صفحة جزء
774 - وعن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض راحلته فيصلي إليها ، متفق عليه ، وزاد البخاري ، قلت : أفرأيت إذا هبت الركاب قال : كان يأخذ الرحل فيعدله ، فيصلي إلى آخرته .


774 - ( وعن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعرض راحلته ) : قال التوربشتي : أي ينيخها بالعرض بينه وبين القبلة ، - أي تكون معترضة بينه وبين من مر بين يديه ، من عرض العود على الإناء يعرض بضم الراء وكسرها وضعه عرضا ، وقال ميرك : هو بفتح الياء وكسر الراء ، وروي بضم الياء وتشديد الراء ، ومعناه يجعلها معترضة بينه وبين القبلة ، كذا قاله النووي في شرح مسلم ( فيصلي إليها ) ، أي : إلى راحلته ( متفق عليه ، وزاد البخاري ) ، أي : عن نافع على ما قاله ابن الملك ، وابن حجر ( قلت ) لابن عمر ( أفرأيت ) : أي أخبرني ظاهره أنه من كلام نافع ، والمسئول ابن عمر ، لكن بين الإسماعيلي من طريق عبيدة بن حميد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، أنه كلام عبد الله ، والمسئول نافع ، فعلى هذا هو مرسل ; لأن فاعل يأخذ هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يدركه نافع ، كذا أفاده الشيخ ابن حجر في شرحه للبخاري ، كذا نقله السيد جمال الدين ، وقال نجله ميرك شاه : فعلى هذا إيراد محيي السنة وصاحب المشكاة ليس بسديد لأنهما ذكرا في كتابيهما كلاما لم يذكر قائله فيهما ، مع أن يوهم خلاف الواقع اهـ .

ولذا وقع فيهما الشارحان المتقدمان ، ( إذا هبت ) : أي : قامت للسير ( الركاب ) : أي : الإبل يسير عليها الراكب ، الواحد راحلة لا واحد لها من لفظها ، أي : أخبرني كيف كان يفعل عند ذهاب الرواحل إلى المرعي ، وإلى أي شيء كان يصلي ; وفي القاموس : الهب والهبوب ثوران الريح والانتباه من النوم ونشاط كل سائر وسرعته ، وقول ابن حجر : استعمال الهبوب في الذهاب مجاز نشأ عن غفلة من الحقيقة ( قال : كان يأخذ الرجل فيعدله ) : بالتشديد ، وفي نسخة بالتخفيف مع فتح الياء ، قال ميرك : بتشديد الدال أي يسويه ويقومه ، كذا قاله شراح المصابيح ، وقال الشيخ ابن حجر : يعدله بفتح الياء وسكون العين وكسر الدال ، أي : يقيمه تلقاء وجهه ويجوز التشديد اهـ .

( فيصلي إلى آخرته ) : بالمد وكسر الخاء ، وفي نسخة بفتحات بلا مد ، ورجحها العسقلاني وقال : ويجوز المد أي خلف الرجل وهو ما يستند إليه الراكب ، قال ابن حجر : وينافي هذا قول الشافعي ولا يستتر بامرأة ولا دابة ، وجرى عليه في التتمة ، لكن بزيادة فقال : لا يستحب له أن يستتر بآدمي أو حيوان لشبهه بعبادة عابدي الأصنام ، لكن في الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي إلى راحلته اهـ .

ومن ثم قال النووي : ما قاله في المرأة ظاهر ; لأنها ربما شغلته ، وأما الدابة فقد ثبت أنه - عليه السلام - كان يعرض راحلته ، ويصلي إليها وكان ابن عمر يفعله ، فلعله لم يبلغ الشافعي ، ومذهبه اتباع الحديث فتعين العمل به .

[ ص: 642 ] إذ لا معارض له اهـ ، وفيه أنه إذا لم يكن له معارض فمن أين له النهي والتشبه بعبدة الصنم مدفوع فإنه إنما يكون في صورة المقابلة بالوجه ، ولذا ضرب عمر بالدرة على مثل ذلك ، ولا يظهر تعليل ما قاله في المرأة أنها ربما شغلته ; لأن العلة مشتركة ، ولأنه - عليه السلام - كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة ، وتخصيص الكراهة بالمستيقظ يحتاج إلى دليل وتقييد إطلاق كلام الشافعي ، على غير البعير المعقول في غير المعاطن في غاية من البعد ، وأبعد من هذا كلام الأذرعي لعل مراده إذا خشي بول الدابة أو نفورها فيتنجس أو يتشوش ، وأغرب من هذا كلام ابن حجر ، ومنه يؤخذ أن كل ما كره استقباله كجدار مزوق أو نجس لا يحصل التستر به فلا يحرم المرور ، فإن الراحلة لا تخلو عن نجاسة كما لا يخفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية