزة ، محل أعلى من المعلى إلى جهة منى ، وهو في اللغة مسيل واسع فيه دقاق الحصا ، والبطيحة والبطحاء مثله صار علما للمسيل الذي ينتهي إليه السيل من وادي منى ، وهو الموضع الذي يسمى محصبا أيضا ( في قبة حمراء من أدم ) : بفتحتين جمع أديم أي : جلد ( ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : بفتح الواو ، أي : بقية الماء الذي توضأ به رسول الله ) ، أو ما فضل من أعضائه في الوضوء ( ورأيت الناس يبتدرون ) : أي : يتسابقون ( ذلك الوضوء ) ، أي : إلى أخذ ماء وضوئه ( فمن أصاب ) : أي : أخذ ( منه ) : أي : من بلال ( شيئا ) : من الماء ، أو صادف ووجد من ذلك الماء شيئا قليلا وقدرا يسيرا ( تمسح به ) أي مسح به وجهه وأعضاءه لينال بركته - عليه السلام - ( ومن لم يصب منه ) : أي : من بلل يد بلال ( أخذ من بلل يد صاحبه ) : قيل : هذا يدل على أن الماء المستعمل طاهر ، وقيل : هذا من خصائصه ، ولذا حجمه أبو طيبة فشرب دمه ، نقله ابن الملك .
قلت : يحتمل الحديث أن يكون المراد من الماء الماء المستعمل ، أو فضلة ماء الوضوء ، فمع الاحتمال لا يصلح للاستدلال مع أن الصحيح في المذهب طهارة الماء المستعمل ، وقال الإمام مالك : بطهوريته ، وأغرب ابن حجر حيث فسر الوضوء ببقية الماء ، ثم قال : وفي هذا أظهر دليل على طهارة الماء المستعمل ( ثم رأيت بلالا أخذ عنزة فركزها ) ، أي : غرزها ( وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة ) : هي بضم الحاء ، إزار ورداء ، ولا يسمى حلة حتى يكون ثوبين ، في النهاية : جاء في الحديث أنه رأى رجلا عليه حلة قد اتزر بأحدهما وارتدى بالآخر ، نقله الطيبي ( حمراء ) ، أي : فيها خطوط حمر ، ولعلها كانت من البرود اليمانية ، قال المظهر : nindex.php?page=hadith&LINKID=10357277قد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس المعصفر وكره لهم الحمرة في اللباس ، وكان ذلك منصرفا إلى ما صبغ بعد النسج ذكره الطيبي ، قال ابن الملك : قيل تأويله أنه لم تكن تلك الحلة حمراء جميعها ، بل كان فيها خطوط حمر ; لأن الثوب الأحمر من غير أن يكون فيه لون أحمر مكروه للرجال ، لما فيه من المشابهة بالنساء ، وقال ابن حجر : فيه أظهر دليل لمذهبنا أن يجوز لبس الأحمر الصرف ، وإن كان قانئا ، لكنه مكروه للخلاف في تحريمه ، وإنما أخذ كثيرون من أئمتنا من الأحاديث حرمة لبس المعصفر والمزعفر ؛ لما فيه من التشبه بالنساء ، ولا فرق فيما ذكر بين ما صبغ قبل النسج وبعده خلافا [ ص: 641 ] لمن فرق ( مشمرا ) ، أي : مسرعا ، والتشمير ضم الذيل ورفعه للعدو ، ويقال : فلان شمر عن ساق وتشمر في أمره ، أي : خف ، وقال ابن حجر : أي رافعا ثيابه إلى نحو نصف ساقيه ، وفيه أن ثيابه ما كانت طويلة حتى يرفعها ، وقد ثبت في الشمائل وغيرها أن إزاره كان إلى نصف ساقيه ( صلى إلى العنزة بالناس ) : أي : إماما بهم ( ركعتين ) : إما صلاة الصبح أو غيرها من الرباعية ; لأنه كان مسافرا ( ورأيت الناس والدواب ) : في العطف مناسبة معنوية ( يمرون ) : فيه تغليب للعقلاء ( بين يدي العنزة ) ، أي : وراءها ، والحال أنه يصلي ، قال ابن حجر يحتمل أنهم كانوا يمرون بينه وبينها ، فيوافق ما يأتي أن الصلاة لا يبطلها مرور شيء ، ويحتمل أنهم كانوا يمرون أمامها ، والظاهر الأول إذ هو الذي يحتاج الرأي إلى التنبيه عليه ، وأما الثاني فليس في ذكره كبير فائدة اهـ .
وفيه أن فائدته العلم بأن المرور من وراء السترة جائز ، ولا يقطع الصلاة ، وإلا فلا فائدة في غرز العنزة إذا كان الناس يمرون بينه وبينها ، بل يكون عبثا محضا ، سيما ولم يذكر الراوي منعهم من المرور لا باليد ولا بالتسبيح كما هو مقرر في محله ، وقد قال العلماء : والمعنى في طلب السترة ، منعها لمن مر بين يديه وشغله عما هو مطلوب منه ، من الخشوع والخضوع والحضور والمراقبة وسيأتي حديث : nindex.php?page=hadith&LINKID=10357278إذا وضع أحدكم بين يديه سترة فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك ، ( متفق عليه ) : قال ميرك : ولفظه للبخاري .